الأزمة الأوروبيّة تفرض على المغرب تنويع صادراته وأسواقه

من المتوقع أن تتواصل الأزمة الإقتصادية والمالية في منطقة اليورو لفترة غير قصيرة، بسبب مشاكل بنيوية تتمثل في ضعف التنافسية مع الإقتصادات الصاعدة، وإرتفاع مديونية معظم الدول الأوروبية، وتزايد بطالة المتعلمين الشباب، وضعف الخصوبة لدى الأسر الحديثة، وإتجاه المجتمعات نحو الشيخوخة، فضلاً عن تفاقم صعوبات صناديق التقاعد والتحوّط الاجتماعي، وفقدان الدور التاريخي في الريادة والإبتكار.
وأفاد تقرير صادر عن “مكتب الدراسات الإستراتيجية، في مجموعة “المكتب الشريف للفوسفات”، بأن النمو المتوقع في الإقتصادات الأوروبية سيظل ضعيفاً ولن يتجاوز متوسط معدل 2 في المئة على الأكثر حتى العام 2018، مع وجود دول ستحقق نمواً أقل، وقد يستمر الوضع إلى العام 2030، حيث توقّع التقرير أن يستقر النمو عند 1.4 في المئة في فرنسا ونحو 1.3 في المئة في ألمانيا.
وعلى المدى البعيد وبحلول العام 2060، سيكون صعباً على أوروبا أن تستعيد قوتها الإقتصادية التي إستمرت قرنين، وإنتهت بإندلاع الأزمة الإقتصادية العالمية في العام 2008. وهناك عوامل داخلية وخارجية لا تساعد في عودة قوة أوروبا، ليس أقلها خلافاتها العميقة حول السياسات المالية والنقدية والإقتصادية، وتزايد المنافسين الصاعدين من خارج القارة، والإستقطاب الأميركي والصيني والروسي لدول داخل الإتحاد، فضلاً عن إتجاه الناخبين نحو مزيدٍ من التطرف والتشدد.
ودعا التقرير القائمين على الإقتصاد المغربي، الى البحث عن بدائل جديدة للصعوبات التي قد تواجه الصادرات المغربية داخل الأسواق الأوروبية مستقبلاً، وإحتمال تراجع التحويلات وعائدات السياحة والإستثمارات، ما قد ينعكس سلباً على أداء الإقتصاد على المدى المتوسط. وإقترح التوسّع في مناطق أفريقيا جنوب الصحراء، ونقل بعض الصناعات الخفيفة والقليلة الجودة إلى خارج الحدود، وإنشاء مصانع في دول أفريقيا الفرنكوفونية في قطاعات مثل النسيج والإسمنت والملابس والجلد والخشب والصناعات الغذائية وغيرها، وإعتماد منظومة الإمتداد والتوسع الإنتاجي والإستثماري خارج الحدود لتعزيز الموقع الإقتصادي الجديد على المستوى الإقليمي والدولي.
ونصح بالتوجّه نحو الصناعات ذات الفائض في القيمة المرتفعة التي تعتمد نسباً متقدمة من الإندماج التكنولوجي، مثل تصنيع السيارات والطائرات والقطارات والطاقات المتجددة والصناعات الغذائية والإلكترونية والكهربائية، لضمان تنافسية مقبولة في المدى المتوسط مع الدول الصاعدة في آسيا. ونبّه من السيناريو الأسوأ الذي يتلخّص في أن يجد الإقتصاد المغربي نفسه في وضع صعب بين أسواق قديمة ضعيفة النمو والطلب كما في منطقة اليورو، وأسواق صاعدة فيها يد عاملة كثيفة ورخيصة كما في أفريقيا، في وقت سيتراجع معدل الشباب في المجتمع المغربي، وتصل الشيخوخة إلى 24 في المئة من مجموع السكان بحلول عام 2050.
وأشار التقرير الى أن سياسة الإنفتاح الإقتصادي وإتفاق المناطق التجارية الحرة الذي وقّعه المغرب مع الأسواق الأوروبية والأميركية والعربية، أديا إلى إرتفاع الواردات أسرع من الصادرات، ما زاد عجز الميزان التجاري الذي إنتقل من 11 في المئة من الناتج الإجمالي بين عامي 2000 و2004 إلى 22 في المئة في العام 2013.
ويحتاج المغرب إلى تنويع صادراته وتحسين جودتها، وتطوير إستعمال التكنولوجيا لزيادة التنافسية الخارجية، والبحث عن أسواق جديدة في المناطق والدول ذات النمو السريع والدخل المتوسط في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى