كيف يمكن لإرتفاع الدولار أن يؤدي إلى أزمة مالية عالمية جديدة

واشنطن – محمد زين الدين

“هيون سونغ شين”، الذي مُنح إجازة من جامعة “برينستون” الأميركية لتوليه مهمة كبير الإقتصاديين في بنك التسويات الدولية في بازل، أنفق الكثير من الوقت يبحث عن الشيء الذي قد يتسبّب في الأزمة المالية المقبلة. وهو كما يبدو يشتبه بأنها ستكون شيئاً مختلفاً عن رهانات الإستدانة على المساكن التي كانت في جذور الأزمة الأخيرة.
لذا، السؤال المطروح هنا: ما هو الشيء الذي قد يؤدي إلى الأزمة المالية التالية؟
لعلّه سيكون الإرتفاع المطرد في الدولار الأميركي في أسواق العملات العالمية.
في محاضرة أخيرة في معهد بروكينغز، وثّق “شين” تزايد إستخدام الدولار الأميركي من قبل المقترضين والمُقرِضين خارج أميركا. فقد أقرضت البنوك الأميركية والمستثمرين في السندات 2.3 تريليون دولار، وخارج الولايات المتحدة أقرضت البنوك الأميركية الخارجية والمستثمرين الأجانب في السندات أكثر من ذلك بكثير: 6.5 تريليونات دولار.
ولإيصال فكرته يوضّح “شين” رؤيته عن كيف يعمل العالم، يقول: الصانع في سوق ناشئة يقترض بالدولار، ربما لأنه يبيع الكثير من البضائع بالدولار ويرى الإقتراض بالدولار كوسيلة للتحوّط. والبنك المحلي يمنحه قرضاً بالدولار، مقترضاّ بدوره من بعض البنوك العالمية الكبرى. وعندما تكون العملة في الأسواق الناشئة قوية والدولار ضعيفاً، تبدو الموازنة العامة المصنوعة أكثر ثباتاً — ويرى البنك المحلي ذلك فيقرض بسهولة أكبر. وبالتالي فإن ضعف الدولار يمكن أن يؤدي إلى طفرة إئتمان عالمية.
مع ذلك، عندما يرتفع الدولار كل هذه الأمور تعمل في الإتجاه المعاكس، مضيِّقةً ومشدّدةً بشكل فعّال على الأوضاع المالية العالمية، لا سيما في الأسواق الناشئة التي تنخفض عملاتها الوطنية. وستواجه وقتها الشركة المصنّعة مشكلة في تسديد مدفوعاتها لقروضها بالدولار؛ وهكذا تفعل نظيراتها. البنوك ستقرض بصعوبة أكثر. ويتجمّد إستثمار رأس المال. كما أن مديري المال العالميين – أولئك الذين لديهم الكثير من ودائع الجملة قصيرة الأجل الذين يبحثون في العالم للحصول على أفضل عائد– سيرون هبوط العملة المحلية وضعف الإقتصاد، فيسحبون الأموال من البنوك في الأسواق الناشئة.
عندها، يرى مديرو الأصول العالمية الذين كانت تغريهم قصة النمو المرتفع بأنها قد إنتهت الآن وعليهم فعل الشيء نفسه، فيبيعون سندات الشركات في الأسواق الناشئة. وهذا ما يدفع إلى رفع أسعار الفائدة التي ينبغي على الشركات في الأسواق الناشئة دفعها، الأمر الذي يضعفها أكثر، ويضعها في حلقة شريرة مفرغة.
“حتى إذا كان لديك مستثمرون على المدى الطويل ولم يكن لديك مستثمرو إستدانة، وإذا تترجمت أحداث الأسواق المالية إلى أحداث في الإقتصاد الحقيقي، يمكنك الحصول على رد الفعل”، يقول شين. وهذا، كما يضيف، هو آلية مختلفة للغاية عن إفلاس المؤسسات المالية القوية التي كانت في قلب الأزمة المالية العالمية الأخيرة.
كل هذا هو تذكير في الوقت المناسب بأن جميع الخطوات المهمة المتّخذة لتعزيز أسس البنوك في العالم رداً على الأزمة الأخيرة ليست سبباً للشعور بالرضا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى