النفط الرخيص لن يقضي على الإستكشاف والتنقيب

في ظل هبوط أسعار النفط والغاز تسعى الحكومات المنتجة للمواد الهيدروكربونية إلى التكيّف مع الوضع الحالي على أمل أن تعود الأسعار إلى الإرتفاع. وفي هذا المجال يسعى بعضها إلى سن قوانين ووضع حوافز لجذب رؤوس أموال للإستثمار في مشاريع نفطية ضخمة تحضيراً للفترة المقبلة، ولكن هل هناك من نتيجة؟

النفط في كردستان العراق: القوانين المحفزة أنعشت القطاع
النفط في كردستان العراق: القوانين المحفزة أنعشت القطاع

لندن – هاني مكارم

للمرة الثانية خلال عشر سنين تشهد أسعار النفط هبوطاً كبيراً. وإذا بقيت الطاقة رخيصة نسبياً لبضع سنوات، يتوقع الخبراء أن تتبع ذلك إعادة رسم هائل للمشهد الإقتصادي والسياسي.
بعض العواقب من السهل التكهن به — لأنه يقع أو يحدث في كل مرة تنخفض فيها أسعار النفط. من جهتها ستكون الصين والهند والولايات المتحدة والدول المستوردة للنفط الأخرى مستفيدة لأن إنخفاض تكاليف الطاقة سوف يحرّر المال للنمو في القطاعات الأخرى. وكما كان الوضع في الماضي، فمن المرجح بأن البلدان المصدرة للنفط الرئيسية –روسيا وبلدان الشرق الأوسط وأميركا اللاتينية– سوف تواجه ضغوطاً لتبنِّي إصلاحات واسعة النطاق في قطاع الطاقة لجذب إستثمارات جديدة خاضعة للضريبة.
يمكن للنفط الأرخص أيضاً أن يرسم مشهداً جيو-إقتصادياً بطرق أكثر دهاءً. بالطبع، قد تُجبِر الأسعار المنخفضة بعض منتجي النفط والغاز على وقف الحفر، لأن بعض الحقول لن يكون مجدياً إقتصادياً. ويمكن أيضاً أن يقلّل ذلك من الموازنات الرأسمالية في أكبر الشركات النفطية، التي تواجه أرصدتها النقدية إرهاقاً فعلياً في بيئة اليوم. لكن تراجع الأسعار قد يخلق أيضاً فرصة كبيرة لمشاريع جديدة للتنقيب عن النفط، مثل الحقول الهيدروكربونية في المياه العميقة، والتي لها فترات زمنية طويلة (5-8 سنوات) ولا تعتمد على أسعار النفط الحالية – شريطة أن تجذب هذه المشاريع التمويل من أجل البنية التحتية الحيوية، مثل خطوط أنابيب جديدة. وفعلياً، لقد أظهرت هذه المشاريع مرونة مفاجئة فيما فائض النفط المعروض من منصات الحفر يدفع إلى خفض تكاليف الإستكشاف والتنمية.
الواقع أن الرابحين في هذا العالم النفطي الرخيص الجديد ستكون الشركات التي لديها النقد للإنفاق والحكومات التي هي جيدة في جذب إستثمارات جديدة نادرة. ويمكن أن تكون النتيجة حدوث تحوّل في إستكشاف النفط – حفر آبار جديدة في حقول جديدة – بعيداً من الأحواض التقليدية إلى أماكن لم يتم الإستكشاف والتنقيب فيها، مثل شرق أفريقيا وحتى العراق. وإذا ما أُديرَت الأمور بشكل جيد والإقتصادات تبدو مواتية للمستثمرين، فيمكن أن تشهد السنوات القليلة المقبلة تنويعاً في عملية عرض النفط العالمي – وهو شيء جيد لجميع مستهلكي الطاقة الكبار لأن أمن النفط هو أولاً وقبل كل شيء عمل يقوم على التنوّع.
معلومات معروفة ولكن…
إن توقّعَ أي شيء عن النفط وأسعاره هو من الأعمال الخطرة. ولكن بعض آثار هبوط السعر من السهل تخمينه أو توقّعه.
بالنسبة إلى بلد يستهلك الكثير من النفط، فإن التأثير الإقتصادي لخفضٍ كبير في أسعار النفط هو مماثلٌ لإنخفاضٍ في الضرائب بالنسبة إلى المستهلكين. فإنه يترك المزيد من المال في جيوبهم لأنهم ينفقون أقل على البنزين، ويخفّض تذاكر الطيران والنقليات العامة، ويدنّي الإنفاق على الأنشطة الأخرى التي تستخدم النفط. ويمكنهم في هذه الحالة بدلاً من ذلك الإنفاق على أشكال أخرى من الإستهلاك، وكل هذا يضيف إلى مزيد من النمو الإقتصادي. في العديد من البلدان خارج أميركا الشمالية، فإن سعر الغاز الطبيعي — وبالتالي سعر الكهرباء- تمليه جزئياً أسعار النفط، حيث عندما تهبط، ففي كثير من الأحيان تنخفض معها أسعار جميع أشكال الطاقة أيضاً.
مقارنة مع معظم البلدان الأخرى، فمن المرجح أن تكون الولايات المتحدة أكبر دولة مستفيدة إقتصادياً على مستوى العالم من النفط الرخيص. تستخدم البلاد ما يقرب من 19 مليون برميل من النفط يومياً، وهو ما يقرب من ضعف إستهلاك الصين. وعلى الرغم من أن أميركا هي أيضاً منتجة كبيرة للنفط — من المرجح أن تتفوّق على روسيا ثاني أكبر منتج للنفط في العالم، بل وربما على المملكة العربية-السعودية— فإن البلد ما زال يستورد ما يقرب من نصف البترول الذي يحرقه. والأسر الأميركية التي تنفق أكبر جزء من دخلها على الطاقة تميل إلى أن تكون الأكثر فقراً. بالنسبة إلى تلك الأسر، فإن النفط الرخيص يؤدي دائماً تقريباً إلى الإنفاق أكثر على أمور أخرى، وبالتالي إفادة أكبر لمختلف قطاعات الإقتصاد.
وهناك تأثير آخر يمكن التنبؤ به من النفط الرخيص يكمن في الآثار المحتملة في سياسات البلدان التي تعتمد على صادرات النفط للحصول على الإيرادات. يرتبط المال من الصادرات إرتباطاً وثيقاً ببعض مشاكل السياسة الخارجية الأكثر صعوبة في العالم. ويرجع هذا جزئياً إلى أن الدول الغنية بالنفط لا تهتم أو تقلق كثيراً بالنسبة إلى آراء الأعضاء الآخرين في المجتمع الدولي. وفي البلدان التي توجد فيها إضطرابات مدنية، فانه يعود جزئياً إلى الأموال التي يمكن أن يحصل عليها المتمرّدون من طريق سرقة النفط من خطوط الأنابيب.
النفط الأغلى يسمح أيضاً للدول تجنّب الإصلاحات الإقتصادية ويحمي إقتصاداتها من المنافسة الإقتصادية العالمية، في حين أن النفط الأرخص له تأثير معاكس. يمكن أن يساعد النفط الرخيص أيضاً الغرب على التفاوض مع إيران. في الواقع، لقد وضعت العقوبات الحالية فعلياً ضغوطاً هائلة على هذا البلد المصدّر للنفط؛ وأن إنخفاض العائدات سيضيف المزيد من الضغط.
العوامل المؤثِّرة في الإستثمار
على الرغم من أن العديد من آثار النفط الرخيص من السهل التنبؤ به، فإن الذي يبدو أقل وضوحاً بكثير هو كيف سيؤثّر ذلك في أنماط الإستثمار للتنقيب عن النفط الجديد وتنميته. مع إنخفاض أسعار النفط إلى الحضيض، فإن رأس المال المتاح لإستكشاف أحواض جديدة يضيق. لقد صارت الشركات صعبة الإرضاء بالنسبة إلى المكان الذي تستثمر فيه أموالها. غالبية شركات النفط والغاز الكبرى قد قلّصت موازنات رأسمالها الإستثماري في العام 2015. والبلدان التي تسعى إلى جذب إستثمارات جديدة عليها الآن التنافس بجدية أكبر مع دول وأحواض أخرى. وما يرجّح أن يترتّب عن ذلك هو سباق محموم بين الدول لتصبح مكاناً جذاباً للإستثمار.
سوف تكون المنافسة في أنواع عديدة من التنقيب وإنتاج النفط. ومن الأمثلة على ذلك التنقيب عن المواد الهيدروكربونية في “المياه العميقة”، التي هي رائدة حالياً في أسواق النفط والغاز لأنها واحدة من أهم مصادر الإنتاج الجديد. على مدى العقد الفائت، نما الإنتاج من المياه العميقة بشكل كبير — جرّاء التحسينات في تكنولوجيا التصوير الزلزالي وتحركات شركات النفط الكبرى الهادفة إلى توسيع محافظها الإستثمارية. في الواقع، إن الإكتشافات في المياه العميقة قد زادت أكثر من أربعة أضعاف خلال هذا الإطار الزمني، وكذلك الإستثمار في هذه الحقول. وبعد، فإن إنتاج النفط والغاز في المياه العميقة قد إرتفع أكثر من الضعف إلى 13 مليون برميل من النفط المكافئ يومياَ. وبالتطلع إلى العقد المقبل، فإن توقعات موثوقة ترى بأن المياه العميقة سوف تشكّل ما يقرب من 30 في المئة من إمدادات النفط الجديد- تقريباً بقدر ما سيسهم النفط الصخري.
عندما كانت أسعار النفط مرتفعة، فإن عدداً قليلاً لاحظ حقيقة أن تكلفة التنقيب والتنمية في المياه العميقة قد إرتفعت، في المتوسط، 40 في المئة على مدى خمس إلى سبع سنوات. وكان نقص سلسلة التوريد والتعقيد المتزايد للتركيبة الجيولوجية في المياه العميقة جزئياً هما السبب، ولكن كان هناك أيضاً عاملان أكثر أهمية دفعا التكاليف إلى أعلى. واحدٌ هو إرتفاع حصة أرباح حقول النفط التي تأخذها الحكومات، وغالباً ما يشار إليها بإسم “حصة الحكومة”. والآخر هو محتوى السياسات المحلية الصارم كثيراً، والذي يتطلب تصنيع المعدات في مصانع وطنية وتنفيذ المشاريع في البلاد بواسطة عمال، وخدمات، وموردي معدات محليين. وعلى الرغم من أن هذه القواعد، إذا ما نُفِّذت بشكل جيد، توفّر المال في نهاية المطاف، وتساعد على بناء صناعات وطنية، فهي حتى الآن خلقت في الغالب نقصاً في سلسلة التوريد وأدّت إلى إرتفاع التكاليف، لأن العديد من البلدان يفتقر إلى قدرات للإمتثال إلى القواعد. إن الوقت اللازم لبناء هذه السلاسل المحلية للتوريد هو عادة أطول بكثير مما يسمح به الوقت المحدَّد لتنفيذ المشروع.
من ناحية أخرى، تردع التكاليف المرتبطة بالحكومة الإستثمار في البلدان التي كانت أخيراً بؤر إستثمار في المياه العميقة. البرازيل هي مثالٌ على ذلك. لسنوات عديدة، شهدت البرازيل إنخفاضاً في مستويات الإنتاج. وإستجابت لذلك بإطلاق سياسة الباب المفتوح وسياسات داعمة، وأصبحت الشركة المملوكة للدولة رائدة عالمية في الصناعة الهيدروكربونية في المياه العميقة جداً. ومع ذلك، بعد إكتشافات ما قبل الملح في أواخر العقد الفائت، فُرِضَت قيودٌ جديدة، بما في ذلك متطلبات أكثر صرامة للمحتوى المحلي. في حين أن قواعد المحتوى المحلي حسنة النية، فإنها قد أدّت إلى إختناقات سلسلة التوريد، وتضخم التكاليف، وعدم وجود الشفافية. ونتيجة لذلك، قد تكون مواعيد التسليم والتكاليف أعلى بكثير من المعايير الدولية.
وبالمثل، في نيجيريا، فقد لعبت السياسات الجديدة دوراً في إتجاهات الإستثمار في نشاط التنقيب البحري، والذي بدأ ينخفض منذ خمس سنوات على الرغم من إمكانات البلاد الشاسعة. اليوم، تأخذ الحكومة في نيجيريا ما يقرب من 70 في المئة من أرباح النفط، على النقيض من موزامبيق والسنغال، حيث تأخذ الحكومة في هذين البلدين حوالي 50 في المئة.
الخبر السار هو أن الشركات التي لديها رأس المال للإستخدام في التنقيب والتنمية في المياه العميقة لا تزال لديها فرص جذابة للقيام بذلك. سوف يأتي النمو الجديد في المياه العميقة في جزء منه من أحواض لم تُكتَشف بعد، حيث الحكومات المضيفة حريصة على جذب الرأس المال الأجنبي. ويتجلّى هذا التحوّل أكثر وضوحاً في أفريقيا، حيث نمت مبيعات التراخيص وحصص رأس المال لتطوير كتل المياه العميقة ما يقرب من 20 في المئة سنوياً منذ العام 2000. وبحلول العام 2025، من المتوقع أن تشهد تنزانيا وموزامبيق أكبر نمو في إنتاج الغاز الجديد الذي يشكّل عشرة في المئة من المجموع، بينما يتوقع أن يميل نشاط التنقيب عن النفط في غرب أفريقيا بعيداً من نيجيريا وأنغولا نحو بلدان مثل غانا والسنغال.
في الوقت عينه، إن التكاليف الحقيقية للحفر — التي تشكّل اليوم بين 30 إلى 40% من التكلفة الإجمالية لمشروع المياه العميقة — هي في إنخفاض. لقد تراجعت المعدّلات العالمية اليومية للمنصة بشكل حاد من ذروة بلغت 700،000 دولار يومياً في العام 2013 الى ما يصل الى 300,000 دولار في كانون الاول (ديسمبر) 2014، والفضل يعود إلى وفرة المعروض من المنصات الجديدة في المياه العميقة التي تدخل الآن إلى السوق. إن إنخفاض التكاليف اليوم هي أخبار جيدة للمشاريع التي هي حالياً في مرحلة الإستكشاف، ويتوقع أن تنتج بعد خمس إلى ثماني سنوات من الآن، حيث قد تكون الأسعار أعلى بكثير. وبينما يركّز المنطق الذي ذكرناه هنا على إمدادات المياه العميقة، فإن المنطق الأساسي عينه ينطبق على كثير من الحدود الأخرى في مجال إستكشاف وإنتاج النفط، مثل الحقول البرية غير التقليدية المعقدة.
في هذا العصر الجديد، سوف تكون السياسات الحكومية هي التمايز الأساسي بين الدول التي تحصل على الإستثمار وتلك التي لن تحصل عليه، بعدما جعل إنخفاض أسعار النفط رأس المال للتنقيب نادراً. هناك أشياء عدة يمكن القيام بها والتي يمكن أن تكون في حد ذاتها أكثر جاذبية.
التحدّيات الجديدة
الفرص المتاحة في هذه الجغرافيا الإقتصادية للنفط ليست مضمونة. إذا جرى التعامل معها بصورة سيئة، فإن آفاقاً جديدة للإستثمار لن تتحقق. ولكن إذا كان التعامل معها بشكل جيد، فإن الإيجابيات يمكن أن تكون هائلة.
موزامبيق هي مثالٌ واعد للممارسة الجيدة… موطنٌ لبعضٍ من أكبر إكتشافات الغاز الأخيرة في المياه العميقة، فقد أصدرت حكومة البلاد تشريعات في أواخر تشرين الثاني (نوفمبر) 2014 حدّدت بموجبها المعلمات المالية والقانونية الطويلة الأجل للشركات العالمية التي تستثمر مليارات الدولارات في تطوير حقل واسع النطاق للغاز ومنشأة للغاز الطبيعي المسال في موزامبيق. ويشمل القانون الجديد مدة 30 عاماً من المشروع حيث يتضمّن شروطاً ملائمة للمستثمرين مثل الإطار الضريبي على المدى الطويل – الذي سوف يعاد النظر فيه بعد عشر سنين و 20 سنة على أول شحنة من الغاز الطبيعي. وقد أشاد صندوق النقد الدولي بالإستقرار المالي والقانوني الذي يوفّره القانون، مشيراً إلى أن المرسوم الموزامبيقي سيكون بمثابة “مثال ومعيار” لمثل هذه الإتفاقات في بلدان أخرى.
أمثلة عدة كثيرة غيرها موجودة أيضاً. في العراق، أدّت إستثمارات ضخمة في إقليم كردستان إلى توسيع إنتاج البلاد، وكان ذلك ممكناً بفضل سياسات واقعية حول ما يحتاج إليه المستثمرون الأجانب. وقد ساعدت الحكومات الأجنبية، ولا سيما الولايات المتحدة، في المجالات التقنية والأمنية — بما في ذلك الأمن الضروري والدعم المالي للمستثمرين الأجانب. وتلعب الشركات أنفسها أدواراً رئيسية – على سبيل المثال، من خلال التركيز على كيفية تحويل ذلك الإقليم الجاف إلى منطقة تنتج النفط مع التقليل من إستخدام المياه الشحيحة.
سوف تحتاج القوى العالمية أيضاً إلى مساعدة منتجي النفط الجدد على خلق التوازن الصحيح بين توليد فرص العمل والمهارات المحلية، من جهة، وفرض تكاليف باهظة على المشاريع الجديدة التي قد تؤثر على القدرة التنافسية من جهة أخرى. إن المنظمات الإنمائية المتعددة الأطراف، والدول التي كانت لها تجربة مباشرة مع هذه السياسات، يمكن أن تقدم هذا النوع من الدعم — كله متجذّر في المنطق الذي يفيد بأن المستورد للنفط سوف يستفيد من إمدادات أكثر تنوّعاً من النفط وأن مصدّري النفط الجدد سوف يستفيدون من الإيرادات التي إستحقوها عن جدارة.
إن السياسات التي يمكن أن تتكيَّف مع ظروف العالم الحقيقية، ويتم تعديلها حسب الوتيرة التي تنشأ عن الصناعات المحلية، يمكن أن تكون بداية جيدة نحو تحقيق التوازن. والإصلاحات في المكسيك هي مثالٌ جيد. تعتمد تلك الدولة الآن على تغييرات هائلة في سياسة الطاقة لجذب الإستثمار الأجنبي، وتتبع أفضل الممارسات في البلاد في قطاعات النفط والغاز والكهرباء. بالفعل تبدو المكسيك بأنها تتكيّف مع شروط المستثمرين الأجانب الذين يريدون التنقيب عن النفط، رداً على هبوط أسعاره.
ولكن الأثر الأكبر في الإقتصاد العالمي من إنخفاض أسعار النفط قد يأتي من مصدّري النفط الحاليين الذين ينبغي عليهم مواجهة الحقائق الإقتصادية. إن الألم المالي والسياسي الناتج من هبوط عائدات النفط قد يكون فرصة لهذه الدول لفتح القطاع الهيدروكربوني أمام الشركات والممارسات الدولية وتطوير مزيد من الترابط مع الإقتصاد الدولي.
يكاد يكون من المؤكد، بأن الأسعار العالمية سوف ترتفع فيما الإستثمار في الإمدادات الهامشية مثل الصخر الزيتي في الولايات المتحدة يتقلَّص والنفط الفائض يعمل من وضمن النظام. الأسعار الحالية – تتراوح بين 45 و56 دولاراً عند كتابة هذه السطور– ليست عالية بما يكفي لدعم إستثمارات جديدة ضخمة في حقول النفط الصخري المهمة التي قد تكون هناك حاجة إليها لإستبدال تراجع الإنتاج من الحقول القائمة. ولكن هذه العملية سوف تستغرق بعض الوقت، والأسعار يمكن أن تبقى متدنية بشكل مفاجىء فيما الطلب العالمي يسير ببطء نحو الإنتعاش. في الواقع، إن سياسات كفاءة الطاقة والإستثمار في بدائل النفط لا تزال جارية على قدم وساق، مما يوحي بأن مفاجآت في الطلب على النفط قد تبقي أسعاره بعيداً من العودة إلى الإرتفاع الذي كنا نعرفه. إن الجغرافيا الإقتصادية الجديدة للنفط سوف تكافىء الدول والشركات التي تتعامل مع هذا الواقع الجديد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى