قمة نائمة وأمة ناقمة

بقلم عرفان نظام الدين*

منذ ٧٥ سنة ونحن نحلم بيوم نشهد فيه إعلان وحدة العرب واتفاقهم على حسم الأمور، وحلّ المشاكل، ووضع حدٍّ للخلافات العبثية، ومواجهة العدو الإسرائيلي والأعداء الآخرين، وتحرير فلسطين والأراضي العربية المحتلة. ومع الأيام تحوّلت الأحلام الى كوابيس، وصار الأمل سراباً، واستمر التدهور واتسعت الهوة بين العرب، وانتقلت العلاقات من خلاف بين القادة الى جفاء بين الشعوب. ٣٠ قمة عريبة انعقدت حتى الآن ونحن ننتقل من كارثة الى كارثة، ومن نكبة الى نكبة، ومن خبية أمل الي خيبات أمل وإحباط ويأس من الحاضر وخوف على المستقبل.
ولا حاجة لسرد التفاصيل لأن الغسيل الوسخ منتشر على شرفاتنا، ويعرف أسرارها الكبير والصغير، إلى أن تحوّلت الأوضاع الى مهزلة، وصار الحديث عن القمم العربية مثاراً للسخرية والضحك والبكاء، ونقمة عارمة على كل ما له علاقة بها من قريب وبعيد. وما شهدناه من مهازل في القمة الأخيرة في تونس يدعو إلى الخجل والأسى عندما انطبق عليها مقولة “نوم الظالمين عبادة” ونحن نرى معظم أولياء الأمور نيام لنقول لهم لا نامت أعين الجبناء، ونذكّرهم باحوال العرب اليوم: حروبٌ داخلية، وخلافاتٌ عميقة، وحصار ومقاطعة وتشرذم، وأوضاع إقتصادية واجتماعية مؤسفة، وهيمنة على المنطقة من قبل الدول الاجنبية والإقليمية، فيما إسرائيل تُعربد وتهوّد وتقضم وتضمّ، ورئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب يبصم لها بالعشرة على ضم القدس الشريف ومرتفعات الجولان السورية المحتلة. كل القرارات بدائية لا طعم لها ولا لون ولا رائحة إلّا رائحة الجبن والخوف من المواجهة وتوجيه أصابع الإتهام إلى ترامب، واتخاذ قرارات رادعة، مع اننا لم نكن نتوقّع موقف شهامة ورجولة مثل قطع العلاقات، وقطع النفط والغاز، وتوحيد الموقف العربي، وإعلان الجهاد، وسحب الإعتراف بإسرائيل، وتجميد كل مبادرات السلام، إن الحد الأدنى الذي كنا نتمنّى حدوثه هو القليل من الإجراءات التي تُطمئن النفوس مثل وضع آلية لوقف الحروب وإيجاد حلول سلمية عربية، وإعادة سوريا الى حضن الجامعة العربية، وحل مشكلة النازحين والمهاجرين، وتفعيل السوق العربية المشتركة، وإنشاء صندوق لمساعدة فقراء العرب، وإقامة مشاريع مُنتجة لإيجاد فرص عمل، ووقف أي تطبيع مع اسرائيل، ودعم الشعب الفلسطيني ودعم المصالحة الفلسطنية. ولا بدّ أيضاً من مكافأة الدول التي رفضت ضم القدس والجولان مثل الإتحاد الاوروبي الذي أعلن صراحة رفض قرار ترامب الأهوج، هذا أقل الإيمان، حتى تستحق القمة شرف اسمها، ولكن اين العرب من الشرف المهدور والمباح لكل أفاق ومعتد.

• عرفان نظام الدين كاتب، إعلامي وصحافي عربي مخضرم، كان رئيساً لتحرير صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية والمستشار العام والمشرف على البرامج والأخبار في محطة “أم بي سي” التلفزيونية. يمكن التواصل معه على البريد الإلكتروني التالي: arfane@hotmail.co.uk أو متابعته على: www.facebook.com/arfan.nezameddin

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى