زمن العار والخلاعة والمُنافقين ولصوص الأعمال

بقلم عرفان نظام الدين*

لا يُمكن حصر حالة الإنهيار والتدهور والفسوق التي تسود عالم السياسة والحكم والسلطة في هذا الزمن الرديء، بل يُمكن الجزم بأن عدواها انتقلت الى كل مفصل من مفاصل الحياة من الروابط الى الإقتصاد والإعلام والفن والأدب.
أين أيام الزمن الجميل وعمالقة الفن والأدب والقِيَم التي التزموا بها وربّونا على فضائلها؟ وأين إعلام الأساتذة والمُعلّمين وتمسّكهم بمبادئ الحرية والإلتزام والموضوعية وشرف الكلمة والمهنية والشفافية؟
لا حاجة إلى طرح تساؤلات وإعطاء شرحٍ أكثر، فنحن نعيش التخلّف والإسفاف والإنحلال كل يوم، ونجد الأجيال تضيع من بين أيدينا حيث تعيش حالة من الإنحراف من خلال المسلسلات والأغاني الهابطة. وكانت آخر إنجازاتنا تخلّف الإعلام وخصوصاً الفضائيات التي تملّكها رجال أعمال ليست لهم علاقة بالإعلام لا من قريب ولا من بعيد، والتي تقوم على المحسوبيات .
فقد تحوّلت الراقصة الى إعلامية والإعلامية الى راقصة، بل حتى ان بعض الإعلاميين سار على درب الخلاعة ليصدم برقصه الكثيرين، وأصبحت البرامج ساحات سباب وشتائم وضرب وتخوين، ووصلت الى القتال بالاحذية كما جرى في حلقةٍ ل”راقصة” إختلفت بالرأي مع ضيفتها فخلعت حذاءها وهاجمتها ونزلت فيها ضرباً وشتماً بعبارات غير لائقة.
ولا بدّ أن نتذكر المقولة المعروفة: لا خير في أُمّة يكون السيف في أيدي جبنائها، والمال في أيدي لصوصها، والعلم في أيدي منافقيها، عندما نشهد ظهور طفيليات مُقزِّزة في دنيا الإقتصاد والأعمال والمال حيث نسمع كل يوم عن رجال أعمال صاروا نجوم المجتمع الذي يتحدث عنهم أهله بإعجاب وتبجيل، مع أن القاصي والداني يعرف من أين جمعوا ثرواتهم، إمّا على جثث الأبرياء، او من سرقة الأموال ونهب الثروات أو أغنتهم الحروب، ووصل الشجع ببعضهم الى السيطرة على الإعلام عبر إنشاء محطات تلفزيونية وصحف ومجلات لإكمال متطلبات جوقة التطبيل والتزمير.
والمؤسف ان كل هذا العهر يتم بأساليب المافيات والعصابات حيث لا قِيَم ولا أخلاق ولا مبادئ مع تغطية موبقات بفتح دكاكين مؤسسات تُسمّى إنسانية او خيرية لينطبق عليهم القول ليتكِ لم تزني ولم تتصدّقي.
نشهد الإنهيار ونتفرج على آثاره المُدمّرة، ونترحّم على التجار ورجال الاعمال في زمن الأصالة الجميل الذين جمعوا ثرواتهم بالشرف والجهد والصدق والأخلاق الإسلامية والرزق الحلال والرفق بالناس ومد العون للمحتاجين من دون دعاية ولا مظاهر ولا تفاخر، لان الفقر مع الشرف خيرٌ والغنى مع العار شرٌّ.
وأختم مع هذين البيتين من الشعر:
هذا الزمان لئام الناس تعلوه … غرً خليع ودجال ومعتوه
فيه المُنافق محبوب ومُعتبَر … وقائل الحق بين الناس مكروه.

• عرفان نظام الدين كاتب، إعلامي وصحافي عربي، كان رئيساً لتحرير صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية والمستشار العام والمشرف على البرامج والأخبار في محطة “أم بي سي” التلفزيونية. يُمكن التواصل معه على البريد الإلكتروني التالي:arfane@hotmail.co.uk أو متابعته على: www.facebook.com/arfan.nezameddin

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى