لبنان: هل يدرون ماذا يفعلون؟

مضى ما يقرب من تسعة أشهر على الفراغ الرئاسي في لبنان، وجزء كبير من المجتمع اللبناني لا يُبدي حراكاً أو أي ردّ فعل وكأن الأمر لا يعنيه، حيث يبدو راضياً بشكل خطير بالفجوة الواقعة في القيادة، وهي حالة يظهر أن العديد من السياسيين يرحّب بها.
خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت، أكد المبعوث الرئاسي الفرنسي إلى الشرق الأوسط، جان فرانسوا جيرو، أن حكومته تبذل كل ما في وسعها للمساعدة في الوصول إلى حلّ لهذه العملية، بينما في الوقت عينه يفيدنا ب”أن القضية لبنانية ويجب على اللبنانيين حلّها”.
أكثرمن ذلك …
فقد أعلن بعده الناطق الرسمي بإسم وزارة الخارجية الفرنسية رومان نادال “أن فرنسا قلقة من شغور مركز رئاسة الجمهورية اللبنانية وعدم إنتخاب رئيس جديد”. وشدّد على أن باريس “لا تتدخّل في إختيار الرئيس الجديد وليس لديها أي مرشّح بل تحاول إقناع اللبنانيين بأن كل يوم يمرّ من دون رئيس هو يوم يبدّد وحدتهم وإستقرارهم الداخلي”.
ولكن هل هذه التصريحات تمتّ إلى الحقيقة بصلة أم هي فقط للإستهلاك الإعلامي؟
الواقع أن الكلام الفرنسي لم يكن الوحيد في هذا المجال، فقد سمعنا كلاماً مماثلاً من سفراء وممثلين آخرين من إيران والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة والفاتيكان وغيرها. إذا كان صحيحاً حقاً أن هذه الدول تسعى إلى عدم التدخل في عملية الترشيح الرئاسية في لبنان، لماذا، إذن، تناقشها في كثير من الأحيان، ويقوم ممثلوها برحلات مكوكية إلى بيروت، وهي رحلات تتزامن غالباً مع أحداث أخرى في المنطقة؟
إن الشغور الرئاسي المستمرّ في لبنان هو مغامرة في مهزلة واضحة يجعل البلد أقرب إلى دولة فاشلة. وفي حين أن “تيار المستقبل” و”حزب الله” مشغولان ومنهمكان في مناقشة ضرورة إنهاء الملصقات السياسية وإطلاق النار الإحتفالي، موضوعان لا أحد يستطيع أن ينكر أنهما يحتاجان إلى معالجة، فإن هناك أيضاً مشاكل أكبر بالتأكيد تحتاج إلى التعامل معها ومعالجتها، بما في ذلك مسألة “صغيرة” كالفراغ الرئاسي؛ والوضع الأمني؛ والمحكمة الخاصة بلبنان؛ وتورّط “حزب الله” ومعه لبنان في سوريا.
من الواضح تماماً أن الكثير من السياسيين اللبنانيين يبذلون قصارى جهدهم لدفع البلاد نحو الهاوية. لذا، إذا كان بعض هؤلاء لا يمكنه ان يفعل شيئاً مثمراً ومفيداً للبلد، فإنه يفعل جيداً وخيراً بالإنسحاب والإستقالة تماماً من الحياة السياسية.
كابي طبراني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى