خطورة اسلوب و توقيت التعامل مع النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين

بقلم عرفان نظام الدين*

من حقِّ لبنان أن يتِّخذ القرارات التي تتناسب مع قوانينه وأوضاعه السيّئة لتأمين فرص العمل للبنانيين، ووقف المزاحمة غير المشروعة. ومن حقِّ اللاجئين الفلسطينيين ان يحتجّوا على الاجراءات المُتَّخذة ضدهم لمنعهم من العمل، لأن قطع الأرزاق هو من قطع الأعناق، علماً أن هناك من يتكلم عن خطة لفرض التوطين، فيما يتحدث البعض الاخر عن تجويع اللاجئين لقبول “صفقة القرن” بعد خفض موازنة “الأونروا” (وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى). وقد أحسنت الحكومة اللبنانية بالتراجع عن الإجراءات وإعادة الأمور الى ما كانت عليه دحضاً للشائعات. ومن حق النازحين السوريين أن يتذمّروا من استهدافهم، لا سيما في الأشهر القليلة الماضية، وتوجيه الإتهامات ضدهم، وممارسة أساليب عنصرية بغيضة، مع الاشارة الى أن مقابل الكلام عن خسائر لبنان نتيجة النزوح، هناك قرائن وإحصاءات تُثبت أن البلاد كسبت المليارات من الدولارات التي يستثمرها السوريون، ومن اليد العاملة الماهرة والرخيصة.
هذا التضارب في الحقوق والواجبات يدفع كل مُحبّ للبنان وإخوانه المُقيمين على أرضه قسراً، إلى مطالبة الجميع بأن يجِدوا حلاً ناجعاً، يحفظ الأمن وينزع فتيل التوتر والمواجهات التي بدأت طلائعها تظهر أخيراً.
ومن هنا يجب التركيز على الأسلوب وليس على المبدأ، وعلى طريقة التعامل وليس على أهدافه، مع تقدير ظروف كل طرف . ويُخطئ من يظن ان المعالجة بالقوة، وإشاعة أجواء العنصرية قد تُجدي نفعاً، فكل فعلٍ يُقابَل بردّ فعل، ومن هنا لا بدّ من التروّي والإتّعاظ من تجارب لبنان السابقة منذ العام ١٩٤٨ حتى اليوم، مروراً بالحرب الاهلية التي أشعلتها نيران التوتر بين اللبنانيين والفلسطينيين الذين تمدّدوا وأصبحوا آمرين ناهين مُمَثَّلين بمنظمة التحرير الفلسطينية والفصائل الأخرى.
اما بالنسبة إلى السوريين، فإن الحلول تحتاج الى تعاون سوري-لبناني، خصوصاً وأن أكثر أهل الحكم والنفوذ لهم علاقة تحالف وأخوّة مع سوريا. أما المسكنات في قضايا العمل وغيرها فهي تؤدي الى النقمة ومبادلة العنف بالعنف.
وعلينا ان نتذكر ان الوضع الفلسطيني كان ممسوكاً الى حد ما عبر قيادات فلسطنية يُمكن الرجوع إليها، أما الوضع السوري فهو مُحرِج ومعقّد، ولا يوجد طرف مسؤول يُمكن التعامل معه للسيطرة على الموقف. الوضع خطير وحرج، ولا بدّ من التحذير من تبعاته، والعمل على تحقيق العودة الآمنة للاجئين السوريين، ومساعدة الفلسطينيين على الصمود والإصرار على حق العودة، وغير ذلك لن يحمد عقباه من حيث الأسلوب والتوقيت.

* عرفان نظام الدين هو كاتب، إعلامي وصحافي عربي، كان رئيساً لتحرير صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية والمستشار العام والمشرف على البرامج والأخبار في محطة “أم بي سي” التلفزيونية. يمكن التواصل معه على البريد الإلكتروني التالي: arfane@hotmail.co.uk أو متابعته على: www.facebook.com/arfan.nezameddin

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى