ماذا يعني كلام السيسي إلى الشعب المصري؟

بعد ثلاث سنوات ونصف مضطربة على الثورة في مصر، فإن إنقطاع التيار الكهربائي الذي أوقع القاهرة ومدناً أخرى في ظلام دامس لساعات طويلة في الرابع من أيلول (سبتمبر) الجاري، يمكن بسهولة إعتباره على أنه رمز لإفتقار البلاد إلى التقدم. ويبدو أن الرئيس المصري المشير عبد الفتاح السيسي يدرك بالتأكيد هذا الإنطباع، ولهذا السبب ذهب إلى التلفزيون وتحدّث مباشرة إلى الأمة عن هذه المشكلة.
إذا كان تعتيم الطاقة الأشد منذ تسعينات القرن الفائت مثّل أحد الرموز لما تعانيه مصر في أعقاب “الربيع العربي”، فقد كان خطاب السيسي المتلفز على مدى 30 دقيقة علامة فارقة هو الآخر، إذ أنه أثبت مدى التغيّر الذي حصل منذ عهد حسني مبارك الإستبدادي ثم حكم الإفراط في الوصول والتواصل لخليفته الإسلامي محمد مرسي.
متحدثاً بالعامية بأسلوب وصفه بعض المراقبين بأنه “من القلب الى القلب”، سعى الرئيس السيسي إلى شرح ماهية التحدّيات العميقة التي تواجهها البلاد، مؤكّداً على أن معالجتها ستستغرق وقتاً حيث ستكون هناك نكسات على طول الطريق. وبعيداً من تهديدات الإرهاب والتطور الإقتصادي البطيء، قال بأنه يقدّر أن مصر ستحتاج إلى 12 مليار دولار من الإستثمار في توليد الطاقة خلال السنوات الخمس المقبلة فقط لتلبية الطلب المتزايد.
إن عدداً قليلاً من الذين إستمعوا في مصر إلى خطاب الرئيس المتلفز يختلف معه بشأن حجم الصعوبات التي تواجهها البلاد، أو أن معالجتها لن تحدث بين عشية وضحاها. ولكن، بطريقة ما، برزت رسالة مهمّة من كلمة السيسي عنوانها الإعتراف بأن السلطة المطلقة في مصر هي في أيدي مواطنيها وليس في أيدي الحكام.
من خلال إعترافه بالإحباط العام من وتيرة التقدم البطيء وتسوِّله الصبر من شعبه، فقد برهن الرئيس المصري على أن هناك تغييراً قاطعاً في العقلية الحاكمة مختلفة عما كان سائداً قبل “الربيع العربي”. الواقع أن السيسي بحاجة إلى مثل هذا الأمر. هناك جزء من السخط حيال الحياة في مصر سببه حملة القمع التي تقوم بها السلطات ضد الإحتجاجات العامة، وخصوصاً من قبل أنصار الرئيس المخلوع مرسي، وحول التقدم الإقتصادي البطيء.
إن الفهم العام الذي إنتشر بين المصريين العاديين هو أن التقدم سيكون تدريجاً وتراكمياً، يعني أن لدى الرئيس السيسي حسن نية لتحقيق تقدم في إصلاحاته. ولكن إذا كان هناك من درس واحد يؤخَذ من تاريخ مصر الحديث، فهو أن التقدم يجب أن يأتي في نهاية المطاف أو أن الجمهور سوف يفقد الثقة والإيمان — وهذا ما عناه خطاب السيسي وأراد إيصاله إلى المصريين حقاً.
كابي طبراني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى