شركات التأمين تنعم بالرخاء في لبنان لأنَّ لا قانون ينظّمها ولا رقيب يحاسبها

تعاني شريحة كبيرة من اللبنانيين من معضلة كبيرة، لجهة عدم توافر جهات رسمية تؤمّن غطاء الإستشفاء لها أسوة بغيرها من المضمونين التابعين لمؤسسات وشركات رسمية وخاصة ضامنة. في حين يلجأ البعض من الميسورين، إلى توقيع عقود تأمين للإستشفاء وغيرها مع شركات تأمين خاصة، غالباً ما ترتّب عليه دفع مبالغ مالية هائلة سنوياً، فيما هذه الشركات لا تشمل تقديماتها وعروضها كل قطاعات الإستشفاء. وهنا يقع “المتعاقد” في فخوخ ومصائد ومشاكل ونزاعات كثيراً ما تنشأ بينه وبين شركات التأمين الخاصة.
وفي الوقت الذي تجاوزت نسبة مساهمة التأمين في الناتج المحلي 3,5 في المئة، أثبتت فيه المصارف أنها الوسيط الأكثر نفوذاً وقناة التوزيع الأقوى لشركات التأمين.

"أكسا" و"فيزا" تطلقان أول بطاقة إئتمان لقطاع التأمين في لبنان في شباط (فبراير) 2014
“أكسا” و”فيزا” تطلقان أول بطاقة إئتمان لقطاع التأمين في لبنان في شباط (فبراير) 2014

بيروت – مازن مجوز

يُعتبر قطاع شركات التأمين في لبنان الأقوى بين نظرائه في المنطقة، لكنه يبقى متخلّفاً كثيراً عن بلوغ الأداء المماثل في الدول المتطورة. فقد أظهرت دراسة قام بها البنك الدولي عن هذا القطاع مخاطر ترتبط مباشرة بكثرة عدد هذه الشركات. وفي طليعة هذه المخاطر إحتدام المنافسة التي تقود مباشرة إلى حرب أسعار وتدني أرباح هذه الشركات، الأمر الذي يهدد إستقرارها المالي.
وفي هذه الدراسة الصادرة في كانون الأول (ديسمبر) 2013، يطالب البنك بتقليص عدد الشركات من 52 الى ما بين 10 و30 شركة فقط، في وقت بدأ العمل على توسيع نطاق التأمين الإلزامي على السيارات بالنسبة إلى تغطية الأضرار الجسدية والأضرار المادية للسيارات أيضاً، وذلك عملاً بالتوصية التي تضمنتها الدراسة بتوسيع هذا النوع من التغطية والذي بدأ العمل به في العام 2003 . وإذا صدرت القوانين المذكورة، فإنّ مراهنة التسعيرة تصبح مستحقة من قبل شركات التأمين.
ويبدو أنّ الإتجاه العام لدى الناشطين في هذا القطاع هو إلى تقليص هذا العدد من 52 الى ما بين 10 و35 شركة فقط، على رغم عدم وجود توافق محدد على العدد النهائي. وعليه، فإنّ فكرة إنطلاق عمليات الدمج والإستحواذ أصبحت واردة في لبنان، لكنها لم تنتقل فعلياً الى حيّز التنفيذ حتى الآن.
في المقابل، تشير أحدث الإحصاءات المتوافرة لوزارة الإقتصاد والتجارة إلى أنّ حجم الأقساط في القطاع لم يتعدَّ 1.3 مليار دولار في العام 2012 و1.4 مليار دولار في العام 2013، محققاً نسبة نمو بلغت 5.6 % في 2012 و9 % في 2013. كما أنّ أرباح القطاع بلغت 50 مليون دولار لفروع التأمينات العامة في كل من 2011 و2012.
أما العلاوة المتوسطة المعدلة التي يدفعها كلّ فرد لبناني فتبلغ سنوياً نحو 355 دولاراً، وذلك صعوداً من 301 دولار في العام 2012، أي ما نسبته 2,89 %.
الخبير الإقتصادي لويس حبيقة يؤيد فكرة الدمج بشكل مطلق، ويقول: “من الأفضل أن تكون هناك 10 شركات قوية بدلاً من 60 شركة ضعيفة، فعملية الدمج هذه هي لمصلحة المواطن “المؤمّن”، لأن المواطن – وبطبيعة الحال- يخاف من أن يؤمِّن نفسه، ولا تعوِّضه الشركة الخسائر”.
ويتابع: “إننا نشهد اليوم منافسة بين شركات تأمين مرتبطة بالمصارف وأخرى مستقلة، والمبدأ الأسلم أن تكون هذه الشركات مستقلة”، مؤكدا على أن “شركات التأمين غير المرتبطة بالمصارف ليست ضعيفة، بل على العكس هي اليوم أقوى بكثير من تلك المرتبطة بالبنوك، بدليل أن أهم ثلاث شركات تأمين في لبنان هي “أكسا – الشرق الأوسط” وهي شركة رائدة، والأليانز ( Allianz SNA) ، و”أميركان لايف” وهي شركة تأمين على الحياة. جميعها ليست مرتبطة بأي مصرف”.
وإذا ما أردنا التوقف عند أداء قطاع التأمين في لبنان خلال العام 2013، نجد – وفقاً للتقرير الدوري لجمعيّة شركات الضمان في لبنان الصادر في 7 حزيران (يونيو) 2014 – إرتفاعاً سنويّاً بنسبة 9% في أقساط التأمين إلى حوالي 1.4 مليار دولار في العام 2013. ما يعني أن نسبة مساهمة التأمين في الناتج المحلي تجاوزت الـ3,5%.
في المقابل، دفعت هذه الشركات تعويضات بلغت 733,7 مليون دولار، والتي زادت بنسبة 11%، علماً انّ هذه النسبة زادت الى 52% في العام 2013.
في الواقع، تعتبر وزارة الإقتصاد والتجارة أنّ قطاع التأمين لا يزال يحتل مرتبة متواضعة بالنسبة إلى حجم الإقتصاد المحلي عموماً، وبالنظر إلى قطاع الخدمات المالية خصوصاً، على رغم النمو الذي حققته خلال السنوات المنصرمة.
وتُنسب هذه الزيادة بشكل رئيسي إلى إرتفاع أقساط التأمين الصحّي والتأمين ضدّ الحريق بنسبة 12% لكلٍّ منها، والزيادة في أقساط التأمين على الحياة بنسبة 10%، الأمر الذي طغى على تراجع أقساط التأمين على السيّارات بنسبة 3%، وإنخفاض أقساط التأمين على وسائل النقل وعلى العمّال بنسبة 3%.
ويُظهر التقرير أيضاً، أنّ التأمين على الحياة قد حظي بحصّة الأسد (29.2%) من إجمالي أقساط التأمين المدفوعة خلال العام 2013 تبعته فئة التأمين الصحّي (29%)، والتأمين على السيّارات ووسائل النقل (23.9%)، والتأمين ضدّ الحريق (7.2%)، والتأمين على العمّال (2.8%)، والتأمين على البضائع (2.5%).
في هذه الأثناء يرى بعض خبراء التأمين أن المصارف أثبتت أنها الوسيط الأكثر نفوذاً وقناة التوزيع الأقوى لشركات التأمين. ويؤكد هؤلاء على أن لبنان عرف وبدأ بممارسة التأمين عبر المصارف “BANCASSURANCE” منذ فترة زمنية تقل عن20 سنة، إستطاعت فيها شركات التأمين – التي تسوّق عقودها عبر شبابيك المصارف – أن تحقق قفزات، جعلتها تتقدم على شركات تأمين أخرى مضى على تأسيسها ما يزيد عن نصف قرن.
في السنوات الأخيرة، حمل هذا الواقع الكثير من الشركات المستقلة عن المصارف على رفع الصوت بين حين وآخر، مطالبةً بإصدار تشريعات أو أنظمة تضبط تسويق المصارف للمنتجات التأمينية وتخضعه لشروط تمنع تحكّم المصرف بطالب “القرض المصرفي”، حيث تجبره على إبرام عقود تأمين يراها المصرف ضرورية لحماية “القرض” من الضياع، وهي في الوقت عينه أداة تمكّن المصرف من تحقيق عمولة، إضافة الى الفائدة على الدين التي يفرضها على المقترض.
وبالفعل فقد أُخضِع التأمين عبر المصارف “BANCASSURANCE” في أوروبا وكذلك في دول عربية مثل مصر، والأردن وسوريا لأنظمة خاصة.
والسؤال الذي يُطرح هنا: من يحمي المتعاقد والمؤمّن من جشع شركات التأمين في ظل أساليب الإحتيال التي يلجأ إليها عدد من شركات التأمين، من إلتفافٍ على عقد التأمين، وهنا لعلّ كلمة إستثناءات بين السطور هي الأكثر شيوعاً، إن لم نقل الفخ المعتمد الذي تلجأ إليه بعض هذه الشركات للتهرّب من تغطية الحوادث، إن بسبب جهل المؤمّن او وجود ثغرة في العقد؟ وبالتالي كيف يحمي المؤَمّن نفسه من عقود “ملغومة”؟ ومَن يوقف “سماسرة” التأمين عند حدِّهم؟
الأمثلة كثيرة على مواطنين وقعوا ضحايا عقود ” ملغومة ” فعلى سبيل المثال نأخذ قضية خليل. م . (لم يرد ذكر كامل إسمه) الذي حصل على عقد تأمين الأمومة (Maternité)، من إحدى شركات التأمين الخاصة. بعدما أنجبت زوجته طفلاً في أحد المستشفيات الخاصة، توالت الجلطات الدماغية على رأس المولود الجديد ليمكث شهراً في غرفة العناية الفائقة، حيث وصلت الكلفة إلى 27 مليون ليرة. وهنا رفضت شركة التأمين تغطية النفقات بحجة أن التأمين يغطّي الزوج والزوجة وليس الطفل.
ولمّا عاتب خليل الوكيل المعتمد على عدم ذكر هذا البند في الإتفاق، كان جواب الوكيل: “أنا أوضحت لك، ربما لم تسمعني أو ربما لم تسألني أصلاً لأنك لم تفترض أن زوجتك ستنجب ولداً غير معافى”.
بدوره روكز عازار وهو مالك معمل سيراميك، شحن عبر البحر مستوعباً من الخارج بعدما تأكد من صدور بوليصة التأمين عليه من السرقة والغرق، إلا أن المستوعب غرق. ولمّا هرع عازار مستنجدا بشركة التأمين، تريثت في الدفع قبل إجراء تحقيق مفصّل عن سبب الغرق. ووفقاً له أبلغت الشركة عازار أنها غير مستعدة للدفع، بعدما إعتبرت أنّ “الحبال التي لُفّ بها المستوعب لم تكن موثّقة بشكل جيد”.
ولمّا إستفسر عازار عن الموضوع، أشار الوكيل بإصبعه الى فقرة مكتوبة بخط صغير في العقد تشير إلى ضرورة متانة رباط المستوعبات.
بصرف النظر عن المستوى الثقافي للمؤَمّن، يراهن العدد الأكبر من شركات التأمين على أنّ “المواطن اللبناني لا يقرأ”، لذا غالباً ما تتردّد عبارة: “موسيو ما توجّع راسَك إمضِ هون، إنتَ مضمون تو-ريسك (ضد كل المخاطر) طمِّن بالك”. إلّا أنّ الكلام الشفهي عند إصدار العقد قد يكون مخالفاً للمكتوب.
من جهته لا ينفي رئيس جمعية شركات التأمين في لبنان أسعد ميرزا أن “المواطن اللبناني يتعرَّض للأذى من أكثر من جهة”- ويعكس كلامه حالة التخبط التي يعانيها المؤَمّن في لبنان- مشكّكاً في الوقت عينه، “في مدى حجم التفسيرات المقدّمة للمؤمّن”. لافتا إلى أن “سمعة معظم شركات التأمين في العالم سيّئة “لو ضوِّت عشر شمعات”، ويغيب عن بال البعض أنّها ليست جمعيات خيرية”. مكتفياً بوصف واقع الحال في لبنان، بعبارة ” أصابع اليدين ليست متشابهة”.
وعن دور الجمعية في محاسبة الشركات “المتحايلة”، يجيب ميرزا: “نحن جمعية ولسنا نقابة، لا سلطة لنا في المحاسبة، يمكننا المساعدة، لكن ليس بوسعنا إلزام أيّ شركة بالدفع إذا تنصّلت من مسؤولياتها”.
وتبدو الصورة في مكان ما بحاجة إلى شروط يجب توافرها في الوسيط أبرزها الكفاءة، وهنا يسأل الخبير لويس حبيقة: “هل كل الوسطاء يتمتعون بها؟ بالتأكيد لا، فدور وزارة الإقتصاد والتجارة من حيث الرقابة على كفاءة وسطاء التأمين مهم، وفي هذه الحالة كي لا يغشون المواطن، أي أن يعرف الوسيط كيف يوجّه المواطن، لا كيف يحتال عليه. فقوانين التأمين يجب أن تحترم المواطن، وهذا هو الأساس في الموضوع”.
وإذ يشير إلى أن قوانين التأمين لا تخضع اليوم للتحديث بشكل دوري وجدّي، يضيف أن “ثمة ضعف وتقصير من قبل وزارة الإقتصاد والتجارة، وأنه يتوجب على شركات التأمين أن تضغط كي تصل إلى نتيجة إيجابية”.
وبالتالي كي لا يُغش المواطن، يجب أن تكون الشركات مهمّة وقوية بغية الوصول إلى معادلة “عدد أقل من الشركات، وكل شركة تصبح أقوى” وفق حبيقة.
والمعروف أن وزارة الاقتصاد، تتابع عبر هيئة الرقابة، أعمالَ كلّ شركة وتُدرك مستواها، وفي الوقت عينه تحتفظ بخصوصية كلّ واحدة.
وفي هذا السياق يشير إيلي طربيه — الذي مثل وزير الإقتصاد آلان حكيم في ندوة بعنوان “وساطة التأمين في دول البحر الأبيض المتوسط” إستضافها فندق البستان – بيت مري في 14 حزيران (يونيو) 2014 — إلى جملة من الإجراءات تتجه الوزارة لإتخاذها وأبرزها ملء الشواغر في المجلس الوطني للضمان، وتفعيل دور المجلس التحكيمي للضمان من خلال تعيين أعضاء جدد، وتشكيل لجان تنفيذية لوضع الأطر التنفيذية للموضوعات المذكورة في الضمان الإلزامي، والوساطة غير المشروعة، والتحفيزات الضريبية، وشرعة ممارسة مهنة الوساطة، على أن تتضمن هذه اللجان ممثلين عن كل الجهات المعنية.
وتقود هذه الإجراءات، حسب رئيس لجنة مراقبة هيئات الضمان وليد جينادري، إلى “الحرص على التحلّي بروح إيجابية، على رغم أنّ قانون تنظيم عمل شركات التأمين يعود إلى العام 1968”. واصفاً إياه بالمنقوص “أمّا النسخة المحدّثة من القانون فلا تزال تقبع في أدراج مجلس الوزراء منذ العام 2007، لذلك يصبح عملنا كمَن يقود درّاجة هوائية في سباق الفورمولا”.
وبالعودة إلى تقرير البنك الدولي، نجده لا يكتفي بالتوصية إلى تقليص عدد هذه الشركات، بل يرى حاجة كبيرة الى تعديل القوانين المرتبطة بقطاع التأمين وتطويرها.
ويركّز التقرير على وجوب توجيه هذا القطاع نحو تبنّي إستراتيجيات ومبادئ ترتكز على إحتساب المخاطر، كما يوصي بإنتقال هذه الشركات الى تطوير خدمات ومنتوجات جديدة، والدخول الى أسواق إضافية، وتوسيع عملها خارج العاصمة بيروت. حيث التركيز حالياً هو عليها وعلى محافظة جبل لبنان، علما أن خدمات “ليبان بوست” (LibanPost) ستساهم كثيراً في هذا الاتجاه إضافة إلى القنوات الاخرى مثل العملاء والوسطاء والمبيعات المباشرة والتأمين المصرفي.
من جهة أخرى من الملاحظ أن الخدمات التي تقدمها الشركات ال 52 حالياً المنتمية إلى جمعيّة شركات الضّمان، موزّعة على الشّكل التالي: 20 شركة متخصّصة في التأمين على الحياة ولدى بعضها فروع عديدة، و32 شركة متخصّصة بالتأمين الشامل دون التأمين على الحياة.
وعلى الرغم من أن الارقام تشير إلى أن قطاع التأمين في لبنان سجّل ومنذ العام 2012 نمواً بنسبة 15,99% في كل من قطاع التأمين على الحياة والقطاعات الاخرى، متقدماً بذلك على الدول المجاورة، كقبرص (سجلت نمواً بنسبة 15,29%، والاردن (9,75 %) والجزائر( 7,9%) . إلا أن البنك الدولي ينتقد غياب الديناميكية في عمل القطاع التأميني في لبنان، والذي يكتفي بتلبية الطلب على التأمين على الحياة والصحة والسيارات، من دون ان يتجاوز ذلك الى مرحلة تسويق منتوجات جديدة للشركات، عازياً إيجابية توفير الإستقرار والنمو لهذا القطاع إلى السياسة التقليدية للشركات اللبنانية.
وإنتقالاً إلى الحلول المطروحة للعديد من المشاكل الآنفة الذكر يبرز الإحتكام إلى مجلس الضمان التحكيمي في وزارة الإقتصاد. ويوضح الدكتور سعيد حديفة أحد أعضائه أهمّية هذا المشروع، قائلاً: “إن مجلس الضمان التحكيمي يُعتبر الأوّل في الشرق الاوسط، مجاني، ويستطيع أيّ مضمون التقدّم من خلاله بشكوى على شركة الضمان من دون تكبّد مصاريف توكيل محامٍ أو أيّ رسوم أخرى، مع الإشارة إلى أنّ الحكم يصدر بسرعة قياسية لا تتعدّى السنة”.
ومع ذلك يبقى السؤال :” ماذا ينقص هذا المجلس من تعديلات” ؟
المحامي كوستي عيسى يقول: “إن الرأسمالية المتوحشة تحتاج الى قيود؛ فشركات التأمين ذات رؤوس أموال كبيرة تملي العقود حسب مصالحها المالية. فيصبح “المتعاقد” الطرف الأضعف وتبقى الواجبات والحقوق غير متوازنة في عقود التأمين”.
وبالتالي، فإن المطلوب هو توسيع صلاحية مجلس الضمان التحكيمي، “علينا رفع الصلاحية الكمية له من 75 مليون الى 350 مليون ليرة. فيما تتمثل الخطوة الثانية بتعديل مدة مرور الزمن. البالغة سنتان في المجلس يقابلها عشر سنين في الأمور المدنية” يشرح عيسى.
وربما تكون هاتان الخطوتان كافيتين للوصول إلى توازن عادل بين شركات التأمين والمتعاقدين. مع التذكير بأن الدولة حاولت طرح فكرة البطاقة الصحية، لمن ليس موظفاً في القطاع العام، لكنها بقيت خطوة غير جادة.
ومع ذلك، تبقى بعض شركات التأمين المحلية مصرّة وقادرة على التنصل من إلتزاماتها تجاه المؤمّنين لسبب او لآخر، خلافاً لشركات التأمين المحترمة في الدول الراقية التي تقوم بواجباتها في تسديد ما عليها إنطلاقاً من نقطتين:
اولاً: هناك دولة وقوانين قاسية لا تسمح للتلاعب من الجهتين (الشركة والزبون)، ولا للتهرب من دفع بدلات التأمين.
ثانياً: تعتمد شركات التأمين العالمية على السمعة الطيبة لإستقطاب المزيد من الزبائن، ولذلك تسارع الى تسديد ما عليها لتكسب ثقة الناس.
وفي الختام، فإنه في وقت يتعطّش المؤَمّن لإيجاد الحلّ المناسب، لا يخفي عددٌ من المراقبين خشيتهم من أصحاب القرار الذين يتقصَّدون إبقاء قطاع التأمين على حاله، لأنّ تنظيمه يحدّ من نفوذهم ويُقلّص أرباحهم. فهل يأتي يوم، وتنطبق على لبنان مقولة الأميركي “هنري فورد”، صاحب طريقة التصنيع بالتجميع، “نيويورك ليست من صنع البنّائين إنّما رجال التأمين؟”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى