العراق: التقشف وتعزيز الضرائب لمواجهة إنخفاض عائدات النفط

شرع العراق في إجراء مراجعة شاملة للنفقات العامة للدولة، في إطار المساعي لمعالجة عجز الموازنة بسبب هبوط أسعار النفط. ويُتوقع أن تفضي هذه الإجراءات إلى توفير نحو 13 مليار دولار، فيما يُتوقع أن تلجأ الحكومة إلى التصرف بنحو 50 في المئة من إحتياط مصرفي “الرافدين” و”الرشيد”، فضلاً عن الإقتراض من رصيد “المصرف التجاري العراقي”. وترجح أوساط إقتصادية أن يشمل التقشف النفقات الكمالية والسيادية التي تشكّل 10 في المئة من مجموع موازنة البلد. وتستبعد هذه الأوساط لجوء الحكومة إلى إحتياط البنك المركزي الذي يقدّر بنحو 77 مليار دولار لأنها غير مخوّلة التصرف به.
ويكشف مستشار رئيس الوزراء العراقي للشؤون الاقتصادية، مظهر صالح، في حديث صحافي، عن توجه حكومي لمعالجة إنخفاض أسعار النفط من خلال زيادة الإنتاج، مشيراً إلى أن التقديرات النفطية في موازنة العام المقبل ستكون صحيحة، لكنها مختلفة عن موازنة العام الماضي.
ولفت صالح إلى البدائل التي ستلجأ إليها الحكومة لسد العجز عبر تعزيز بعض الموارد مثل الرسوم وفرض الضرائب للحصول على الإيرادات التي يمكن أن ترفع الدخل، مبيّناً أن إجمالي الضرائب في موازنة العام الحالي وصل إلى 1.5 مليار دولار وتوقّع أن ترتفع نسبة الضرائب في الموازنة المقبلة لتشكل 10 في المئة من الناتج المحلي. وأوضح أن الضرائب في العراق تشكّل أقل من ملياري دولار وهذا الرقم لا يعبّر عن نشاط إقتصادي فاعل كما أن ضريبة الخدمات تلامس حياة فئة من الناس ولا تلامس شريحة واسعة.
وأكد على أن الجهات المعنية بإعداد الموازنة تعمل على تقويم الإيرادات ودرس خفض النفقات غير الضرورية والحفاظ على رواتب الطبقات الفقيرة والموظفين الصغار ورواتب الجيش. وأوضح أن وقف الهدر في نفقات الدولة وتحديد سقف لها بما يتناسب مع الإمكانات المتوافرة من اأاولويات، فالعراق يواجه حربين، الأولى داخلية ضد “داعش”، والثانية خارجية ضد أسعار النفط، ورأى أن اللجنة الخماسية المؤلفة حالياً لإعداد الموازنة تعمل بتوازن عالٍ.
وكانت أوساط إقتصادية إقترحت خفض الإحتياط النقدي لمصرفي “الرشيد” و”الرافدين” لمعالجة أزمة أسعار النفط، إذ يوفر هذا الإجراء 6 مليارات دولار للخزينة فضلاً عن إقتراض الحكومة من “المصرف التجاري العراقي” نحو 3 مليارات دولار ومليار دولار من “هيئة رعاية القاصرين”، على إعتبار أن هذه أموال مجمدة وستكون في ذمة الدولة تضاف إليها حوالات الخزينة التي ستوفر 3 مليارات دولار.
وقدّم خبراء نفط إقتراحات لمعالجة العجز في موارد الدولة نتيجة إنخفاض أسعار النفط، وأبرزهم وزير النفط السابق إبراهيم بحر العلوم الذي اقترح تنفيذ خطوتين، الأولى تتمثل في زيادة الإنتاج النفطي، خصوصاً من حقول الوسط والجنوب التي يُتوقع أن تضيف 400 ألف برميل خلال العام المقبل لتصل كمية النفط المصدّر إلى نحو 2.750 مليون برميل يومياً، والثانية تتلخص بتفعيل منظومة حقول كركوك التي تنتج نحو 350 ألف برميل قابلة للتصدير من خلال التعاون مع حكومة إقليم كردستان لتوحيد الإنتاج وضخه عبر أنبوب جيهان التركي.
كما درست الأوساط الإقتصادية سبل تفعيل عمل القطاع الخاص في تعزيز موارد الدولة وتنشيط القطاعات الإنتاجية فيها، مشيرة إلى أن ذلك لا يتم إلا من خلال تشريع قانون الضمان الإجتماعي وتطبيق قانون التعرفة الجمركية وإعادة النظر في القوانين السائدة، مضيفة أن مثل هذه التدابير من شأنه فتح منافذ موازية للإيرادات النفطية غير المستقرة التي قد تعرّض الإقتصاد العراقي إلى أزمات متكررة.
ويقول ممثل المصارف العراقية في اللجنة الاقتصادية التابعة لمجلس الوزراء نوزاد داود فتاح الجاف، إن السجال الدائر حول تراجع موارد الدولة نتيجة إنخفاض أسعار النفط وتداعياته على الإقتصاد العراقي، يدفع نحو القول إن إنعاش الملف الاقتصادي ودور القطاع الخاص فيه يُعد العمود الفقري لنشاط الدولة عموماً، ما يتطلب توفير مستلزمات الإنتقال من الإقتصاد الشمولي إلى إقتصاد السوق كحل أمثل للتحديات التي يواجهها إقتصاد البلاد، لافتاً إلى أن خطة الحكومة تضم برامج إقتصادية شاملة وتستلزم الإهتمام بموارد أخرى كالزراعة والصناعة والتجارة والخدمات.
وركّز الجاف على أهم المشاكل التي تعتري القطاع الإقتصادي ومنها القوانين القديمة والبيروقراطية التي تسود حالياً، والتي من شأنها طرد رؤوس الأموال الوطنية والأجنبية إلى الخارج، مشيراً ايضاً إلى وجود حاجة كبيرة في تحويل بعض الخدمات الى القطاع الخاص ضمن إطار برنامج التخصيص.
ولفت إلى أن المصارف العراقية نالت قسطاً من نتائج تراجع موارد الدولة حيث لا يمكن فصل نشاط القطاع المصرفي عن مجمل النشاط الاقتصادي للدولة لأنه يعتبر الذراع المالية للتنمية والإعمار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى