‘صفقة القرن’

بقلم كابي طبراني

ألقى الرئيس دونالد ترامب قنبلة أخرى يوم الخميس الفائت (21/3/2019) بإعلانه بتغريدة على حسابه على “تويتر” أنه يعتزم الإعتراف بضمّ إسرائيل المزعوم لمرتفعات الجولان السورية. من خلال تنفيذه ذلك، سيقوم الرئيس الأميركي بتعقيد عملية السلام برمتها بين إسرائيل والعالم العربي، أو ما تبقى منها، وإنعاش وتوحيد قوى الرفض المعادية لأميركا في المنطقة.
لقد عقّد ترامب أصلاً عملية السلام المزعومة هذه في العام 2017 من خلال الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. هذه الخطوة المتهوّرة وحدها كانت كفيلة بوضع مفتاح “عملية السلام” جانباً بين الفلسطينيين والإسرائيليين. لن يكون مفاجئاً للمجتمع الدولي إذا استمر الرئيس الأميركي في هذا المسار المتشدد والمثير للقلق من أن يعترف حتى باحتلال وضم إسرائيل للضفة الغربية بأكملها.
إن عملية السلام المزعومة قد ماتت فعلياً على أي حال، وأي استفزازات إضافية من جانب الولايات المتحدة لن تجعل الوضع في الشرق الأوسط إلّا أكثر سوءاً ودموية مما هو عليه راهناً. الآن بات الفلسطينيون يعرفون كيف ستبدو “صفقة القرن”، لأن معالمها الرئيسة قد تم الإعلان عنها بالفعل من قبل ترامب.
الواقع إن ما سيفعله الجانب العربي، بمن فيهم الفلسطينيون، في هذه المرحلة المقلقة من عملية السلام التي تُنازِع، إن لم تكن ماتت، هو ما ينبغي أن يحظى باهتمام الأمة العربية.
بالنظر إلى الأشياء كما تبدو، يجب أن يكون الرئيس ترامب أبرم صفقة مع تل أبيب وجماعات الضغط اليهودية الأميركية للإعتراف بإسرائيل المُوسَّعة مقابل خدمات سياسية ودعم رئاسته.
يُمكن للرئيس ترامب الآن أن يطمئن ليس فقط للصمود أمام الهجمات على رئاسته من خلال عدد من التحقيقات في الكونغرس ووزارة العدل، ولكن أيضا للبقاء لولاية أخرى في البيت الأبيض. سيكون ذلك في الواقع “صفقة القرن” التي يكون الرئيس الأميركي مستعداً لتأييدها مقابل خدمات سياسية من إسرائيل ومؤيديها في الولايات المتحدة. سيكون هذا بالطبع أمراً مثيراً للقلق بالنسبة إلى المجتمع الدولي بأسره، لأنه سيوضّح إلى أي مدى ترامب مستعد للذهاب من أجل إنقاذ رئاسته.
يبدو أن ترامب، كما يقول عارفوه، يريد أن يذكره التاريخ بأنه “منقذ” إسرائيل، وحتى أن إقدامه على تحركات ومواقف متهورة وسيئة العواقب مستقبلاً في هذا الاتجاه لن تُفاجئ أحداً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى