المفكرة الخليجية: تذبذب أسعار العقارات يُحتّم إعتماد مؤشرات مرجعية ملزمة

أحدث التنوع في المنتجات العقارية وإتجاهات الطلب عليها حالة من الإرباك وعدم الإستقرار لدى الأسواق العقارية في دول المنطقة، وأتاح الطلب عليها بأشكالها وأحجامها ومواقعها كافة، وتجاوزه في كثير من الأوقات معدل المعروض، للقائمين على السوق فرض المزيد من الشروط التي يصعب على المتعاقد تلبيتها في معظم الأحيان، وعلى رأسها قيم التعاقدات وخصوصاً عند تأجير الوحدات السكنية والتجارية التي سجلت تذبذبات وتباينات مرتفعة خلال السنوات الخمس الماضية.

وأكد تقرير لشركة المزايا القابضةأن السوق العقارية في دول المنطقة، لا تعتمد على معايير ومقاييس لتصنيف الوحدات السكنية والتجارية المتوافرة وتحديد قيم البيع والتأجير العادلة، ما أدى إلى إقتراب أو تساوي قيم التأجير للعقارات كافة ضمن المنطــقة أو الحي الواحد من دون الإعتماد على مؤشرات تفرّق بين الجديد والقديم، والحديث والمتهالك، وبين نوع وطبيعة الخدمات المتوافرة وبين مدى جاهزية البنية التحتية“.

وأضاف: “تواجه السوق إختلالات متواصلة ضمن هذا المنظور أدّت إلى تعميق التحديات وصعوبة إيجاد الحلول المناسبة، في حين خرج القائمون على السوق وملاك العقارات بالحصة الأكبر من العوائد مستفيدين من إستمرار موجات الطلب على الوحدات العقارية خلال الفترة الحالية، وإستمرار ذلك سيعيق خطط التنمية العقارية وسيضعف مستويات الشفافية والعدالة التي تحتاجها السوق، وبالتالي ستدخل في تراجع وتباطؤ على معدلات النمو خلال الفترة المقبلة“.

وأكد التقرير أن العشوائية وترك القضايا المهمة للسوق العقارية تمثل أكثر من 70 في المئة من إهتمامات مواطني دول المنطقة وإتجاهاتهم الإستثمارية والإدخارية والإجتماعية ومدى قدرتهم على تأمين المسكن لهم ولعائلاتهم، في حين تساهم المشاريع المتواصلة في رفع وتيرة النمو وتحسين دخول الأفراد ومستوياتهم المعيشية، إضافة إلى فرض ثقافة الإدخار لديهم نظراً إلى تحسن القدرات الشرائية والتي جاءت كانعكاس مباشر لوتيرة النشاط المالي والإقتصادي المسجّل، ولتحقيق ذلك تحتاج السوق العقارية إلى المزيد من التنظيم والإبتكار لفرض المزيد من الضوابط والمعايير التي تعنى برفع مستوى الشفافية، في حين سيكون لإعتماد مؤشرات عقارية تعمل على متابعة الحراك المسجّل أهمية لإستقرار السوق وتنشيط تداولاتها“.

وأضاف: “لا حدود للتشوهات والإختلالات التي تسجّلها السوق العقارية حالياً، والمؤشرات لدى السوق السعودية تظهر وجود نحو 970 ألف وحدة سكنية شاغرة، أي نحو 17 في المئة من إجمالي عدد الوحدات السكنية التي تقدر بـ5.6 ملايين مسكن، ما يعكس خللاً لدى القطاع الإسكاني إذا ما صحت تلك التقديرات، بينما يتخوف عقاريون من أن رداءة البناء سبب أساس لإرتفاع عدد الوحدات الشاغرة، في حين سيتعزز هذا الوضع في حال فرضت قنوات التمويل العقاري المزيد من القيود على التمويل تفادياً لمشكلات تتعلق بتمويل وحدات سكنية ذات جودة منخفضة، ما سيؤدي إلى تراجع جودة أصولها وإرتفاع معدلات التعثر وعدم السداد، فيما يشكّل الإرتفاع المتواصل على الطلب والأسعار، حالة من الإحتكار والسيطرة من قبل ملاك العقارات.

وأظهرت تقارير حديثة وجود نحو 400 ألف طلب تملك عقاري لدى البنوك العاملة في المملكة، وبالتالي فإن مخاوف البنوك من وجود خلل في عمليات البناء وإنخفاض جودتها وإرتفاع الأسعار وإنخفاض دخل المواطنين، قضايا مبررة يجب أخذها بعين الإعتبار عند إعداد الخطط وإيجاد الحلول الجذرية لها، بينما يُتوقع أن تحدث هذه الإختلالات تغيرات جذرية على آليات وطرق البناء في المستقبل، والتوجه نحو شركات التطوير العقاري ذات السمعة الجيدة في مجال البناء“.

يُذكر أن الاختلالات في مجالات البناء لم تحدّ من المشاريع والإستثمارات العقارية الكبيرة والشاملة، إذ أن 55 في المئة من المواطنين يبحثون عن تملك السكن المناسب، ما يعطي السوق السعودية الزخم الإستثماري المتواصل ويتطلب الإسراع في تطوير آليات التقييم والمتابعة لجودة العقارات المعروضة ومسارات أسعارها.

وتطرق تقرير المزاياإلى الإرشادات التي دعا إليها صندوق النقد الدولي لإتخاذ إجراءات أكثر صرامة لوقف الأنشطة المضاربية لدى السوق العقارية في دولة الإمارات، على رغم الإجراءات الحكومية المتخذة للحد من إرتفاع أسعار العقارات والمضاربات عبر فرض المزيد من القيود على الإقراض العقاري. في المقابل هناك مطالبات مستمرة ودراسات حديثة تؤكد حاجة إمارة أبو ظبي إلى إعتماد مؤشر عقاري يعمل على تصنيف الأبنية السكنية والتجارية وفقاً لمعايير واضحة، بهدف معالجة الإشكالات التي واجهتها وتواجهها السوق العقارية مع تفاقم وتيرة الخلافات بين الملاك والمستأجرين نتيجة إلغاء سقف الزيادة السنوية على الإيجارات والتي كانت محددة بخمسة في المئة سنوياً.

وأكد أن للمؤشر العقاري أهمية كبيرة في رصد المؤشرات وتذبذبات السوق العقارية، إذ شهدت أسعار بيع العقارات وتأجيرها إرتفاعات كبيرة، وأظهرت النتائج التي أصدرتها مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات إرتفاع قيمة الإيجارات في السعودية إلى 73.5 في المئة خلال السنوات السبع الماضية، بينما تشهد أسعار الأراضي الفضاء إنخفاضاً، في حين أن إرتفاع قيمة الأراضي السبب الرئيس لإرتفاع أسعار العقارات.

وسجلت السوق العقارية الكويتية إرتفاعاً على أسعار العقارات السكنية لتصل إلى مستويات غير متوقعة، فيما يتوقع إستمرار مسار الأسعار إذا ما بقيت الظروف المسببة للارتفاع على حالها، وبالتالي بات من المؤكد، ومع تنامي أسعار العقارات الإستثمارية، أن تعجز شريحة كبيرة من المستأجرين من الاستمرار في مواكبة تلك الإرتفاعات. والحال ليس أفضل في السوق الإماراتية، حيث تضاعفت قيمة الإيجارات في المدن الرئيسية بين أربع وست مرات منذ فوز دبي باستضافة معرض إكسبو 2020″. وسجلت أسعار الشقق لدى السوق البحرينية إرتفاعات كبيرة ليصل إيجار الشقة إلى ما نحو 300 دينار (800 دولار) مقارنة بمتوسط الأسعار خلال الفترة الماضية والذي لم يتجاوز 100 دينار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى