مصافي “الدولة الإسلامية” المتحرِّكة تحيِّر الطائرات الغربية

بعدما شعرت الإدارة الأميركية بخطورة تنظيم “الدولة الإسلامية” لسيطرته على حقول نفطية في سوريا والعراق إضافة إلى أصول أخرى، تحركت مع حلفائها الغربيين والعرب للقضاء على مصادر تمويله من الجو. ولكن إلى أي حد نجحت هذه الغارات الجوية؟

بغداد – ليلى الشامي

خريطة حقول النفط في شمال العراق
خريطة حقول النفط في شمال العراق

كان تنظيم “الدولة الإسلامية”، (المعروف ب”داعش”)، محور الإهتمام العالمي الرئيسي خلال الأشهر القليلة الفائتة، حيث تحوّل إلى الهدف الإرهابي رقم واحد للولايات المتحدة وحلفائها الغربيين. إن واحدة من السمات البارزة التي حيّرت العالم لهذه المنظمة الإرهابية تكمن في الطريقة التي تدير فيها شبكة كبيرة من النفط والغاز في كل من سوريا وشمال العراق كمصدر رئيسي لتمويلها. هذا التنظيم التكفيري، وفقاً لرئيس إدارة معلومات الطاقة الأميركية آدم سيمنسكي، “ينتج ما يصل إلى 100،000 برميل نفط يومياً، تبلغ قيمتها 9.6 ملايين دولار في الأسواق العالمية. لكن متشددي “الدولة الإسلامية” يتوقعون أقل من هذا المبلغ”، (باس نيوز، 25 أيلول/سبتمبر 2014).
من جهته قدّر مكتب “آي إتش أس” الإستشاري الأميركي الإنتاج النفطي لتنظيم “الدولة الاسلامية” بنحو 800 مليون دولار سنوياً، أي ما يوازي مليوني دولار يومياً. وأعلن المكتب في بيان ان “المجموعة الارهابية… قادرة على تحقيق عائدات كبيرة حتى لو أنتجت جزءاً صغيراً من الإمكانات النفطية في المنطقة الخاضعة لها، والبيع بأسعار متدنية في السوق السوداء”. وأوضح ان التنظيم يسيطر على منطقة يبلغ إنتاجها 350 ألف برميل يومياً، لكنه لا ينتج سوى 50 الى 60 ألفاً. ولاحقاً يبيع إنتاجه في السوق السوداء بسعر يتراوح بين 25 و60 دولاراً (بمعدل 40 دولاراً)، أي أقل بكثير من الأسعار المعتمدة في الأسواق الدولية، حيث يبلغ سعر برميل البرنت حاليا نحو 85 دولاراً. وأفاد ان مبيعات النفط هذه تتم “في شكل أساسي بواسطة صهاريج تسلك طرق التهريب عبر الحدود التركية”.
وفي المقابل، لم يحدد البيان بدقة قدرات التكرير لدى “الدولة الاسلامية”، معتبراً أنها محصورة في وحدات متحرّكة تؤمّن حاجة التنظيم نفسه.
الواقع أن تقييد قدرة “الدولة الإسلامية” للحصول على عائدات نفطية لتمويل عملياته الإرهابية يمثّل المحور الرئيسي في إستراتيجية الولايات المتحدة العسكرية والنشاط الديبلوماسي الغربي منذ أن أصبح هذا التننظيم أحدث تهديد إستراتيجي للمصالح الأميركية والغربية في الشرق الأوسط.
في 23 أيلول (سبتمبر) الفائت، هاجمت مقاتلات أميركية وحليفة أكثر من إثنتي عشرة منشآة نفطية ومحطات مؤقتة متحرّكة يديرها تنظيم “الدولة الإسلامية” في كل من سوريا والعراق. وفقاً للقيادة المركزية الأميركية، كانت 13 من الغارات الجوية ضد 12 وحدة من مصافي النفط في سوريا التي يسيطر عليها مقاتلو “الدولة الإسلامية”، بما فيها حقل “التنك” النفطي في مناطق الميادين و”البو كمال” في محافظة دير الزور وكذلك في منطقة القورية المنتجة للنفط. إن دير الزور الواقعة على الحدود مع العراق، هي الآن تقريباً كلها تحت سيطرة “الدولة الإسلامية”، ولكنها كانت محافظة سورية رئيسية منتجة للنفط قبل بدء الحرب الأهلية في بلاد الشام منذ أكثر من ثلاث سنوات. وعلاوة على ذلك، في 28 أيلول (سبتمبر)، قامت أميركا وحلفاؤها بثماني هجمات جوية ضد مواقع “الدولة الإسلامية” في سوريا، بين أهدافها كانت أربع مصاف متحركة للنفط.
على الصعيد الدولي، إعترفت الأمم المتحدة أيضاً بأهمية عمليات النفط بالنسبة إلى تنظيم “الدولة الاسلامية”. في 15 آب (أغسطس) 2014، إعتمد مجلس الأمن الدولي بالإجماع القرار رقم 2170 تحت الفصل السابع الملزم من ميثاق الامم المتحدة الذي قرر عقوبات ضد “الدولة الإسلامية” و”جبهة النصرة” لتعطيل موارد تمويل هذين التنظيمين المسلحين؛ وشملت العقوبات حظر شراء النفط منهما وفرض عقوبات صارمة على الشركات التي تفعل ذلك.
على الرغم من مستوى الإهتمام الدولي بالدور الذي تلعبه عائدات النفط في عمليات “داعش”، فإن المعلومات شحيحة جداً بالنسبة إلى إنتاج وتجارة النفط والأنشطة غير المشروعة الأخرى التي يزاولها والتي جعلت منه واحداً من التنظيمات الإرهابية الرائدة في العالم.

طبيعة النشاطات النفطية ل”الدولة الإسلامية”

في الصورة المعقّدة الناشئة في الأراضي “الفالتة” بين سوريا والعراق، حيث يسيطر مسلحو “الدولة الإسلامية”، بدأت التقارير بالظهور في أوائل حزيران (يونيو) الفائت التي تفيد بأن مقاتلي “داعش” يبيعون النفط السوري المنهوب إلى نظام الرئيس بشار الأسد. وفقاً لشيراز ماهر، زميل باحث ورئيس التوعية في المركز الدولي لدراسة التطرف في “كينغز كوليدج” في لندن، كانت الدولة الإسلامية تبيع النفط من الأراضي التي تسيطر عليها الى حكومة الأسد في دمشق. وقد لاحظ ماهر، بأن “النظام السوري سوف يعمل مصلحته الذاتية والتي من شأنها أن تعني توقيع إتفاق شيطاني مع مقاتلي “داعش” في الوقت الحاضر” (حسب “نيو ستيتسمان” [لندن]، 23 حزيران/ يونيو، و”صوت أميركا”، 20 حزيران/ يونيو 2014).
في الوقت عينه، فإن الكثير مما هو معروف عن العمليات النفطية ل”الدولة الإسلامية” يمكن تتبعه وإعادته إلى فترة صدام حسين عندما إستخدم الرئيس العراقي السابق طرق التهريب لتصدير النفط من أجل تفادي العقوبات الغربية. وقد أشار جيمس فيليبس، وهو خبير ومحلل سياسي في واشنطن، إلى أن سلسلة التوريد من الطرق والأفراد والأسر والمنظمات التي تسمح بتهريب النفط راسخة وسبقت “الدولة الإسلامية”. بعضها يعود تاريخه في الواقع إلى ما يقرب من عقدين من الزمن حين كان نظام صدام حسين يقوم بتهريب النفط خلال تنفيذ برنامج النفط مقابل الغذاء الذي أطلقته الأمم المتحدة في العام 1995. ولاحظ فيليبس بأن “هذه الحدود لم يتم إغلاقها أبداً ولن تُغلق مطلقاً”، (“نيويورك تايمز”، 14 أيلول/ سبتمبر 2014).
في وقت سابق من هذا العام، حقق تنظيم “الدولة الإسلامية” مكاسب إستراتيجية رئيسية في جهوده لتسخير قدرات إقليمية لإنتاج النفط من خلال إطلاق عملية عسكرية إستمرت يومين إجتاح خلالها مناطق رئيسية في شمال العراق. بعد وقت قصير من سقوط الموصل في 10 حزيران (يونيو) الفائت، إستولى التنظيم على سبعة حقول نفط ومصافٍ صغيرة عدة في شمال العراق وكان يحاصر أكبر مصفاة عراقية في بيجي. ثم في منتصف حزيران (يونيو)، إجتاح “داعش” حقلي “النجمة” و”الكيارة” النفطيين قرب الموصل وتقدم جنوباً نحو تكريت، حيث إستولى على حقلي “عجيل” و”حمريين”. ويعتبر حقل “عجيل” وحده أحد الأصول الإستراتيجية الرئيسية الذي ينتج يومياً 25،000 برميل من النفطً و150 مليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي، والتي كان يتم شحنها إلى مصفاة كركوك. إن غالبية آبار النفط التي سيطر عليها “الدولة الإسلامية” (ويقدر مسؤول كردي أن هناك حوالي 80 منها) أُقفِلت ولا تنتج، ولكن وفقاً لمسؤولين عراقيين، إن تلك الآبار التي تضخ فإن إنتاجها يرسل لتتم معالجته في المصافي المتنقلة في سوريا في المناطق التي يسيطر عليها “داعش”. ويجري تحويل الوقود إلى مازوت وبنزين وغاز منخفض الجودة، حيث يتم بعدها إعادته الى الموصل للبيع. (“رويترز”، 23 تموز/ يوليو 2014).
ووفقاً لرئيس لجنة الطاقة في محافظة الموصل هشام البريكفاني: “لدينا تقارير تؤكد على أن تنظيم “الدولة الإسلامية” يشحن النفط الخام من حقل “نجمة” في الموصل إلى سوريا لتهريبه إلى إحدى الدول المجاورة [تركيا] … السعر هو ثلاثة أضعاف ما كان من قبل، ولكن السائقين مجبرون على شرائه لأن الوقود المدعوم من الحكومة توقف”. (“صوت أميركا”، 23 تموز/ يوليو 2014).
وأضاف البريكفاني بأن الوسطاء الأتراك يُقبِلون على شراء النفط الخام المهرَّب بسعر مخفَّض بشكل كبير، حوالي 25 دولاراً للبرميل مقابل سعر السوق الفورية في العالم نحو 84-100 دولاراً للبرميل. وفقاً لنائب تركي عن “هاتاي” قرب الحدود التركية – السورية، فإن تنظيم “داعش” يقوم بتهريب النفط الى تركيا عبر خطوط أنابيب سرية على طول الحدود السورية التركية في “هاتاي”، و”أورفا”، و”أنتيب”، و”غازي عنتاب”، و”كيليس”، مع إجمالي مبيعات منذ بداية العام تصل الآن إلى 800 مليون دولار، (صحيفة “تاراف” [إسطنبول]، 13 حزيران/ يونيو 2014).
الحكومة التركية، مع ذلك، رفضت هذه الادعاءات. في 24 أيلول (سبتمبر) الفائت، نفى وزير الطاقة التركي تانر يلدز هذه المزاعم، قائلاً بأن تجارة الطاقة في البلاد تمتثل لجميع القواعد والقوانين وأن “تركيا لم تتلقَّ مثل هذا النفط” (صحيفة “إي هابر” [اسطنبول]، 24 أيلول/ سبتمبر 2014). رغم ذلك يصرّ البريكفاني على أن تنظيم “الدولة الإسلامية” هو الآن الراعي الوحيد للواردات النفطية من سوريا، معلّقاً: “إن مقاتليه يستخدمون جزءاً منها لسياراتهم ويبيعون الباقي للتجار في الموصل” (صحيفة “زمان” [اسطنبول]، 23 تموز/ يوليو 2014).
ويقدر بعض الخبراء بأن “الدولة الإسلامية” يحصل على حوالي 300-500 برميل من النفط من كل مصفاة من المصافي التي يسيطر عليها، في بعض الحالات يولّد بين مليون و3 ملايين دولار من العائدات في اليوم الواحد (بوغون [اسطنبول]، 26 أيلول/ سبتمبر 2014). ومع ذلك، هناك بعض الخلاف حول المبلغ الفعلي للإيرادات التي يجنيها التنظيم التكفيري من عمليات النفط. على سبيل المثال، قال مسرور بارزاني، رئيس المخابرات ورئيس الأمن القومي في إقليم كردستان، وكذلك نجل رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، أن “الدولة الإسلامية” يجني حوالي 6 ملايين دولار من الايرادات يومياً، (الوكالة الوطنية العراقية للانباء ، 22 أيلول/ سبتمبر 2014).
في الوقت عينه، أقدم “داعش” على تخريب المنشآت النفطية التي تستخدمها قوات البشمركة الكردية في شمال العراق من أجل حرمان الأكراد من المصدر الرئيسي للدخل. في 28 آب (أغسطس)، أحرق نشطاء من “الدولة الإسلامية” الحقول النفطية “عين زالة” في محافظة نينوى قرب الموصل من أجل عرقلة تقدم قوات البشمركة فيما كانت تقترب من معاقل التنظيم. وكان حقل “عين زالة” ينتج يومياً 20،000 برميل، وقُدِّرت إحتياطاته بنحو مليار برميل، (باس نيوز، 28 آب/ أغسطس 2014).
وبصرف النظر عن العمليات النفطية، جاءت معلومات إضافية حول شبكة الإيرادات الضخمة التي يولّدها “داعش” من الشهادة الأخيرة لمسؤول كبير في الحكومة الاميركية. قال نائب مساعد وزير الخارجية بريت ماكغورك في 24 تموز (يوليو) الفائت للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ أنه حتى قبل سيطرة المسلحين على الموصل، ثاني أكبر مدينة في العراق: “كنا قلقين من الموصل طوال العام الماضي، إذ أنها أصبحت المركز المالي الرئيسي ل”داعش”، حيث يجني منها ما يقرب من 12 مليون دولار في الشهر من الإيرادات من طريق الإبتزاز والسطو والتهريب”.

مستقبل العمليات البترولية ل”داعش”

بالنسبة إلى المستقبل المنظور، فيما تكثِّف الولايات المتحدة وحلفاؤها في الإئتلاف الحملات الجوية ضد “الدولة الإسلامية”، سيستمر عامل النفط في لعب دور رئيسي في الإستراتيجية الغربية. وقد أدّت الحملة الجوية فعلياً إلى زيادة كبيرة في الأسعار التي يفرضها تنظيم “داعش” على عملائه. ووفقاً لرامي عبد الرحمن من المرصد السوري لحقوق الإنسان في لندن، فإن سعر برميل المازوت إرتفع إلى أكثر من الضعف، من 9،000 ليرة سورية (55،76 دولاراً) إلى 21،000 ليرة (130 دولاراً) في حلب، (“رويترز”، 28 أيلول/ سبتمبر 2014).
الواقع أن جزءاً من المشكلة لمخططي التحالف وللهجمات الجوية المتحالفة هو من الحجم الكبير؛ خلافاً للمصافي الثابتة التي هي الآن تحت سيطرة “الدولة الإسلامية”، فإن مصفاة مؤقتة متحركة متوسطة، مثبتة على شاحنات، يمكن أن تعالج ما يصل إلى 200 برميل من النفط الخام يومياً. ومن المثير للإهتمام، بأن الولايات المتحدة قد إستخدمت سياسة تعطيل وليس تدمير المنشآت النفطية ل”الدولة الإسلامية”. في المؤتمر الصحافي الذي عُقد في 25 أيلول (سبتمبر) الفائت لمناقشة الهجوم على منشآت التكرير ل”داعش” في سوريا، قال المتحدث بإسم وزارة الدفاع الأميركية الأميرال البحري جون كيربي: “نحاول إزالة الوسائل التي تعتمد عليها هذه المنظمة للحفاظ على نفسها. كانت هذه المصافي موجودة قبل مجيء “الدولة الإسلامية”. وعلى إفتراض أن سوريا ستصل قريباً إلى السلام حيث سيصبح لديها حكومة تحكمها بطريقة أفضل، نحن نرغب في الحفاظ على المرونة لتلك المصافي لكي تستمر في المساهمة في إقتصاد مستقر في بلد مستقر عندما لا يعود نظام الأسد موجوداً”.
وأضاف كيربي أنه حتى حلول الوقت الذي يمكن أن تستخدم المصافي من قبل معارضة معتدلة، قإن الغارات الجوية ستوقف المصافي وتمنعها من تكرير وإنتاج البترول.
مسألة أخرى يواجهها تنظيم “الدولة الإسلامية” في إستغلال حقول النفط في سوريا تكمن في الآبار التي تدار من دون موظفيها وعمالها المدربين الذين هربوا بعيداً من وحشية الجماعات المسلحة. في حزيران (يونيو) الفائت، أنتج أكبر حقل نفطي في سوريا، “العمر”، ما يقرب من 32،000 برميل يومياً، وحقل “التنك” 19،000 برميل يومياً، ومحطة نفط “الخراطة” المتضرّرة وحقل “التيم” وحقل “الورد” 300 برميل يومياً فقط في ما بينها. وكانت هذه الحقول بالفعل ناضجة ومعقّدة جيولوجياً، وبما أنها حقول ناضجة، فهي تعتمد على حقن كميات كبيرة من المياه للحفاظ على الضغط والمحافظة على الإنتاج، (“ذي ناشيونال” [أبوظبي]، 29 أيلول/ سبتمبر 2014). ويتم تكرير الكثير من الإنتاج النفطي محلياً في مرافق بدائية، وهي من الأهداف التي أصابتها الغارات الأخيرة.
وعلاوة على ذلك، إن سيطرة “داعش” على حقول النفط السورية والعراقية ليست مطلقة – في العراق، إستعادت القوات الحكومية المركزية والكردية في الشمال العديد من الحقول، تاركة فقط حقول “حمريين”، و”النجمة” و”الكيارة” في يد “الدولة الإسلامية”.
من جهة أخرى من المرجح أن يكون إنضمام تركيا إلى محاربة “الدولة الإسلامية” مغيّراً للعبة، إذ أنه بإستخدام المطارات التركية سوف يمكن لأميركا وحلفائها بالتوسع الهائل للهجمات الجوية. كما أنها أيضاً ستؤدي إلى ضرب عائدات النفط ل”الدولة الإسلامية”، إذ أن صادرات النفط لا تشمل فقط مجموعة أنابيب مرتجلة، ولكن عدداً كبيراً من شاحنات وصهاريج النفط التي تعبر أراض جبلية خطيرة، والتي سوف تكون الآن عرضة للهجوم الجوي. إن على هذه الشاحنات وخطوط الأنابيب عبور 560 ميلاً من الحدود التركية السورية التي، نظرياً، صارت مغلقة أمنياً الآن.
وهناك أصول ثانية محتملة في محاربة “الدولة الإسلامية” تكمن في شراء النفط من الأكراد السوريين، والسماح لهم بالحصول على الموارد المالية لمواصلة محاربة “داعش”. قال عبد الرحمن حمو، وزير الإقتصاد في الإقليم الكردي في شمال شرق سوريا، أنه على الرغم من عدم قدرة المنطقة على الإستفادة الكاملة من إحتياطات النفط، فإن الديزل لا يزال أقل من نصف سعر المياه، ملاحظاً أنه “على مدى العامين الماضيين كان لدينا ما يكفي من النفط والديزل لتلبية حاجاتنا، ولكن لا يمكننا أن ننتج معظم النفط ونبيعه إلى بلدان تحتاج إلى موارد الطاقة، لا سيما تركيا”، (وكالة الأناضول، 28 أيلول/ سبتمبر).
والنتيجة؟
ما هو واضح هو أنه في المدى الطويل يريد تنظيم “الدولة الإسلامية” أن يكون له حضور عالمي مثل تنظيم “القاعدة”، ولكن، على عكس الأخير، فهو يسعى إلى تعزيز جاذبيته إلى أبعد من الإرهاب لنشر المبادئ الإسلامية التاريخية السلفية المتشددة. مع الموارد التي حصل عليها “داعش”، يواجه الغرب وحلفاؤه مهمة صعبة لإيقاف المنظمة، خصوصاً إذا جعل التحالف هدف عملياته العسكرية من الغارات الجوية الإضرار، وليس تدمير، البنية التحتية النفطية التي يسيطر عليها التنظيم التكفيري. إن هذا التقييد يعقِّد كذلك إستجابة التحالف في نهاية المطاف لمواجهة “الدولة الإسلامية” إذا قُيِّمت الضربات الجوية بأنها غير كافية ويؤثر في تشكيل المساعدات الأميركية المستقبلية وهيكليتها بالنسبة إلى الجنود العراقيين برياً على الأرض. الواقع بأن الضربات الجوية الحليفة تؤثر فعلياً في دخل عائدات النفط ل”الدولة الإسلامية”، وإذا تم الجمع بين حملة جوية مكثفة مع إغلاق محكم للحدود السورية – التركية وتمويل للأكراد السوريين عبر شراء النفط، فإن الجماعة المتشددة ستواجه وضعاً صعباً بانخفاض حاد في الإيرادات وتوسيع إستخدام القوات البرية في الصراع – وهي تمثل جميع أهداف حملة التحالف الحالية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى