الطاقة المتجدِّدة تعزّز الإقتصاد الأخضر والإبتكار يقوده

لندن – هاني مكارم

الإقتصاد الأخضر، وفقاً لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، هو واحد حيث نتائجه تؤدي إلى “تحسين رفاهية الإنسان وتحقيق العدالة الإجتماعية، مع الحد بشكل كبير من المخاطر البيئية والندرة الإيكولوجية”. في حين يبدو هذا المفهوم حلماً جميلاً، فإنه ليس أمراً غير واقعي أو غير قابل للتحقيق. فقد تم في السنوات القليلة الفائتة تحسين جدواه ونموه بشكل كبير من طريق الإبتكارات في مجال الطاقة المتجددة، وبالتالي خلق دم جديد لشريان الحياة لإقتصاد مُستدام.
الواقع أننا نشهد اليوم تحوّلاً في مجال الطاقة الجديدة. الأرقام تتحدث عن ذاتها: في العام 2000، كان إجمالي قدرة الطاقة الشمسية الضوئية المركّبة عالمياً حوالي 1.5 جيغاواط. بعد أقل من 15 عاماً، كانت لدى مؤسسة تجارية واحدة أكثر من ستة أضعاف هذه القدرة المركّبة في جميع أنحاء العالم. وتركّزت هذه الثورة على إدراك متزايد بأن مصادر الطاقة المتجدّدة – والطاقة الشمسية على وجه الخصوص – لم تعد مجرد خيار للدعم، ولكنها تنافسية مع الوقود التقليدي من حيث التكلفة.
حسب كل المؤشرات، من المعقول أن نتوقع بأن تنمو حصة الطاقة المتجدّدة في محفظة توليد الطاقة العالمية بإطراد، وهي علامة مشجّعة لخلق إقتصادات مُستدامة. لقد توقّعت وكالة الطاقة الدولية بأن ما يصل إلى 25 في المئة من توليد الطاقة الإجمالي في العالم سيأتي من مصادر الطاقة المتجدّدة بحلول العام 2018، وهذا واضح لأنها تنتشر بشكل واسع النطاق وعلى نحو متزايد لتوليد الطاقة المستدامة.
كنتيجة مباشرة لبدء تشكيل مصادر الطاقة المتجددة أجزاء أكبر من الطاقة التي يتم إنتاجها، فالعالم في طريقه نحو تحقيق معيارين من المعايير الثلاثة المطلوبة للإقتصاد الأخضر: بصمة منخفضة للكربون والإستخدام الفعّال الكفؤ للموارد الطبيعية. إن الطاقة النظيفة، في دورها كمحفّز للنمو الإقتصادي والتنمية، ستكون بمثابة محفّز للجانب الثالث: التوظيف والإندماج الإجتماعي.
نشهد فعلاً دولاَ مثل دولة الإمارات العربية المتحدة، يقودها الإقتصاد وموثوقية غير مسبوقة، تقود الطريق مع إستثمارات كبيرة في الطاقة النظيفة.
ما هو مهم هنا هو أن هذه الإستثمارات – في دولة الإمارات وجميع أنحاء العالم – لم يُنظر إليها على أنها وسيلة للإمتثال للتشريع الأخضر. فقد أنفقت الأموال لتلبية إحتياجات الطاقة الحيوية، معزِّزة بذلك حقيقة أن أشعة الشمس قد حان وقتها لكي تكون من مصادر الطاقة التي يمكن الإعتماد عليها وبأسعار معقولة، وقادرة على الوقوف جنباً إلى جنب مع مولّدات الطاقة التقليدية.
مع ذلك، إذا نظرنا إلى الواقع فإنه من المهم أن نُدرك الدور الذي لعبه الإبتكار – وسيستمر في لعبه – في نحت مساحة للطاقة المتجدّدة في محفظة توليد الطاقة العالمية وتمكّنه من خلق إقتصادات خضراء.
في حين أن سبب الإِحجام عن إعتماد الطاقة المتجدّدة تاريخياً يعود إلى مجموعة من التكاليف العالية والكفاءة المنخفضة، فقد نجحت المنظمات التجارية اليوم في معالجة هذه التحديات، وذلك بفضل الإبتكار.
ليس من قبيل المصادفة بأن يكون الإبتكار هو الخيط المشترك الذي يمر عبر مختلف عناصر الإقتصاد الأخضر: إن ما هو مطلوب لتحويل هذا المفهوم إلى واقع ملموس هو التفكير الإبتكاري جنباً إلى جنب مع قيادة قوية. إن الابتكار هو الذي يساعد على إنتاج الطاقة على نحو مستدام التي، بدورها، سوف تكون حافزاً للنمو والتنمية، وتشغيل المجتمعات والإقتصادات؛ كما أن الإبتكار هو الذي من شأنه أن يدفع إلى خلق الفرص، وبالتالي، الوظائف التي ستؤدي إلى المزيد من الإندماج الإجتماعي.
في حين أن الطاقة المتجدّدة ستساعد في تعزيز الإقتصاد الأخضر، ليس هناك شك في ذهني أن الإبتكار سوف يشكِّله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى