الحل السياسي وحده ينهي حرب اليمن

بقلم كابي طبراني

جورج ميتشل، السناتور والديبلوماسي الأميركي السابق (من أصل لبناني) الذي توسّط في اتفاقية “الجمعة العظيمة” في العام 1998 لحل الأزمة في إيرلندا الشمالية، وصف العملية آنذاك بأنها “700 يوم من الفشل ويوم واحد من النجاح”. هذه الملاحظة، التي تعكس المسيرة الطويلة نحو السلام، لا بدّ أن يتردد صداها مع مبعوث الأمم المتحدة مارتن غريفيث، الذي يعمل لأكثر من عام لإنهاء الحرب في اليمن.
وعد غريفيث بأن الأطراف المُتحاربة — الحكومة اليمنية المُعترَف بها دولياً والمتمردون الحوثيون الذين استولوا على جزء كبير من البلاد في العام 2014 – سوف يتوصّلون إلى اتفاق بحلول نهاية العام الفائت. بالنسبة إلى ذلك، كان على حق. لقد عرضت إتفاقية ستوكهولم، التي وافقت عليها أطراف الصراع في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، خارطة طريق لحلٍّ سياسي في اليمن، مع إعطاء الأولوية لمبادلة السجناء لبناء الثقة ووقف إطلاق النار في مدينة الحديدة الساحلية المُطلّة على البحر الأحمر – التي تستقبل معظم الغذاء والمساعدات في اليمن. ولكن، نظراً إلى أهميتها الإستراتيجية، فقد كانت الحديدة نقطة خلاف شائكة منذ ذلك الحين، بينما استمرت الحرب في سائر أنحاء البلاد.
تتهم حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي المتمردين بفبركة تسليم الميناء إلى خفر السواحل، وغريفيث بالوقوف إلى جانب الحوثيين. مع الإستقالة المُفاجِئة لوزير الخارجية اليمني خالد اليماني في الأسبوع الفائت، يبدو أن عملية السلام الهشّة أصبحت الآن في خطر أكبر. ربما كان غريفيث حريصاً جداً على وضع ثقته في الحوثيين، لكنه لا يتحمّل مسؤولية إستمرار هذه الأزمة.
وسط الجمود السياسي، فإن اليمنيين العاديين هم الذين ما زالوا يُعانون ويدفعون الثمن. وفقاً للمجلس النروجي للاجئين، نزح ما لا يقل عن 250,000 شخص في الأشهر الستة منذ توقيع إتفاقية ستوكهولم. وفي الوقت عينه، قُتل ما لا يقل عن 500 شخص من غير المقاتلين منذ كانون الأول (ديسمبر) الفائت، مما يُمثّل زيادة بنسبة الثلث في عدد القتلى. إضافةً، هناك ملايين على شفا المجاعة وملايين آخرين يواجهون خطر تفشّي وباء الكوليرا.
يجب على جميع الأطراف الإلتزام بإيجاد حلّ لتخفيف المعاناة الشديدة في اليمن. ومع ذلك، فقد ضرب الحوثيون المدعومون من إيران مطار أبها في المملكة العربية السعودية يوم الأربعاء الفائت (12/06/2019)، مما أسفر عن إصابة 26 شخصاً. ومع أنه لا يُمكن الوثوق بقيادة الحوثيين التي تواصل إختبار صبر المجتمع الدولي كما يقول السعوديون وحلفاؤهم، فمن الواجب منح غريفيث كل الدعم المُمكن لإيجاد حلّ سياسي. إن اتفاق ستوكهولم لا يزال يوفّر أكبر فرصة للسلام.
الواقع أنه تحت هذا الصخب، يعرف جميع الأطراف أن الحلّ السياسي هو الخيار الوحيد للمضي قُدُماً. سوف تستمر إراقة الدماء والإضطرابات في اليمن حتى يتم الوصول إلى هذه النقطة. لقد وضع إتفاق ستوكهولم طريقاً للإنتقال السياسي صوب سلام دائم. لذا، من أجل اليمنيين، يجب على الأطراف المتحاربة العمل به وتنفيذه. وإذا فعلت ذلك، فقد يُفكّر غريفيث ملياً أيضاً في مئات أيام من الفشل – ويوم واحد من النجاح.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى