من غزة إلى دمشق والعراق: غياب واضح في القيادة

الموقف العربي

دمشق – محمد الحلبي

منذ مدة وأقلام الخبراء الأجانب تنتقد ما يحصل في منطقة الشرق الأوسط وتهاجم قادة دولها بطريقة قاسية. والواقع إن من ينظر إلى الوضع المتردي والصراعات الملتهبة كثيراً في هذه الأيام في هذه المنطقة يستنتج ما قال هؤلاء صحيحاً ذلك أن هذه الدول في هذه البقعة من العالم قد تمت إدارتها بشكل سيىء من قبل قادتها منذ أمد. إن ندرة القيادة في هذه الفترة الحاسمة واضحة: في سوريا، يتابع بشار الأسد “إمطار” الموت على مواطنيه، ويستعد لهجوم كبير على أكبر مدينة في البلاد، حلب – فيما مساحات شاسعة من الشرق إحتلها تنظيم “الدولة الإسلامية”، “داعش” سابقاً.

في إسرائيل، وبالمثل، يفجّر بنيامين نتنياهو المدنيين في غزة، بعدما أدّى الحصار الإسرائيلي لمدة خمس سنوات على القطاع إلى منع وصول الأدوية الكافية ودخول المواد الغذائية للمدنيين. وفي العراق، الذي يواجه تهديداً مماثلاً من “الدولة الإسلامية”، قرر البرلمان في بغداد أولاً التركيز على العطلة الصيفية وتأجيل إجتماعاته إلى الشهر المقبل- كل هذا في حين أن الحكومة ليست مسيطرة على أراضيها – وبعد ذلك، عندما أصبح ضغط الرأي العام في الداخل والخارج كبيراً جداً، تم إعادة جدولة الاجتماع على عجل وعيّن الموعد بعد أسبوع آخر. حقاً، إن ناس الشرق الأوسط، كما قال البريطانيون ذات مرة عن أفراد جيشهم، إنهم أسود بقيادة حمير.

قرار البرلمان العراقي لتغيير تأجيل إنعقاد جلساته هو موضع ترحيب، ولكن تأخيره أمر لا يغتفر. من جهتهم، أعلن الأكراد وجود نية فعلية للإنفصال، وينوون بالتالي إجراء إستفتاء في غضون أشهر – وفي غياب القيادة السياسية التي يمكنها إقناعهم بالبقاء فإن الإنفصال قد يصبح حتمياً. في مكان آخر، هناك تقارير تفيد بأن تنظيم “الدولة الإسلامية” قد طرد 30،000 شخص من سكان بلدة في شرق سوريا، مضيفة ذلك إلى أكثر من 100،000 شخص نزحوا وفروا بالفعل من تلك المنطقة، بالإضافة إلى عشرات الآلاف من العراقيين الذين عبروا الحدود. يوماً بعد يوم، يزداد الوضع سوءاً.

وفي الوقت عينه يتمسّك نوري المالكي، رئيس الوزراء العراقي، بمنصبه، على الرغم من أن كثيرين يعتبرونه على أنه المشكلة أمام الحل. مع قيادة سياسية، بعد كل شيء، كان يمكن أن يكون هناك حل للتهديد الجهادي الأصولي. لا يفتقر الجيش العراقي القدرة على مواجهة “الدولة الإسلامية”، لكنه يفتقر إلى القيادة وثقة أهل السنة. إن تغيير رئيس الوزراء يمكنه إصلاح ذلك.
هذه الصراعات، من غزة في الغرب إلى بغداد في الشرق مروراً ببلاد الشام، ترتبط بالإفتقار إلى القيادة، والتصور الضيّق حول ما الذي يشكّل تهديداً، حيث تبقى أكبر المشاكل من دون حل. لذا ليس من المستغرب أن الكثيرين من المراقبين رفعوا أيديهم.

ومنذ مدة، كثيرون من المحللين في الشرق الأوسط، ونحن منهم، أكدوا مرات عدة بأن مشاكل العراق وسوريا وفلسطين يمكن حلها وإعادة الإستقرار والإزدهار إليها. إنها ببساطة بحاجة إلى قيادة جيدة وسياسات معقولة. إن الشرق الأوسط، حتى في منتصف رمضان، يحتاج إلى رؤساء حكماء أصحاب عقول نيرة أكثر وضوحاً.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى