عدّ للألف قبل أن تُغرِّد او تردّ؟

بقلم عرفان نظام الدين*

كنا نقول في الماضي عدّ للعشرة قبل ان تردّ على أحد حتى لو أساء إليك، واليوم ونحن في عصر التكنولوجيا ووسائل التواصل الإجتماعي أصبحنا نقول عدّ للألف قبل ان تُغرِّد او تردّ.
فكم مِن تَسَرُّعٍ في تعليق أودى بصاحبه أو سبّب له مشاكل جمة. وكم من تغريدة تحوّلت الى أزمة وأساءت لأبرياء،أو إنقلب السحر على صاحبها وضاع مستقبله او فقد حبيبته، خصوصاً وأن أكثر الناس قد أساءوا الى نعمة الإنترنت وحوّلوها الى نقمة عن قصد او عن خطا في التقدير او التعبير.
وزاد الطين بلّة دخول الميدان كل من هبّ ودبّ وصار يفتي وينتقد ويوزّع الإتهامات وينشر الشائعات ليخرب البيوت و يدمر الآخرين ويُسهم في إثارة الفتن، وبخاصة تلك المذهبية والطائفية التي برعت إسرائيل في ركوب موجتها وصب الزيت على النار ليشعل نيران حرائق لاتنطفئ.
والتأني في تعليق لايقتصر على الصيغة أو على المحتوى، بل يطال الكثير من الأمور مثل الإستغلال والثقة بالغرباء والرضوخ لطلباتهم، وإثارتهم للغرائز والإيقاع بهم وابتزازهم وتهديدهم بنشر صورهم وتعليقاتهم الجنسية، ولابدّ من التأنّي في الكتابة والنشر، ومراجعة التعليق قبل إرساله، وتصحيح الاخطاء الكثيرة التي تقع كل يوم وتُسبّب لنا إحراجاً شديداً.
وأُوردُ هنا بعض الأخطاء الذي رصدته ومنها: الله يرحمه صارت الله يرجمه؛ وممثل السلطة صار ممثل السلبطة؛ طلاب علم صاروا كلاب علم؛ نعمة العيش تحوّلت إلى نقمة العيش؛ الزعيم المُفدّى صار الزعيم المُغدّى؛ يعطيك العافية، يعطيك العاقبة؛ أكاليل الغار، اكاليل العار؛ يحفظك صارت يحفضك؛ عزة نفسه، عرة نفسه؛ الفن الرفيع تحوّل إلى الفن الرقيع؛ طرب الشعب، مطرب الشغب؛ يشبه قيس في حبه لليلى يشبه تيس …؛ ناشر معروف، فاشر معروف؛ المشهور بوسامته، المشهور بوساخته؛ سرقوا الفرحة من فمنا، سرقوا الفرخة من فمنا؛ رجل حوار مفتوح صار رجل حمار مفتوح.
وهناك أخطاء قد تصلح للتعبير عن كثير من الحقائق مثل: حلب الخليج بدلاً من حرب الخليج.
والأخطاء الفادحة المترافقة مع انتشار العامية تُذكّرني بأيام الصحافة الورقية، حيث كان الخطأ يُعتبَر فضيحة لصاحبه وللمطبوعة، وكان المُصحّحون والمُدَقّقون من خيرة الرواد في اللغة يَتَحَدّون بعضهم بعضاً في إيجاد خطأ واحد رغم صعوبة العمل في تلك المرحلة.
وأختم مع طرفة حدثت في إحدى الصحف. فقد تلقى سكرتير التحرير في آخر الليل نعوة، فحوّلها الى قسم الطباعة وكتب في آخرها: اذا كان له محل فنشر النعي على الشكل التالي:رحمه الله ويجعل مثواه الجنة اذا كان له محل.

• عرفان نظام الدين هو كاتب، إعلامي وصحافي عربي، كان رئيساً لتحرير صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية والمستشار العام والمشرف على البرامج والأخبار في محطة “أم بي سي” التلفزيونية. يمكن التواصل معه على البريد الإلكتروني التالي: arfane@hotmail.co.uk أو متابعته على: www.facebook.com/arfan.nezameddin

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى