الوقتُ يَنفُد وعددُ الجياع في العالم يرتفع

بقلم كابي طبراني

لا شك أن ارتفاعَ مستويات المجاعة في جميع أنحاء العالم هو رمزٌ للفشل الجماعي لنظامنا الدولي. لقد كشف تقريرٌ للأمم المتحدة هذا الأسبوع أن الجوع العالمي قد ارتفع معدّله للعام الثالث على التوالي، حيث أفاد أن أكثر من 821 مليون شخص يعانون من الجوع المُزمن كما يُقاسي مليارا شخص آخرين من انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد.
هناك أسبابٌ كثيرة ومتعدّدة لهذه المأساة تجعل من الصعب مواجهتها بشكل حاسم. على سبيل المثال، تَرَك الصراعُ وسوء إدارة الموارد في العراق وفلسطين ملايين الناس من دون إمدادات غذائية كافية. وفي بلدان مثل أفغانستان واليمن وجنوب السودان، يتآمر الصراع مع تغيّر المناخ لتخريب الأمن الغذائي. لقد حان الوقت للمجتمع الدولي للتدخل وضمان حصول الجميع على الطعام والتغذية الضرورية.
وفقاً لمعظم المقاييس، لم يكن العالم أبداً في تاريخه أغنى، لكن ثرواته لا تتدفّق إلى مَن هم في أمس الحاجة إليها. لقد وَعَدَت أهداف خطة التنمية المُستدامة، التي وافق عليها في العام 2015 جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بالقضاء على الجوع على مستوى العالم بحلول العام 2030، والتي أشاد بها الأمين العام للمنظمة الدولية يومها، بان كي مون، واعتبرها رؤية شاملة ومتكاملة وتحويلية من أجل عالم أفضل. لقد مرّ ما يقرب من ثلث الوقت المخصص ونحن ما زلنا بعيدين جداً من هذا الهدف. وكما قال هيرفيه بيرهوسيل، كبير المتحدثين باسم برنامج الغذاء العالمي ل”أسواق العرب”: “العالم ليس على المسار الصحيح لتحقيق أهداف القضاء على الجوع وضمان حصول الجميع على الغذاء”.
في الوقت الذي يرتفع مستوى الجوع وعدد الجياع، يرتفع بالمقابل عدد الأطفال في سن الدراسة على مستوى العالم الذين يعانون من زيادة الوزن أو السُمنة. لا ينبغي أن تكون السُمنة مرتبطة بالثروة، لأنها شكلٌ من أشكال سوء التغذية في حدّ ذاتها وتؤثر إقتصادياً على الأشخاص المحرومين في العالم المتقدم والنامي جراء الوجبات الغذائية السيئة. ومع ذلك، يجب طرح أسئلة جادة حول تأثير التفاوت الإقتصادي المتزايد في جميع أنحاء العالم.
الواقع أن هذه المعركة ليست مهمة فقط بالنسبة إلى المحتاجين، بل بالنسبة إلينا جميعاً، لأن الأمن الغذائي يُمثّل ركيزة حيوية للأمن العام – لا يُمكن أن تكون البلدان مستقرة ما لم يتمتع سكانها بالحصول على الغذاء الكافي. مع ارتفاع عدد سكان العالم بشكل مطرد، وعدم وجود أي علامات تدلّ على انخفاض معدّلات المواليد، ستزداد هذه المشكلة سوءاً إذا لم يتم اتخاذ إجراءات جدّية.
يجب على الحكومات أن تُفكّر ملياً في ما يُمكن أن تفعله للحدّ من الجوع في جميع أنحاء العالم. بطبيعة الحال، ينبغي أن يكون ضمان عدم موت الأطفال الأبرياء من الجوع نقطة تُوحِّد المجتمع الدولي. لدى بعض الدول، مثل الولايات المتحدة، المملكة المتحدة والإمارات العربية المتحدة، برامج مساعدات دولية سخية، لكن العديد من الدول لا تُحقق أهدافها.
في ضوء آخر ما كشفت عنه الأمم المتحدة، فإن هذه اللحظة هي للتوقف والتفكير في كلّ الذين لا يستطيعون إطعام أنفسهم أو أطفالهم بسبب تغيّر المناخ أو الفقر أو الصراع. في هذه الأثناء، ينبغي على من يحالفه الحظ في مواجهة مثل هذه المحنة أن يعترف ويُدرك مسؤوليته تجاه إخوانه من بني البشر – وأن يفعل ما في وسعه للمساعدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى