المغرب يُنظّم قطاع تكنولوجيا المعلومات والإتصالات للإندماج في اقتصاد المعرفة العالمي

يعمل أهل الحكم في المغرب على تعزيز تكنولوجيا المعلومات والإتصالات إيماناً منهم بأن استعمال هذه التقنيات عاملٌ أساسي في بروز مجتمع المعرفة، ويمكنه أن يُسهم بشكل فعال في التطوير الإنساني، وفي تحسين التماسك الإجتماعي، وفي النمو الإقتصادي الوطني. ولا تراهن الرباط في هذا القطاع على استدامة التقدم الذي تحقق فحسب وإنما على إدماج المملكة في اقتصاد المعرفة العالمي، وذلك بنشر هذه التقنيات على أوسع نطاق وتوسيعها وإدخالها لدى كل فاعلي المجتمع : الدولة، الإدارات، المشاريع والمواطنين.

تكنولوجيا المعلومات والإتصالات: المغرب يؤمن بأنها ستكون بابه للحلول الإقتصادية والإجتماعية والبيئية

الرباط – محمد زين الدين

يسعى المغرب إلى زيادة الإستثمار والقدرة التنافسية في صناعة الإتصالات لديه بعد إصدار قانون جديد يهدف إلى تحسين الشفافية وتعزيز سلطات الجهة المُنظمة والناظمة للقطاع.
يتضمن التشريع الجديد، الذي نُشر كقانون رقم 121-12 لعام 2019 في 18 شباط (فبراير) الفائت، ثلاثة إصلاحات رئيسة تهدف إلى إفادة المستهلكين والنظام الإيكولوجي للأعمال.
يتعلق التدبير الأول بحماية العملاء، أي في التشريع الذي ينص على وجوب أن تكون شركات الإتصالات أكثر شفافية عندما يتعلق الأمر بتقديم العقود والخدمات للعملاء.
ثانياً، يتضمن التشريع أحكاماً تهدف إلى تحسين القدرة التنافسية لهذا القطاع من خلال السماح لشركات الإتصالات بتقاسم قدرة شبكة بعضها البعض والتعاون في تقديم الخدمات للمناطق النائية.
أخيراً، تمنح الإصلاحات صلاحيات تنظيمية أكبر للوكالة الوطنية لتقنين المواصلات. وتمتلك الوكالة الآن القدرة مباشرة على معاقبة الشركات التي تقوم بممارسات مناهضة للمنافسة، بدلاً من الإضطرار إلى بدء إجراءات قانونية بموجب القانون السابق.

قطاع الإتصالات المغربي يسجل نمواً

تُعدّ صناعة تكنولوجيا المعلومات والإتصالات في المملكة واحدة من أكثر الصناعات نضجاً في المنطقة، وقد شهدت توسعاً كبيراً بعد بداية تحريرها في تسعينات القرن الفائت.
لقد بلغ معدل انتشار الإنترنت 62٪ في كانون الثاني (يناير) الفائت، وفقاً لتقرير صدر في العام 2019 من قبل وكالتي التواصل الإجتماعي العالميتين “هوتسوت” (Hootsuite) و”وي آر سوشال” (We Are Social). ووفقاً للبيانات الصادرة عن “جي أس أم إي” (GSMA) العالمية (الهيئة التجارية التي تُمثل مصالح مُشغّلي شبكات الهاتف المحمول)، فقد بلغ معدل إنتشار الإنترنت عبر الهاتف المحمول في المغرب 70٪ في أواخر العام 2018.
في حين تُعتبَر هذه الأرقام مرتفعة بالنسبة إلى المنطقة، فإنها أيضاً تُبرز إمكانات للنمو. ومع ذلك، يُهيمن على السوق ثلاثة مُشغّلين رئيسيين، مما يعني أن الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات قد تواجه تحدياً كبيراً من حيث فتح القطاع أمام منافسة أكبر.
وفقًا للوكالة، فإن “إتصالات المغرب” (Maroc Telecom) هي أكبر لاعب في سوق الإتصالات، حيث حصلت على 42.3٪ من حصتها في العام 2018، تليها “أورنج المغرب” (29.6٪) وشركة “وانا” (28.1٪)، التي تعمل تحت اسم العلامة التجارية للإتصالات المتنقلة “إنوي” (Inwi).
وقد نمت قاعدة عملاء “إتصالات المغرب” بنسبة 3.4٪ إلى 22.4 مليون في العام الفائت، مدفوعةً بزيادة 2.9٪ في عدد المشتركين في خدمة الهاتف المحمول والتوسّع بنسبة 14.2٪ في عدد المشتركين في خدمة الإنترنت عبر الهاتف المحمول. وفي الوقت نفسه، إرتفعت أيضاً إشتراكات الخط الثابت والنطاق العريض “برودباند” بنسبة 5.4٪ و 8.9٪ إلى 1.8 مليون و 1.5 مليون على التوالي.

البنك الدولي يدعم خطط التحوّل الرقمي

يشكل تحسين الوصول إلى الإنترنت أحد الأهداف الرئيسة لخطة “المغرب الرقمي 2020″، التي تهدف إلى استخدام الرقمنة وتحفيز ريادة تقنية المعلومات والإتصالات لدعم التطور الأوسع للمملكة.
من أجل تحقيق هذه الأهداف، حصلت الحكومة على قرض بقيمة 611 مليون يورو من البنك الدولي في أواخر شباط (فبراير) الفائت لدعم التحوّل الرقمي للإقتصاد.
وتُشكّل الصفقة جزءاً من شراكة أوسع بين المغرب والبنك الدولي، والتي تسعى إلى تسخير إمكانات التقنيات الرقمية لتعزيز روح المبادرة والإنتاجية ومبادرات الحكومة الإلكترونية لدفع الإبتكار والنمو الشامل.

سياسات جديدة لمنع هجرة الأدمغة

أحد التحديات التي تواجهها المملكة المغربية وهي تسعى إلى تحقيق هذه الأهداف هو هروب رأس المال البشري المحلي.
في حديث للصحافة المحلية في آذار (مارس) الفائت، صرّحت سلوى قرقري بلقزيز، رئيسة “فيديرالية تكنولوجيا المعلومات والإتصالات والخدمات المُرحَّلة”، أن حوالي 12 مهندساً مغربياً يتم توظيفهم من قبل الشركات الأجنبية كل 15 يوماً.
وللمساعدة على معالجة هذه المشكلة، أعلنت الفيديرالية عن برنامج تدريبي جديد في مجال تكنولوجيا المعلومات والإتصالات بالتعاون مع الوكالة الوطنية لتعزيز التوظيف والمهارات (أنابيك).
بموجب هذه المبادرة، سيتم منح خريجي البكالوريوس في المواد العلمية دورة مدتها تسعة أشهر تجمع بين التدريب على تكنولوجيا المعلومات والإتصالات وفرص العمل في الشركات ذات الصلة.
ووفقًا لوكالة “أنابيك”، يوجد حالياً 2000 خريج علمي متوفرين على الفور لإعادة التدريب.
علاوة على الجهود المبذولة لتعزيز مهارات العمال المحليين، تسعى الحكومة أيضاً إلى جذب المواهب الأجنبية لتحسين قدرة تكنولوجيا المعلومات والإتصالات في البلاد؛ وقد خفّضت “فيديرالية تكنولوجيا المعلومات والإتصالات والخدمات المُرحَّلة” مدة معالجة التأشيرة لمتخصصي تكنولوجيا المعلومات إلى 48 ساعة، وخفّضت تكاليف التأشيرة من 5000 درهم (461 يورو) إلى 1500 درهم (138 يورو).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى