ما الذي يصنع المستثمر الإستثنائي

إنه سؤال قديم في عالم الإستثمار لا يملك أحدٌ إجابةً صحيحةً عنه. لا يوجد أي علم حقيقي للإستثمار، وبالتأكيد لا يوجد لإستثمارات الأسهم الخاصة/ ورأس المال المُخاطِر (أو الجريء). الحقيقة البشعة هي أن غالبية المستثمرين المحترفين ليست جيدة جداً في هذا المجال؛ وهذا واحد من الأسباب الذي يفسّر بأن قلّة جداً منهم فقط تتفوّق على المؤشرات الرئيسية على مدى أي فترة زمنية معقولة. فرأس المال المُخاطِر، في المتوسط، هو أسوأ من ذلك. إن معظم الإستثمارات في حقله مؤذية ولعينة، وعدد قليل منها يصل إلى عوائد مجزية حقاً.
بعد 30 عاماً في الأعمال المالية، والتعامل مع بعض المستثمرين الأكثر تطوراً ودهاء في العالم، لديّ 10 نصائح التي آمل أن توسّع معرفتكم وإدراككم أبعد من ذلك.
1. الفهم التصوّري الصحيح للإستثمار: هناك الكثير من النظريات حول الإستثمار. بعضها صحيح والبعض الآخر هراء. قدرتك على إختيار فلسفة إستثمارية صلبة أمر بالغ الأهمية. مهما كانت النظرية التي تختارها، تأكّد من أنك تفهمها من البداية إلى النهاية. وكما يردّد “وارن بافيت” بإستمرار: “لا تستثمر أبداً في عمل لا يمكنك أن تفهمه”. وبالتالي فإن الخطوة الأولى لتكون مستثمراً إستثنائياً تكمن في معرفة ما لديك وما هو معروض عليك جيداً.
2. العقلانية: التمنّي والتحيّز النفسي لا يؤدّيان إلى نتيجة جيدة في عالم الإستثمار. كما الغطرسة أيضاً. إن التفكير العقلاني، والعقل المفتوح، والتواضع، هي من الضرورات. في نهاية المطاف، الصبر وعلم النفس هما ما يميز الكبار عن بقية المستثمرين العاديين … لا تدَع أنانيتك تلعب أي دور في هذا المجال. لا أحد أكبر من السوق. إسأل جورج سوروس.
3. الإتّساق والثبات: إبقَ دائماً متسّقاً وثابتاً. لقد إستطاع مايكل موريتز في “سيكويا كابيتال” الحصول على النجاح والإهتمام معاً في مجال رأس المال المُخاطِر بسبب إستثماره في شركات غالبيتها تتعامل مع المال على أساس يتفق مع أهداف ملموسة على المدى الطويل للتعامل حتى مع المزيد من المال. الإستثمارات في شركات مثل “غوغل” (Google)، و”باي بال” (PayPal)، و”سرفيس ناو” (ServiceNow)، و”نمبل ستوردج” (Nimble Storage)، كلها دلائل تشير إلى أن موريتز لا يفهم الإتجاهات التكنولوجية فقط، لكنه يدرك أيضاً ما هي الشركات التي ستستفيد من هذه الإبتكارات الجديدة … وهذا ما يقودنا إلى نصيحتي التالية.
4. القدرة الحريصة على التدقيق في الناس: المستثمرون الإستثنائيون لديهم حدس جيد كرجال أعمال كبار وليس كمجرد مجموعة من الناس التقنيين الكبار. في نهاية المطاف كل شيء يتعلّق بالناس. أنظر إلى جميع أعظم الرياضيين الذين يجدون دائما وسيلة للفوز، بغض النظر عما إذا كانوا يتأذّون أو مقدار الضغط الذي يتعرضون له. المفتاح هو العثور على مثل هؤلاء الرياضيين أو أصحاب المشاريع القاتلين قبل النظر في أي إستثمار جدّي.
5. مهارات تحقيق قوية: مرة أخرى وكما أردّد دائماً، إن الأعمال التجارية هي “حرب”. إذا كنت لا تستطيع أن تقوم بعملية التحقق الواجبة الصحيحة ستجد نفسك ميتاً في الماء حتى قبل أن تبدأ. قدرتك على العثور على المعلومات الأساسية بكفاءة أمر بالغ الأهمية لنجاح إستثمارك. إن المستثمر الإستثنائي هو الشخص الذي لا يسأل الكثير من الأسئلة ولكن يطرح أسئلة محدّدة وهادفة وصريحة. الأهم من ذلك، عليه أن يستمع ويصغي أولاً.
6. علم النفس والفطنة في الأعمال: فهمك العميق لكيفية عمل الشركات وطريقة كسبها للمال وقدرتك على البقاء هادئاً في وسط الذعر المالي، والفقّاعات والعواصف العاطفية الأخرى سوف تحدّد، في معظم الحالات، المكان الذي تقف فيه في سلّم النجاح … حاصل الذكاء هو أمر جيّد، لكن الحاصل العاطفي هو أكثر أهمية بكثير.
7. الصبر: إعمل لنفسك عملاً مفيداً. توقّف عن الإستماع إلى أولئك المصرفيين في البنوك الإستثمارية في “وول ستريت” أو رجال الأعمال المحتالين الآخرين الذين يستمرّون في دفع المنتوج المالي إلى أسفل “حلقك”. إبدأ في تطوير عقلية المالك، وليس المضارب. الأهم، إبدأ مقاومة إغراء كسب المال بسرعة. الحقيقة أن هناك الكثير من الشركات تكسب ضجة في الفضاء التكنولوجي اليوم، ولكن عدداً قليلاً جداً منها لديه “نموذج أعمال” مدروس. في كثير من الأحيان، غالباً ما تكون هذه الشركات “مشاريع أليفة” تطوّرت وتلقّت تمويلاً ببساطة لأن الموهبة التي تقف وراءها بدت جذّابة للمستخدمين. ويركّز العديد من المستثمرين على إستحواذ سريع أو البقاء ذات صلة من خلال تمويل “طنّان” بدلاً من تمويل الشركات التي توفّر للناس خدمات مستدامة. تذكّر دائماً … القدرة على ضبط نفسك لتأجيل الحصول على أرباح ضئيلة في المدى القصير من أجل التمتع بمكافآت أكبر في المدى الطويل، هي شرط أساسي لا غنى عنه للنجاح.
8. تقدير جيِّد للمخاطر: إبدأ في تطوير رأي صلب بالنسبة إلى مخاطر الأعمال والإستثمار وممارسة التعقّل والحذر. إن تمويل المئات من التطبيقات الجديدة والألعاب الرقمية التي تدّعي الشهرة يعود إلى شعبيتها بدلاً من ضرورة معرفة كيف ينتهي بك الأمر مع دورات جديدة من فقاعات الإستثمار.
9. العمل الشاق: لا شيء يستطيع قهر العمل الشاق. الإستعداد للقيام بذلك بشكل صحيح في كل مرة ومراقبة السلسلة التنظيمية برمّتها من البداية الى النهاية ورؤية وضع الشركة المحدّد في النظام البيئي العالمي هما السبيل الوحيد للعمل. لا تتمنَّ أن يكون الأمر أسهل. تمنَّ لو كنت أفضل.
10. شغف بالإستثمار: المستثمرون الإستثنائيون يعشقون حرفتهم – وهذا هو السبب الذي يمكّنهم من تحمّل خيبات الأمل والعمل الجاد والشاق. فهم يسعون إلى تعلّم شيء من كل التجارة ينفذّونها، وبالتالي فهم لا يخافون من فقدان القليل من المال. وحتى لو خسروا المال فإن الدروس التي تعلّموها من تجربة الإستثمار سوف تساعدهم على كسب المزيد من المال بطريقة أسرع وأسهل من ذي قبل. الشغف يبقى صامداً مهما كانت النتيجة. الى جانب ذلك، إن أي مستثمر يقول بأنه لم يفقد أو يخسر أي شيء هو كذّاب.

بقلم زياد خليل عبد النور*
رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة (Blackhawk Partners, Inc) في نيويورك، ومؤسس ورئيس “مجلس السياسات المالية”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى