قطاع السياحة التونسي يشرب جرعة تفاؤل بعد تسجيل رقم قياسي في 2018

زار تونس أكثر من 8.3 ملايين سائح في العام 2018، مما يشكل عودة إلى مستويات السياحة السابقة لاعتداءات العام 2015 التي استهدفت متحف باردو في العاصمة وفندقاً في مدينة سوسة.

والشواطىء التونسية: صارت مقصداً سياحياً عالمياً

تونس – محمد شعبان

يبدو أن تشديد الإجراءات الأمنية قد ساعد على إعادة صناعة السياحة التونسية إلى مسار الإنتعاش، مع بلوغ نسبة الزيادة في عدد الوافدين خلال العامين الماضيين الرقمين، رغم أن مستويات الإيرادات قد تستغرق وقتاً طويلاً لكي تستطيع مواكبة النمو في أعداد الزوار.
إرتفعت حركة السياحة الوافدة إلى تونس في الشهر الأول من العام، حيث أبلغت وزارة السياحة عن زيادة بنسبة 25.1٪ في عدد المسافرين الوافدين في شهر كانون الثاني (يناير)، ليصل إلى 474,145 زائراً.
وجاءت غالبية المكاسب من الزوار الأجانب الذين وصل عددهم إلى 387,652 شخصاً بزيادة بلغت نسبة 31٪ على أساس سنوي، بينما كانت هناك زيادة أكثر تواضعاً بنسبة 3.7٪ في عدد التونسيين المُقيمين في الخارج الذين زاروا البلاد، حيث بلغوا 86,493.
يعتمد هذا على الأداء القوي للسياحة في العام 2018، عندما شهدت تونس وصول 8.3 ملايين من الخارج، وهو ما تجاوز توقعات ال8 ملايين في بداية العام، والحفاظ على الزخم المتولد في العام 2017، عندما ارتفع عدد الوافدين بنسبة 23٪ إلى 7 ملايين زائر.
وسجلت نتيجة العام 2018 أيضاً رقماً قياسياً جديداً، حيث تجاوزت الرقم 7.1 ملايين الذي سُجِّل في العام 2014، وهو آخر عام كامل قبل وقوع الهجمات الإرهابية البارزة في حزيران (يونيو) وتشرين الثاني (نوفمبر) 2015.
يتوقع المسؤولون أن يكسر هذا القطاع الحواجز مرة أخرى هذا العام، ويأملون وصول عدد السياح إلى تسعة ملايين، مما يعزز الإيرادات ويدفعها إلى تجاوز ال1.4 مليار دولار المُسجَّلة في العام 2018. ومن المتوقع أن يستمر النمو الواعد من السوقين الروسي والجزائري، وكذلك أوروبا.
يتماشى هذا التوسع مع أهداف استراتيجية “رؤية تونس 3 + 1″، والتي تهدف إلى تحديث القطاع من خلال إطالة الموسم السياحي، وجذب الزوار من مجموعة أكبر من البلدان، وتحسين جودة الخدمات والمنتجات.

السياحة والتوقعات الإقتصادية الأوسع

من جهته لاحظ صندوق النقد الدولي التأثير الاقتصادي لأداء قطاع السياحة في العام الفائت.
ويمثل القطاع 8٪ من الناتج المحلي الإجمالي، ويوفر فرص عمل مباشرة لحوالي 400,000 شخص، معظمهم من خلال عقود موسمية، وفقاً للبيانات الحكومية.
في بيان صدر في 9 نيسان (إبريل) الفائت، أشار صندوق النقد الدولي إلى صناعة السفر والضيافة كأحد العوامل الرئيسة الذي ساهم في نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.6٪ في العام الفائت. ويتوقع الصندوق أن الاقتصاد سوف يتوسع بنسبة 2.7 ٪ هذا العام.
ومع ذلك، فقد حذّر من أن تونس تواجه تحديات يُمكن أن تؤثر في صناعة السياحة، بما في ذلك إمكانية تمدّد النزاعات الإقليمية، والتي يُمكن أن تؤثر سلباً في معنويات الزوار، وتباطؤ النمو في البلدان الشريكة في الاتحاد الأوروبي، والتي لديها القدرة على الحد من الإيرادات المُتاحة.

إرتفاع تكاليف تأثير العوائد

في الواقع، بينما يزداد عدد الوافدين، لا تزال صناعة السياحة في تونس تحت الضغط، مع زيادة نفقات المؤسسات السياحية وانخفاض إنفاق الفرد الزائر.
لقد شهدت شركات الضيافة التي تعتمد على المعدات والتكنولوجيا المستوردة زيادة في نفقاتها بسبب إنخفاض قيمة الدينار، مما شجعها على شراء منتجات أقل جودة من أجل الحفاظ على وضعها في حدود الموازنة، وفقا لفؤاد بوميزا، المدير العام لشركة “معدات الفنادق واللوازم الصناعية والمنزلية”.
وقال فؤاد: “لأغراض القدرة على تحمل التكاليف، كان على الشركات تخفيض مشترياتها الإستثمارية بحوالي 30٪”.
وردّد وليد كافل، المدير العام لشركة “بادجِت تونس” لتأجير السيارات، هذه المشاعر، مشيراً إلى أن التضخم جعل إعادة تجهيز الأسطول أكثر تكلفة. “تضاعفت أسعار السيارات على مدى السنين العشر الماضية”، قال لـ”أسواق العرب”.
أبرز كافل بالمثل أنه على الرغم من زيادة عدد الزوار الأجانب، فإن الإنفاق الفردي انخفض. وقال: “هناك زيادة في الحجم ولكن ليس في القيمة. ينفق السياح في تونس أقل بكثير مما ينفقه في البلدان المجاورة مثل المغرب، رغم وجود عدد مماثل من الزوار”.
إن انخفاض الإنفاق الفردي يمكن أن يكون انعكاساً لانخفاض الأسعار في جميع أنحاء السوق، مما يعزز من جاذبية تونس كوجهة للعطلات، إلى جانب انخفاض قيمة الدينار، مما يجعل البلاد وجهة لقضاء العطلات بأسعار معقولة للعديد من الأجانب.

تصنيفات السلامة الدولية بدأت تتحسن

أصدرت دول عدة تحذيرات لمواطنيها حول السفر إلى تونس في أعقاب الهجمات الإرهابية في العام 2015، ولكن عدّل العديد من هذه الدول هذه التحذيرات منذ تحسن الوضع الأمني، مما يشجع على تحسن ثقة الزوار.
في الآونة الأخيرة، أعلنت اليابان أنها ستراجع نصائح السفر الخاصة بها إلى تونس، حيث رفعت القيود المفروضة على زياراتها إلى مناطق نفطة ودوز وقصر غيلين وتطاوين وجرجيس وطبرقة في 29 آذار (مارس) الفائت.
كما ألغت المملكة المتحدة، التي فقدت 30 مواطناً في حادثة حزيران (يونيو) الإرهابية، الحظر المفروض على السفر السياحي إلى تونس في منتصف العام 2017، على الرغم من أنها تحتفظ بتحذير من نشاط إرهابي محتمل ومن زيارة المناطق الحدودية للبلاد.
ومع ذلك، هناك عدد من الدول لم يلغِ تحذيرات السفر إلى تونس – على سبيل المثال، ذكرت وزارة الخارجية الأميركية في 2 كانون الثاني (يناير) أن هناك خطراً مستمراً من الإرهاب واستهداف المواطنين الأميركيين – مما يؤكد على أهمية تنويع مصادر الأسواق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى