العرب يدفعون الثمن في حالتي الحرب والغزل بين أميركا وإيران

بقلم عرفان نظام الدين*

يُخطئ أي عربي إذا ظنّ و لو للحظة واحدة أن الولايات المتحدة ستُحارب أي دولة دفاعاً عنه وعن أُمّته، ويُخطئ أكثر إذا اتّكل على الرئيس دونالد ترامب ووضع بيضه كله في سلّته في أي موقف او قرار. فالتصعيد الذي شهدناه أخيراً وقرع طبول الحرب بين إيران والولايات المتحدة ما هما إلّا فقّاعة في الهواء، ومُجرّد تسخينٍ للحصول على أكبر قدر من المكاسب وفرض الشروط.
الغزل قائم بين الطرفين، وهناك ألف باب ونافذة للحوار من تحت الطاولة وفوقها ودخول أطراف عدة للوساطة وحلّ الخلافات القائمة، من بينها اليابان والمانيا وسويسرا وسلطنة عُمان، عدا عن المواقف الروسية التي تُعبّر عن الرغبة بلعب دور ما في هذه الازمة عبر إطلاق إشارات عدة لطمأنة المعنيين، وخصوصاً ترامب، والتلويح بإغراءات وتنازلات لفتح باب الحوار.
أما العرب، ولا سيما الدول المعنية بالأزمة، فهم الذين سيدفعون الثمن في حالَتَي الحرب والحوار وصولاً الى اتفاق جديد لا يتعلّق بالملف النووي فحسب، بل بملف الصواريخ والتدخّلات الإيرانية في المنطقة، ومن ثم تحديد الحصة الدسمة التي ستحصل عليها واشنطن والمشاريع والنفط وحفظ مصالحها. فالولايات المتحدة ترنو بعينيها الى إيران كهدفٍ أساسي لصيد المكاسب باعتبارها خزاناً مستقبلياً لهيمنتها والمالكة لأحد أكبر الإحتياطات الهيدروكربونية في العالم، إضافةً الى حاجتها إلى إنفاق المليارات على إعادة البناء وإصلاح الوضع الإقتصادي.
اما العرب فهم آخر من يَعلَم، وأوّل من يدفع الثمن بعد حماستهم لأخذ مواقف مُتشدّدة والتصعيد بعد حملة تحريض اميركية ثمنها مليارات الدولارات من الأسلحة والمعدّات العسكرية، إضافةً الى تعزيز الوجود العسكري الأميركي في الخليج، ما يعني تضاؤل القدرة على اتخاذ أي قرار.
فحتى لو وقعت الحرب، فهي ستكون باهظة الثمن يدفع جلّه العرب ودول الخليج والأمة بكاملها لأنها وُضِعت في المواجهة، وإذا انتقل الغزل الى حوار جدي فإن الثمن سيكون مُضاعَفاً، ولهذا لا بدّ من الحذر وتوحيد الجهود لاستعادة زمام المبادرة، ورفض فرض الأمر الواقع على العرب. ومن المُستَحسَن أيضاً أن يتمّ فتح حوار إيجابي مع ايران مُوازياً للحوار الأميركي من أجل ضمان إحلال السلام ووقف تدخلاتها في الشؤون العربية، وهو أمرٌ صعب لكنه غير مستحيل.
الفرصة سانحة، ولكن أين هو الشجاع الذي سيُبادر إلى نزع فتيل الحرب، وتجنيب المنطقة أخطاراً لا نهاية لها.

• عرفان نظام الدين كاتب، إعلامي وصحافي عربي مخضرم، كان رئيساً لتحرير صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية والمستشار العام والمشرف على البرامج والأخبار في محطة “أم بي سي” التلفزيونية. يُمكن التواصل معه على البريد الإلكتروني التالي: arfane@hotmail.co.uk أو متابعته على: www.facebook.com/arfan.nezameddin

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى