العالم العربي “يستنجد” بالنفايات للحصول على الطاقة النظيفة

يزدهر في العالم حالياً قطاع يثبت ربحيَّته هو تحويل النفايات إلى طاقة بواسطة تكنولوجيات تُوَلِّد منها كهرباء أو حرارة أو وقوداً حيوياً أو إصطناعياً. وتعتبر إدارة النفايات البلدية الصلبة أحد أخطر وأصعب التحديات التي تواجهها جميع البلدان في الشرق الأوسط. وقد أدت عوامل عديدة إلى زيادة تراكم هذه النفايات الصلبة في أرجاء المنطقة.
واللافت أن معدّل النفايات الصلبة البلدية التي تنتج من الشخص الواحد في دول مجلس التعاون الخليجي تعد الأعلى نسبة في العالم، وهو بلغ مثلاً في الكويت والبحرين والسعودية والإمارات وقطر أكثر من 1.5 كيلوغراماً في اليوم. لكنه بدأ حديثاً في بعض البلدان العمل على مشاريع لتحويل النفايات الى طاقة.

بيروت – مازن مجوز

شركة أبوظبي الوطنية للطاقة: مشروع ضخم للتنفيذ
شركة أبوظبي الوطنية للطاقة: مشروع ضخم للتنفيذ

يفيد أهل الخبرة بأن توليد الطاقة من النفايات أمرٌ جيد للبيئة والإنسان، وهو أشبه بالعرض الترويجي “إاشترِ إثنين وإحصل على واحد مجاناً”، إذ يتم التخلص من أشياء ضارة بالبيئة، للحصول بالمقابل على شيء نافع للحياة، كالطاقة الكهربائية للمنازل مثلاً.
وحتى اليوم، فإن ثقافة النفايات وإعادة تدويرها وتوليد الطاقة منها، لم تدخل ضمن منظومة المعيشة عند العرب، إذ لا تزال في خطواتها الاولى مقارنة بالدول الغربية، ما دفع بالخبراء إلى التحذير من كارثة بيئية تُحدق بالدول العربية؛ خصوصاً بعدما تعدّت كمية توليد النفايات الصلبة الإجمالية في دول الشرق الأوسط 150 مليون طن سنوياً. وأصبح خفض حجم وكتلة النفايات قضية حاسمة نظراً إلى محدودية توفر مواقع التخلص من النفايات، حيث تُعَدُّ المكبّات المكشوفة أكثر وسيلة سائدة في هذا المجال في معظم البلدان العربية.
وسط هذا التحدي، تُمثّل النفايات البلدية الصلبة أفضل مصدر للمواد العضوية في بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث أن إرتفاع معدل النمو السكاني والعمران والتوسع الإقتصادي والحضري في المنطقة، والمدنية، والهجرة … كلها عوامل باتت تسرّع من معدلات الإستهلاك وطرح المخلفات العضوية وتزايد إنتاج الفرد من النفايات. يضاف إلى ذلك، أن قلة الوعي وتقاعس الناس عن تقليل نفاياتهم وفصلها عند المصدر وإدارتها بإسلوب صحيح يشكّل قضية حرجة أخرى.
والتحويل (الآنف الذكر) لا يعني الحرق فقط، كما أن إختيار التكنولوجيات يعتمد على خليط النفايات. فكلما إزدادت المواد العضوية ونسبة الرطوبة في النفايات إنخفضت كفاءة الحرق مثلاً.
في السنوات الاخيرة، قام عدد من البلدان مثل قطر ودولة الإمارات، بإنشاء مشاريع طموحة لإدارة النفايات الصلبة، إلا أن فعاليتها لم تتأكّد بعد. وبشكل عام، تخطو دول المنطقة خطوات بطيئة ولكن ثابتة نحو التصدي لتحديات إدارة النفايات وذلك من خلال الإستثمارات الكبيرة في مثل هذه المشاريع، وإيجاد تكنولوجيا جديدة ورفع مستوى الوعي العام. غير أن سرعة التقدم والإنجاز غير متوافقة مع معدل زيادة توليد النفايات في المنطقة. ومن هنا، فإن الإدارة المستدامة للنفايات تُعَدّ تحدياً كبيراً لصانعي السياسات والمخططين الحضريين وغيرهم من الجهات ذات العلاقة، وهناك حاجة إلى خطوات فورية لمعالجة جبال النفايات المتراكمة في مدن منطقة الشرق الأوسط.

محولات البلازما تصنع الوقود النظيف بيئياً من القمامة السامة
محولات البلازما تصنع الوقود النظيف بيئياً من القمامة السامة

من أجل صون البيئة والموارد الطبيعية للدولة وفقاً لرؤيتها التنموية حتى العام 2030 أنشأت الدولة القطرية في مدينة مسيعيد “مركز إدارة النفايات الصلبة القطري” والذي بدأ العمل فيه في الربع الأخير من العام 2011 ، تُساق إليه “جحافل” القمامة يومياً ولا شيء يترك إعتباطاً. حيث يعيد تدوير نسبة 95 % من بين 2300 طن من النفايات التي يستقبلها كل يوم ويحوّلها إلى طاقة. ويحتوي المركز – الذي بلغت تكلفة المرحلة الأولى منه ملياري ريال- على ثلاثة خطوط منفصلة لتحويل النفايات إلى طاقة.
ويشير ستيفان كيب، المدير الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في “كيبل سيغرس”، الشركة المشغلة للمركز – وهو أول مرفق متكامل لإدارة النفايات الصلبة في منطقة الشرق الأوسط – خلال جولة له داخل أقسام المركز في 21 أيلول (سبتمبر) 2014 إلى أن “جميعنا يعلم أهمية تحويل النفايات إلى طاقة مما يسهم في تقليل مواقع دفن النفايات، وحماية الصحارى المفتوحة في قطر وجعلها مكاناً أفضل للأجيال المقبلة”.
بحسب الحجم تتم عمليات الفرز، وفي المرحلة الثانية يتم فصل وإستخلاص المواد الأولية مثل الورق والألومنيوم والبلاستيك، فيما يتم حرق المتبقي وإنتاج طاقة كهربائية تقدر بنحو 34 ميغاواط.
وفي السياق عينه، تعتزم شركة أبوظبي الوطنية للطاقة – وهي شركة طاقة عالمية – دخول سوق إنتاج الطاقة من طريق إستخدام النفايات وذلك من خلال محطة تحويل، التي سيتم بناؤها بالقرب من المصفح في ضواحي أبو ظبي عاصمة الإمارات العربية المتحدة، بكلفة 850 مليون دولار وبقدرة إنتاجية قدرها 100ميغاواط، وتعتبر واحدة من أكبر المحطات من نوعها في العالم، حيث ستمتد على مساحة 100 ألف متر مربع، كما ستساهم في خفض البصمة الكربونية لأبو ظبي.
ويفيد الدكتور سيف الصيعري، الرئيس التنفيذي لقطاع حلول الطاقة في الشركة، أن هذه المحطة ستولّد كميات من الكهرباء تكفي لتزويد إحتياجات أكثر من 20 ألف منزل في أبوظبي عند بدء تشغيلها المتوقع في العام 2017، ويضيف أنها ” ستساهم في خفض إنبعاثات الغازات المسببة للإحتباس الحراري بأكثر من مليون طن سنويا” (مجلة “عالم الطاقة”، العدد الثالث، ” تحويل النفايات إلى طاقة”).
وستوفر هذه المحطة ما يتراوح بين 65 و100 فرصة عمل وستطبق فيها إجراءات صارمة للحد من التلوث. كما وستساهم في معالجة مليون طن من النفايات سنوياً، أي نحو 40 مليون طن على مر الفترة المحددة لعمرها.
ويقلّل إستعمال وقود النفايات الصلبة أيضاً من حجم النفايات اللازم التخلص منها، ويخفّض من تكلفة التخلص على المصنعين. فعلى سبيل المثال، يستخدم في صناعة الأسمنت مجموعة متنوعة من النفايات لتوفير الحرارة للأفران، بما في ذلك الإطارات القديمة، والنفايات البلدية الصلبة، والأقمشة الخردة، والدهانات، والأحبار، والمواد المتعارف عليها بـ ” وقود ” ( RDF-.Refuse Derived Fuel) وهو الوقود الذي ينتج عن عملية تمزيق وتجفيف النفايات الصلبة، ويتكوّن إلى حد كبير من مكوّنات قابلة للإحتراق مثل البلاستيك والنفايات القابلة للتحلل.
أما بالنسبة إلى النفايات البلاستيكية، فإنها تشكّل تحدياً بيئياً مهماً في الشرق الأوسط، إذ أنها في تزايد مستمر بسبب إستخدامها في شتى مجالات الحياة والإعتماد عليها إعتماداً كلياً في الصناعات المختلفة وتكنولوجياتها الحديثة المتقدمة.
الواقع أن منطقة الشرق الأوسط مسؤولة عن حوالي 8% من الإنتاج العالمي من البلاستيك، علماً بأنه يتم تدوير حوالي 25% فقط من إجمالي كمية نفايات المواد البلاستيكية عالمياً. ويرى مدير إدارة الشؤون الفنية في هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة في مصر محمد مصطفى الخياط، أن معدل النفايات في العالم العربي يتراوح من 0,5 إلى 2,7 كيلوغرام للفرد يومياً، تختلف من دولة إلى أخرى بحسب عدد السكان ومعدلات النمو والتطور. فكلما إرتفع مستوى التحضر زادت نسبة النفايات.
وبحسب الخياط فإنه “من ضمن 60 مشروع طاقة متجدّدة يجري العمل على تنفيذها أو التخطيط لها في الدول العربية بقدرات إجمالية تقترب من 6 جيغاواط، فإن مشاريع “الكتلة الأحيائية” – أي القمامة التي نود التخلص منها- تشارك في تحويل النفايات إلى طاقة بنحو 6 في المئة فقط، ينتظر تنفيذها في البحرين والإمارات والمغرب وغيرها، مدفوعة بالتخلص الآمن من النفايات وخفض إنبعاثات المحطات الحرارية بتشغيلها بنظام الحرق المزدوج”.
في المقابل فإن إعادة تدوير النفايات يقلّل من الطاقة المستهلكة لتصنيع المنتج ذاته. فعلى سبيل المثال، يخفّض إعادة تدوير عبوات المياه الغازية البلاستيكية والمعدنية نسبة الطاقة المطلوبة لإنتاج عبوات جديدة بمقدار 25 في المئة. وكانت شركة “نايكي” (Nike) للملابس الرياضية، أعادت إستخدام العبوات البلاستيكية في إنتاج خيوط “البوليستر” لإنتاج قمصان تسعة منتخبات تعاقدت معها الشركة لتصنيع أطقم ملابس لاعبيها الذين شاركوا في بطولة كأس العالم في العام 2010 في جنوب أفريقيا، مما خفّض نحو 30 في المئة من الطاقة اللازمة لإنتاج تلك الملابس. وقد بلغ إجمالي ما إستهلكته الشركة من زجاجات بلاستيكية نحو 13 مليون زجاجة، صنع منها قرابة مليون ونصف مليون قميص تم بيعها للجمهور. حيث تخطى ثمن الواحدة المئة دولار.
ويعتبر تحویل النفایات إلى طاقة “Waste To Energy”، أحد الخیارات المستخدمة منذ عقود في معالجة النفایات البلدیة الصلبة، التي إكتسبت إھتماماً متزایداً في السنوات الأخیرة، والذي أصبح الیوم قطاعاً تتجاوز قیمته السوقیة عالمیاً 3.5 ملیارات دولار.
ففي العام 2011، بلغ عدد المحطات العاملة في هذا القطاع 668 موزعة كالتالي: 400 في أوروبا، 100في الیابان، 89 في الولایات المتحدة، 79 في عدد من البلدان الآسیویة.
وتستخدم ھذه المحطات تقنیة حرق كتلة النفایات “Mass Burn”، وتراوح طاقاتھا التصمیمیة بین 200 إلى 10 آلاف طن من النفایات الصلبة یومیاً، یتم من خلالھا إستخدام الحرارة الناتجة من عملیات الحرق في التدفئة وتولید الطاقة الكھربائیة، فیما یستخدم الرماد الناتج في التشیید والبناء أو كأسمدة.

تكنولوجيا التغويز
تكنولوجيا التغويز

ویتطلب عمل ھذه المحطات تجھیز شبكات واسعة لجمع النفایات ونقلھا لضمان تغذیة مستمرة لتلك المحطات. ويأتي إنتشار هذه المحطات مع زيادة الطلب على الكهرباء في الكثير من الدول، خصوصاً مع إرتفاع أسعار النفط والحاجة إلى إستيراد الغاز والفحم. وتولّد أوروبا أكبر نسبة من الغاز الحيوي أو الميثان المستخلص من النفايات أو مخلفات الحيوانات وتمثل ألمانيا وحدها 70 فى المئة من السوق العالمية، أما الدنمارك فتحوّل ما يزيد على 54 في المئة من نفاياتها إلى مثل هذه المحطات، وفي باريس يتم إنتاج 90 ميغاواط من الطاقة وتوفير التدفئة ل (300 ) الف مبنى من خلال مصنع واحد، وفي بريطانيا فإن الغاز المستخرج من مواقع النفايات يمثل ربع الطاقة المتجددة المنتجة في البلاد ويولّد كهرباء تكفي نحو 900 ألف منزل.
وفي الصين، وصل الإجمالي إلى 3200 ميغاواط، مع إعتماد خطة لزيادتها إلى 30 ألف ميغاواط بحلول سنة 2020. وفي الهند، تغذّي المخلّفات والنفايات الزراعية محطات كهرباء بقدرة 835 ميغاواط، وتستخدم “مصاصة” القصب في تشغيل نحو 1500 ميغاواط أخرى بالحرق المزدوج، منها محطات معزولة عن الشبكة الكهربائية تغذّي مناطق نائية. أما البرازيل فلديها نحو 5000 ميغاواط من محطات الحرق المزدوج، معظمها متصل بالشبكة. في حين تعالج اليابان ثلث نفاياتها للاستفادة منها في حقل الطاقة.
ومع ذلك تبقى عملیات تحویل النفایات إلى طاقة مكلفة نسبیاً، حیث تبلغ التكالیف الإستثماریة لمحطة بطاقة 1.200 طن في الیوم نحو 150 ملیون دولار. ولھذا السبب، فإن معظم محطات تحویل النفایات إلى طاقة تكون في الغالب مموّلة من قبل البلدیات أو من خلال مشاركة القطاعین العام والخاص.
ومن ضمن النفایات البلدیة الصلبة تشكل النفایات البلاستیكیة غیر القابلة للتدویر النوع الأكثر ملاءمة لھذه المحطات بسبب محتواھا العالي من الطاقة، حيث تبین نتائج دراسة قامت بھا مجموعة من الباحثین من جامعة كولومبیا نشرت في العام 2011، وأثبتت أن النفایات البلاستیكیة تأتي في المرتبة الثالثة بعد الغاز الطبیعي والبترول الخام لجھة كفاءة إنتاج الطاقة.
وتختلف طرق تحويل النفايات والإستفادة منها في توليد الطاقة، فهناك النظم البخارية التي تولّد ما بين 450 و550 كيلووات/ ساعة من الكهرباء لكل طن من النفايات البلدية الصلبة، وتطلق طناً واحداً من ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي، بينما يعتمد الإنحلال الحراري على الحرارة الفائقة في غياب الأوكسيجين، لتفكيك المواد العضوية الغنية بالكربون وإنتاج ثلاثة أنواع من مصادر الطاقة.
وتصنف هذه التكنولوجيات الحديثة في فئتين: حرارية وغير حرارية. وغالبيتها تولد الكهرباء مباشرة من خلال الإحتراق، أو تنتج وقوداً قابلاً للإحتراق مثل الميثان والميثانول والإيثانول والهيدروجين وأنواع من الوقود الإصطناعي. وتزداد ثقة العالم بهذه العمليات المتطورة، لأنها توفر طاقات متجدّدة مأمونة ومجرَّبة تتماشى مع المعايير البيئية الصارمة.

والسؤال ما هي التقنية الأفضل لتحويل النفايات إلى طاقة كهربائية؟

تعتبر تقنية البلازما – كما هو معمول بها في ألمانيا، وفرنسا، واليابان- من أحدث الإستخدامات للتخلص من النفايات الصلبة، ويبلغ تكلفة المشروع بحسب إحتياج كل دولة نحو 266,500,000 دولار، وتعد من التقنيات العالية في حماية البيئة.
في تصريح صحافي يعود إلى 21 نيسان (إبريل) 2009، يقول بوريس أولييغ، المدير العام لشركة “أرتكو للهندسة”: “يتصور الكثيرون خطأ أن مصطلح النفايات هو مصطلح سلبي، ولكن العكس هو الصحيح. والنفايات لها أهمية تجارية وصناعية وخصوصاً أن الموارد الطبيعية في تناقص مستمر وأسعارها في إرتفاع متواصل، ويمكن الإستفادة من النفايات بدلاً من التخلص منها. لذلك يجب إدخال برامج الإستفادة من النفايات البلدية في خطط التنمية، والعمل على إستخلاصها كمصدر طبيعي للصناعات المنخفضة التكاليف”.
كارل هاينز فالتر، المسؤول عن إدارة الجودة في محطة “أس دبليو بي” في مدينة بون الألمانية، وهي إحدى المحطات العملاقة في توليد الطاقة من النفايات في ألمانيا صرّح في 19آذار (مارس) 2013 في معرض رده على سؤال حول قدرة العالم العربي على الإستفادة من التجربة الألمانية في فصل النفايات وتحويلها إلى طاقة: “كل ما تحتاجه الدول العربية هو المال والأدمغة، فبناء محطة مثل هذه تكلف 150 مليون يورو، ولا بد أن يستفيد العرب طبعاً من التقنية الألمانية العالية”.
وبالعودة إلى المشاريع المتعلقة بالعالم العربي نجد أن في البحرين، يتم تطوير محطة حرارية في قرية عسكر قرب المنامة، قادرة على معالجة 390 ألف طن من النفايات المنزلية سنوياً وتوليد 25 ميغاواط من الكهرباء التي تغذي الشبكة العامة.
وفي الأردن، هناك في مطمر الرصيفة قرب عمان محطة لتحويل النفايات إلى غاز حيوي من خلال الهضم اللاهوائي، قدرتها ميغاواط واحد، وهي تعمل بنجاح منذ 1999 وقد حقق المشروع ربحاً سنوياً صافياً من بيع الكهرباء مقداره نحو 100 ألف دولار، وتبذل جهود لزيادة قدرة المحطة الى 5 ميغاواط.
وإنتقالاً إلى عمان نجد أن المستشار في أمانة عمان زيدون النسور وفي تصريح له في 6 آذار (مارس) 2014 يكشف أن الأمانة تنفذ حالياً مشروعاً لتوليد الطاقة الكهربائية من النفايات التي يتم تجميعها في مكب الغباوي الواقع على بعد 30 كلم شرقي العاصمة الأردنية، ويخدم 3 مدن رئيسية هي عمان والزرقاء والرصيفة ضمن مشروع إدارة النفايات الصلبة في عمان، على مراحل، بموجب تمويل من البنك الدولي بقيمة 40 مليون دولار. ومع إكتمال مراحل تنفيذه سيتم الوصول لطاقة توليد كهربائية تقدر بـ 6 ميغاواط ساعة، حيث سيتم حفر 150 بئراً قبل نهاية العام الحالي، ومن ثم تركيب مولّدات لتوليد الكهرباء بالإعتماد على غاز الميثان وربطها في مرحلة لاحقة مع الشبكة الكهربائية الوطنية. وفي تونس محطة تجريبية لتحويل النفايات الى غاز حيوي لاهوائي.
أما في لبنان فقد رُكّبت في مدينة صيدا في العام 2005 أول محطة بيو ـ ميكانيكية لتحويل النفايات الى طاقة، وتضم مرحلة منفصلة لتخمير النفايات لاهوائياً لكنها لم تشغل حتى الآن بسبب مشاكل تقنية.
ووصولا إلى مصر، حيث بدأت الحكومة إتخاذ خطوات جادة نحو توليد الطاقة الكهربائية من المخلفات، حيث يجري التفاوض مع عدد من المستثمرين الأجانب، وفي ذلك يشرح الدكتور حافظ سلماوي، رئيس جهاز مرفق الكهرباء: ” تمتلك مصر نحو 20 مليون طن سنوياً من المخلفات الصلبة والقاهرة فقط %25 ومن المتوقع وصولها إلى 32 مليون طن فى العام 2025، خطوتنا تعد إحدى الوسائل الحديثة للتغلب على أزمة الكهرباء والطاقة في مصر التي يعتمد توليدها على الغاز بنسبة 90%، وستوفر الـ 20 مليون طن قدرات تصل لنحو 10 مليارات كيلوواط، وتنتج مصر حالياً نحو 145 مليار كيلوواط”.
وفي لغة الأرقام تقدّر دراسة حدیثة أعدّتھا شركة “فروست وسولیفان” الإستشاریة، حجم النفایات الصلبة في المدن الخلیجیة بنحو 80 ملیون طن سنویاً، تشكّل نفایات قطاع البناء والھدم 53 في المئة منھا والنفایات البلدیة الصلبة 33 في المئة، فیما تشكل النفایات الصناعیة 14 في المئة من إجمالي النفایات الصلبة.
تعتمد فكرة توليد الطاقة من القمامة ليس فقط على توفير مصدر جديد للطاقة بل والحد من المشكلات البيئية التي تتسبب فيها القمامة، وهذا ما يقودنا إلى الحديث عن تكنولوجيا “التغويز” التي تعتبر وفق المهندس بوغوص غوكاسيان، مدير الأبحاث والتدريب في مجلة “البيئة والتنمية”، “وسيلة كفوءة لتحويل أنواع منخفضة القيمة من الوقود والمخلفات إلى غاز إصطناعي. ويمكن تغويز أنواع كثيرة من اللقائم، مثل النفايات البلدية الصلبة، والوقود المشتق من النفايات، والبلاستيك الذي لا يعاد تدويره، ومخلفات الصناعة الزراعية، وحمأة الصرف الصحي المجففة، والفحم. ويتم تحويل هذه اللقائم الى غاز إصطناعي يحتوي بشكل رئيسي على أول أوكسيد الكربون والهيدروجين، من خلال تفاعلها بلا إحتراق مع كمية مضبوطة من الأوكسيجين أو البخار في حرارة عالية تزيد على 700 درجة مئوية”.
ويوضح غوكاسيان “أن القيمة الحرارية لخليط الغاز الإصطناعي الناتج تبلغ 10 إلى 15 في المئة من قيمة الغاز الطبيعي. في المحطات الكبيرة، يستعمل الغاز الإصطناعي لتوليد الطاقة الكهربائية وإنتاج الحرارة، ما يعتبر جذاباً من الناحيتين الإقتصادية والبيئية”. لافتاً إلى أنه يمكن تحويل الغاز الإصطناعي الى ميثانول وأمونيا وبنزين إصطناعي، أو إستعماله مباشرة كبديل من الغاز الطبيعي، وحتى مزجه بالغاز الطبيعي في شبكة الإمداد بالغاز.
والجدير بالذكر أن دعاة حماية البيئة ليسوا بالقدر عينه من الحماس لهذه المشروعات اذ يقول “ناثانيل غرين” مدير سياسات الطاقة المتجددةفي بمجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية في الولايات المتحدة: “إن محاولة الإستفادة من مواقع النفايات أقرب إلى تجميل خنزير بأحمر الشفاه.” ويضيف أن “على الإنسان أن يبذل جهدا لتقليل القمامة”.
وفي المقلب الآخر ، تستخدم العديد من المحارق النفايات نفسها كوقود لتعمل، وهنالك أنظمة تجمع غازات الدفيئة الضارة التي تنتج من مكبّات النفايات، كثاني أوكسيد الكربون، والميثان في المقام الأول لذي يزيد تأثيره في حرارة كوكب الأرض 21 مرة على تأثير غاز ثاني أوكسيد الكربون- وتحرق تلك الغازات لتوليد الكهرباء.
ومع تصاعد المخاوف بشأن التغيرات المناخية وأسعار الوقود الأحفوري مثل النفط والغاز الطبيعي ومعالجة القضايا البيئية، وتعزيز التنمية المستدامة بدأ عدد متزايد من الشركات الإستثمار في سبل لإستغلال غاز الميثان في توليد الكهرباء للمنازل والسيارات، ويعتبر الإنتقال من نظم الطاقة التقليدية إلى نظم تقوم على الموارد المتجددة، أمراً ضرورياً لتلبية هذه الطلبات المتزايدة.
وفي الختام ، قد تختلف المسميات من قمامة ونفايات و”زبالة” لكن النظرة إلى المخلّفات التي ينتجها الإنسان، وتبلغ 1.6 مليار طن في مختلف أنحاء العالم كل عام، بدأت تتحول إلى مصدر من مصادراللطاقة النظيفة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى