إسلاميو صاحب الجلالة: التجربة المغربية

من خلال التسوية والتعاون ومصلحة النظام، إستطاع العاهل المغربي الملك محمد السادس والحزب الإسلامي الحاكم “العدالة والتنمية” إيجاد أرضية لسياسة مشتركة نجحت في تسيير شؤون البلاد والعباد. كيف كان ذلك؟ وهل هذا التعاون سيدوم؟

الملك محمد السادس: تجربة ناجحة مع الإسلاميين حتى الآن
الملك محمد السادس: تجربة ناجحة مع الإسلاميين حتى الآن

الرباط – مصطفى الزيّاني

إسلاميو حزب “العدالة والتنمية” في المغرب مثل نظرائهم في تونس ومصر، نجحوا في الوصول إلى الحكومة في أعقاب إحتجاجات “الربيع العربي” في العام 2011. ولكن في حين أن حركة “النهضة” في تونس إنسحبت في وقت لاحق من الحكومة تحت ضغوط داخلية وخارجية، وأُلقي القبض على أعضاء جماعة “الإخوان المسلمين” في مصر، بمن فيهم الرئيس السابق محمد مرسي، ووُضِعوا في السجن، فقد نجح حزب “العدالة والتنمية” في المغرب في أن يبقى على رأس حكومة إئتلافية في المملكة، وليس هناك دليل على أن هناك أي تغيير في وقت قريب.
ما الذي يفسّر النجاح النسبي للإسلاميين في المغرب؟ يبدو أن الجواب يكمن في تصرف ملك المغرب والنهج الذي إتّبعه الحزب نفسه بالنسبة إلى الإصلاح والحكم واللذين شكّلا عاملين مهمَّين.
إن المغرب، على عكس تونس ومصر، يتمتع بنظام ملكي دستوري، ويمكن إرجاع جزء كبير من قوة حزب “العدالة والتنمية” إلى الطريقة التي إختارها الملك محمد السادس للتعامل مع الجهات الفاعلة السياسية المختلفة في البلاد، وخصوصاً في أعقاب “الربيع العربي”. لقد سمح نظامه منذ فترة طويلة للأحزاب السياسية العمل بحرية نسبياً، في حين عمل في الوقت عينه على إستخدام سياسة الجزرة والعصا لإحتواء معارضيه. دَمَج النظام المعارضة في المؤسسات السياسية وسمح لها المشاركة في السلطة والإستفادة سياسياً، في حين مارس قمعاً خفيفاً ضدها أيضاً.
بالإضافة إلى ذلك، كان العاهل المغربي سريعاً في إعتماد سلسلة من الإصلاحات السياسية لإحتواء الإحتجاجات في العام 2011. كان أهمها التعديل الدستوري التاريخي في تموز (يوليو) 2011 الذي يضمن مساحة أكبر لحرية التعبير، ومنح المزيد من السلطة الى مجلس الوزراء ورئيسه، رئيس الحكومة. ينص التعديل أيضاً على آليات لتعزيز الرقابة البرلمانية على الحكومة، ودعا إلى إنتخابات مبكرة، والتي جرت في تشرين الثاني (نوفمبر) 2011. وقد إعتُبِر التصويت في تلك الإنتخابات أكثر صدقاً وشفافية من سابقاتها، حيث أعطت عدداً وافراً من المقاعد في البرلمان المغربي إلى حزب “العدالة والتنمية” الإسلامي، الأمر الذي سمح له بتأليف وقيادة حكومة إئتلافية ضمت ثلاثة أحزاب غير إسلامية.
حزب العدالة والتنمية
يصف حزب “العدالة والتنمية” نفسه بأنه حزب سياسي مع إطار مرجعي إسلامي، ومنذ إنشائه في شكله الحالي في منتصف تسعينات القرن الفائت، فقد أظهر درجة عالية من المرونة. وعلى الرغم من المحاولات المبكرة من قبل النظام للحد من قوته، فقد إستطاع الحزب تدريجاً الإندماج في العملية السياسية السائدة، وهو الآن قوة وازنة في السياسة المغربية.
وكانت مرونة حزب “العدالة والتنمية” واضحة خلال تكشّف إضطرابات “الربيع العربي”. إن حركات الإحتجاج، التي إجتاحت مصر وتونس واليمن إبتداءً من مطلع العام 2011، كانت حركات جماهيرية طالبت بتنحّي وتغيير الأنظمة. ولكن لم يكن هذا هو الحال في المغرب، حيث سيطرت الطبقة الوسطى على حركة الإحتجاج، التي دعت إلى إصلاح النظام ، بدلاً من تغييره وإزالته.
من جهته، وضع حزب “العدالة والتنمية” وحلفاؤه في المجتمع المدني حسابات سياسية خاصة وقرروا عدم المشاركة في الإحتجاجات، وذلك لتجنب، ما وصفوه، نتائج غير مؤكدة وغير مرغوب فيها. وهذا يعكس إقتناعاً داخل الحزب الإسلامي بأنه لا يمكن أن يحدث أي تحوّل سياسي في المغرب من دون موافقة النظام الملكي، وإن أي تغيير سياسي يجب أن يأخذ في الإعتبار دور القصر.
لم يكن وصول الحزب لاحقاً على رأس الحكومة نتيجة لفوز كاسح. بدلاً من ذلك، كان نتاجاً لتطور تدريجي، من الفوز بتسعة مقاعد في الإنتخابات البرلمانية في العام 1997، إلى 47 مقعداً في العام 2007، وإلى 107 مقاعد في العام 2011. وعلى الرغم من وصول الإسلاميين إلى السلطة لأول مرة في المغرب، فإنهم لا يسيطرون على كل المقاليد؛ إن ممارسة هذه السلطة لا تزال تخضع لإتفاقات وتسويات بين القصر والجهات الفاعلة السياسية الأخرى.
وعلى الرغم من نهجهم التصالحي، فإن فترة حكم الإسلاميين لم تكن سلسة تماماً. في منتصف العام 2013، إنسحب حزب الإستقلال المحافظ من الحكومة الإئتلافية بسبب خلاف شخصي بين أمينه العام الجديد، حميد شباط، ورئيس الوزراء، رئيس حزب “العدالة والتنمية” عبد الإله بنكيران. الواقع أن الديناميات السياسية الإقليمية — تحديداً الإنقلاب العسكري في مصر الذي أطاح محمد مرسي والضغوط من بعض دول الخليج لتهميش الإسلاميين—ألقت بظلالها في وقت مبكر على تجربة الإسلاميين في قيادة الحكومة المغربية.
للحفاظ على الإستقرار السياسي في البلاد، وفي الوقت عينه إمتصاص الضغوط الخارجية لإزالة الإسلاميين من السلطة، توصّل النظام الملكي والحزب إلى إتفاق ضمني: قدّم حزب “العدالة والتنمية” تنازلات مؤلمة حيث تخلّى عن بعض الحقائب الوزارية الأساسية لحلفاء النظام، فيما أبقى القصر الحزب على رأس الحكومة. لمواجهة الضغوط الخليجية، تم إبعاد حزب “العدالة والتنمية” من وزارة الشؤون الخارجية والتعاون. وبالإضافة إلى ذلك، سُمِّي تكنوقراط فرنكوفوني ليكون وزيراً للتربية والتعليم. وزاد القصر أيضاً عدد الوزراء التكنوقراط غير الحزبيين الذين يتمتعون بعلاقات وثيقة مع القصر في وزارات رئيسية عدة أخرى، بما في ذلك الداخلية. بعد التعديل الحكومي، سيطر وزراء حزب “العدالة والتنمية” على أقل من 8 في المئة من الموازنة العامة للدولة.
البراغماتية السياسية
طوال هذه الفترة، كانت شعبية بنكيران ترتفع مع زيادة تعرّف الناس إليه، الأمر الذي شجّع الملك للعمل مع حزب “العدالة والتنمية”. وفي الوقت عينه، أشار بنكيران في كثير من الأحيان إلى إحترامه للملك، وكان حريصاً على عدم تحدّي سلطته الرمزية والدينية وسلطاته السياسية بالنسبة إلى أهم القضايا التي تواجه قادة المغرب. هذا النهج عمّق الثقة بين الرجلين، مما أدى إلى وجود علاقة قوية يذكرها رئيس الوزراء في كثير من الأحيان. ولكن هذه العلاقة قد أدّت أيضاً إلى شكاوى من منتقدي رئيس الحكومة، الذين إتهموه بأنه “ملكي أكثر من الملك”.
أدرك الإسلاميون في المغرب وفهموا بأن البقاء في السلطة يتطلب الدعم القوي من القصر — وأن أي مشروع لا يمكن أن ينجح من دون موافقة القصر. وتعكس العلاقة بين عبد الإله بنكيران والملك هذا الأمر، ويستند ذلك على توزيع واضح للأدوار: لا ينازع بنكيران صلاحيات الملك و، في المقابل، يدعم الملك الإصلاحات التي يقترحها رئيس الوزراء. هذا ينطبق أيضاً على علاقة الملك مع باقي الوزارات في المغرب: من المفهوم جيداً أن أهم الأمور لا تزال في يد الملك، في حين أن التعامل مع الشؤون اليومية تقوم به الحكومة.
هذا الإدراك لكيفية إدارة العلاقات مع النظام الملكي في المغرب ليس جديداً. وهو نتيجة لسنوات من الخبرة وقد تبلور في شعار قديم يستخدمه الإسلاميون السياسيون المعتدلون في المنطقة، “مشاركة لا هيمنة”.
بالنسبة إلى الإسلاميين في المغرب، هذا يعني اللعب حسب قواعد النظام الملكي، ولكن من دون الوقوف والتحالف بشكل كامل مع القصر. على سبيل المثال، كان الإسلاميون حريصين على النأي بأنفسهم عما يُسمَّى الدولة العميقة (أو، باللهجة المغربية، المخزن) من طريق التحدث علناً ضد إنتهاكات مزعومة لحقوق الإنسان، وتزوير الإنتخابات، والممارسات الإستبدادية الأخرى. في بعض الحالات، مثل عندما إتهم حزب “العدالة والتنمية” وزارة الداخلية بالمحسوبية في الفترة التي سبقت الإنتخابات، تسبب الأمر بالتوتر بين الحزب والنظام.
بعد إنقلاب تموز (يوليو) 2013 في مصر الذي أطاح مرسي، خلصت قيادة حزب “العدالة والتنمية” إلى نتيجة بأن المناخ العدائي الذي يواجه الإسلاميين في جميع أنحاء المنطقة يمكن أن يؤثّر في فترة الحزب في السلطة. لذا، تجنّب قادة حزب “العدالة والتنمية” إعلان أنواع من المواقف المتصلّبة التي أدّت إلى تهميش حزب “الحرية والعدالة” التابع لجماعة “الإخوان المسلمين” في مصر، وبدلاً من ذلك فقد أبدوا براغماتية ملحوظة في إدارة الإئتلاف الحاكم. في تشرين الأول (أكتوبر) 2013، عندما سحب حزب الإستقلال وزراءه إضطر حزب “العدالة والتنمية” إلى تشكيل حكومة إئتلافية جديدة، حيث أقدم الحزب على تحركات عدة إستيعابية؛ بعد مفاوضات صعبة، سمح لأحزاب الموالاة وشخصيات تكنوقراط معروفة بصلاتها القريبة من القصر بالسيطرة على وزارات رئيسية.
في الواقع، أظهر حزب “العدالة والتنمية” شهية قليلة لمناصب الدولة الرئيسية. وقد تم تعيين أعضاء الحزب في حوالي دزينة فقط من بعض المواقع العامة ال400 الرفيعة المستوى التي مُلِئت في السنوات الثلاث الأولى من حكم الحزب، وفقاً لتنظيم إعتمدته الحكومة. وقال مسؤولو الحزب أن هذا الأمر يعكس رغبة الحكومة في أن تؤسّس لعملية التعيينات العامة التي يجب أن تكون وتقوم على مبدأ الجدارة وليس على المحسوبية التي إعتمدتها الأحزاب الحاكمة السابقة. في حين كان هذا تغييراً مهماً، فإنه لم يَجرِ تطبيقه بدقة في جميع القطاعات بسبب المقاومة من البيروقراطيين داخل المؤسسة الرسمية المغربية.
عزّز قادة الحزب أيضاً نموذجاً للإصلاح التدريجي، معتبرينه أفضل وسيلة لإعادة بناء الثقة في المؤسسات العامة المغربية، وفي الوقت عينه، مضوا قدماً في التغييرات المهمة. على سبيل المثال، أقدم حزب “العدالة والتنمية” على إصلاحات إقتصادية مؤلمة ولكن تشتدّ الحاجة إليها في العديد من المجالات، بما في ذلك نظام الدعم والإعانات وميزان الحساب الجاري.
لقد حقّق الحزب بعض المكاسب في وقت مبكر على الجبهة الإقتصادية. وتَحسَّنَ جرّاء ذلك ترتيب المغرب في الدراسات الإستقصائية الدولية في بيئات العمل والشفافية. وبالإضافة إلى ذلك، بحلول كانون الاول (ديسمبر) 2014، إستطاعت الحكومة، بالعمل مع مجتمع الأعمال، إسترداد أكثر من 27 مليار درهم (2.7 ملياري دولار) تم تهريبها إلى خارج البلاد خلال العقد السابق. هذا الإنجاز – حيث كان من المتوقع أن يسترد 5 مليارات درهم فقط – هو علامة على أن الحكومة الحالية قد كسبت ثقة رجال الأعمال. وعزّزت هذه الخطوات موقف حزب “العدالة والتنمية” في عيون النظام الملكي، الذي يرى بأن الحزب يلعب دوراً مهماً في تحسين الإقتصاد الوطني والحفاظ على الإستقرار السياسي.
لماذا يدعم القصر الإسلاميين؟
عُرِفَت الملكية المغربية دائماً بمرونتها في علاقاتها مع الأطراف الأخرى والجهات الفاعلة الإجتماعية من أجل تعزيز رؤيتها الإستراتيجية للبلاد. وعلاقتها مع الإسلاميين ليست إستثناءً. خلق القصر أحزاباً موالية مع إيديولوجيات مختلفة للسيطرة على موازين القوى السياسية في المملكة، وإستخدم الصراع بين الإسلاميين والأحزاب العلمانية لوضع نفسه كحكم بين الطرفين.
إن دعم القصر لحكومة بنكيران أملته حسابات دقيقة؛ ليس هناك من سبب لتنفير ومعاداة الإسلاميين طالما أنهم يلتزمون قواعد اللعبة السياسية — وطالما كلٌّ من القصر والحزب يستفيد من تحديث الدولة والإصلاحات في المدى المتوسط التي طرحها الإسلاميون.
الواقع أن القصر مقتنع بأن المصلحة الوطنية تكمن في دعم الحكومة الحالية لسببين رئيسيين: الأول هو أن الحكومة الحالية تتمتع بشرعية إنتخابية وشعبية واسعة. وأظهر إستطلاعٌ أُجري في آذار (مارس) الفائت أن 62 في المئة من المغاربة لهم رأي إيجابي من الحكومة ورئيسها بنكيران. إن الشعبية المستمرة لحزب “العدالة والتنمية” تحمي القصر من الإتهامات السابقة التي تزعم بأن الحكومات التي شكّلها كانت مجرد واجهات تفتقر إلى الجاذبية الشعبية الحقيقية.
والثاني، والأكثر أهمية، هو أن السبب وراء دعم القصر لحزب “العدالة والتنمية” يكمن في أن الحكومة مستعدّة للمضي قدماً في الإصلاحات التي تشتد الحاجة إليها، على الرغم من معرفتها الكاملة بأن ذلك قد يهدّد شعبية الحزب. هذه الإصلاحات، بما فيها تغييرات بالنسبة إلى الدعم، والتقاعد، وأنظمة العدالة — تؤثر في حياة السكان اليومية بشكل مباشر. لقد تجنبت الحكومات السابقة إتخاذ مثل هذه الخطوات نظراً إلى عدم الإستقلالية أو الخوف من فقدان شعبيتها. ولكن فيما تواجه الحكومة الإسلامية هذه التحديات، فإن القصر محميٌّ إلى حد كبير. إذا نجحت الإصلاحات، فإن القصر سيستفيد من دعمه الحكومة؛ وإذا فشلت، فلا يمكن إلقاء اللوم عليه لأنه لم يعد يتدخل في الشؤون اليومية للبلاد.
إن الدعم الملكي للحكومة يمكن أن يكون رمزياً، وأخلاقياً، أو لوجستياً. وأياً كان شكله، فإن المشاريع التي تتمتع بدعم من الملك هي دائماً أسرع في التنفيذ والتقدّم.
من ناحية أخرى يعطي حزب “العدالة والتنمية” القصر وحلفاءه الفضل بالنسبة إلى مبادرات حكومية عدة. على سبيل المثال، قال بنكيران أن القصر ووزارتا الداخلية والمالية هي المسؤولة عن نجاح صندوق أنشئ لدعم النساء الأرامل والمطلّقات.
ويُمكِن أيضاً أن يُنظّر إلى قيمة الدعم الملكي في جهود إصلاح العدالة في البلاد، التي تهدف إلى ضمان إستقلال وحياد القضاء، وإستعادة ثقة الجمهور به، وزيادة الكفاءة لديه. إن إصلاح القطاع يساعد حزب “العدالة والتنمية” على مواجهة ثقل وزارة الداخلية، التي يصطدم معها بشكل متكرّر. ومن شأن تحسّن نظام العدالة أيضاً تعزيز مصداقية القصر.
في صيف 2013، منح العاهل المغربي ميدالية ملكية لوزير العدل والحريات مصطفى الرميد من حزب “العدالة والتنمية”. وإعتبرت هذه الخطوة رمزية وتقديراً لجهود الرميد على رأس اللجنة العليا للحوار الوطني حول إصلاح العدالة لأكثر من عام. كما كلف الملك الرميد بزيارة فرنسا في نهاية كانون الثاني (يناير) 2015 للتفاوض مع وزير العدل الفرنسي بشأن إستئناف العمل حول إتفاقية التعاون القضائي، والتي تسمح بتقاسم المعلومات وتبادل السجناء. وكانت الإتفاقية قد جُمِّدت في العام الماضي بسبب التوترات بين البلدين جراء شكاوى قانونية على التعذيب المُقدَّمة ضد رئيس المخابرات المغربية خلال زيارته لفرنسا في شباط (فبراير) 2014 والتفتيش المُهين لوزير الشؤون الخارجية المغربي في مطار باريس في آذار (مارس) 2014.
ومع ذلك، كانت الإنتخابات مسألة خلافية بين القصر وحزب “العدالة والتنمية” لفترة طويلة. وقد إدّعى الأخير بأن وزارة الداخلية قامت برقابة خاطئة للإنتخابات الأمر الذي أدى إلى العديد من حوادث التزوير، وإتهم الوزارة بالتلاعب بالإنتخابات لصالح الأحزاب الموالية للقصر.
مع وصول الإسلاميين إلى السلطة، فقد عمل القصر على إظهار حياده عندما يتعلق الأمر بمنافسة بين الأحزاب السياسية. في إجتماع وزاري في منتصف تشرين الاول (أكتوبر) 2014، أعلن الملك أن هيئة جديدة ستنشأ للإشراف على الإنتخابات البلدية لعام 2015. ويرأس اللجنة الجديدة كلٌّ من وزير الداخلية (محمد حصاد مستقل مقرَّب من القصر) ووزير العدل والحريات (مصطفى الرميد، من حزب العدالة والتنمية). وهذه هي المرة الأولى التي تشارك فيها وزارة العدل في هذه العملية، وهذا التورط يمكن أن يصبح سيفاً ذا حدّين للإسلاميين. إذا حدث خلل في عملية التصويت مرة أخرى، فإن مشاركة الوزارة ستجعل من الصعب على حزب “العدالة والتنمية” التنديد بإجراء الإنتخابات.
ولكن، إلى متى ستدوم هذه العلاقة؟
الواقع كان سلوك العاهل المغربي، فضلاً عن حزب “العدالة والتنمية” نفسه، على حد سواء حاسماً للنجاح النسبي الذي حققه الإسلاميون في البلاد حتى الآن. وللمضي قدماً، يبدو أن النظام الملكي، على الأقل في المدى القصير، سيبقى راضياً عن الحكومة الحالية، وسوف يعتمد عليها طالما أن لديها شرعية إنتخابية، وطالما أنها لا تشكل تهديداً لمصالحه.
ومع ذلك، فإن نتائج الإنتخابات المحلية والإقليمية المقبلة، التي من المتوقع أن تجري في أيلول (سبتمبر) المقبل، سوف تحدِّد ما إذا كان سيستمر النظام الملكي في متابعة هذه العلاقة أو –إذا تغيّرت الخريطة الإنتخابية– سوف يسعى إلى حلفاء جدد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى