حتى لا يكون رضا شرف الدين شاهد زور كما كان يوسف الشاهد

بقلم عبد اللطيف الفراتي*

لعلّ المثل الذي ضربه العرب القدامى على سنمار، لا يصحّ على أحد كما يصحّ على رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد. بسرعة، سنمار هو مهندس عصره بنى لأحد الملوك قصراً لا مثيل له، وفي يوم التدشين طاف بالملك في القصر، وعندما وصل إلى الشرفة العليا شكره الملك وشدّ على يده، وأمر برميه من علٍ. ولما نُفّذ الأمر، إستدار الملك نحو بطانته قائلاً: أمرتُ بقتله حتى لا يبني قصراً بهذه الضخامة والفخامة لأحد غيري.
كان ذلك هو جزاء يوسف الشاهد، الذي هيّأ بغير حق، حزب “نداء تونس” لحافظ قائد السبسي، في مؤتمر يقول كل الندائيين أنه كان على المقاس، فكان جزاؤه رئاسة الحكومة. ولكن سرعان ما غضب “الملك” الباجي لأنه على ما يبدو، لم يكن مُطيعاً لابنه، فسعى إلى إقصائه، ولكنه لم يكن مثل سنمار ولا مثل الحبيب الصيد، فاستعصى، وتمسّك بما يخوّله له الدستور.
رجل آخر، أرادوا له أن يكون مثل الشاهد، طبعاً بثمن لم يتم الإفصاح عنه، وكان مقرراً له تنظيم مؤتمر على المقاس يخرج منه ابن أبيه، مُظفَّراً، ولا يهم الحزب ولا تهم الدولة، ولا تهم البلاد أو الوطن.
ولكن رضا شرف الدين استعصى، ورفض تنظيم مؤتمر على المقاس. وعندما وصل إلى المحظور، أي إلى طلب قائمات المُنخرطين في الحزب من أجل تنظيم المؤتمر، رُفض طلبه ومنعت عنه وعن فريقه، في محاولة لعدم تنظيم مؤتمر ديموقراطي بل مؤتمر يقولَب وفق الإرادة السامية لرئيس الدولة وابنه المُبجّل الذي أريد له أن يركب لا على ظهر الندائيين فقط، بل وأيضاً على ظهور التونسيين جميعاً.
رضا شرف الدين كرجل شريف، قال إنه كُلِّف بتنظيم مؤتمر ديموقراطي تسود ردهاته النزاهة، فاعتبر أن تلك هي مهمته، وعندما حيل بينه وبينها أطبق الباب، فلم يغره لا طمع ولا جاه ولا منصب ولا مال، وقال مع السلامة.
وإذ تتواصل الاعدادات “للمؤتمر” كما يريده الإبن المدلل وبطانته المُقرَّبة، فليس هناك من عاقل ما زال يؤمن أن هناك حزباً اسمه “نداء تونس”، وسيرى الناس مدى سقطته في الانتخابات المقبلة.
تبقى أن مسؤولية الرئيس الباجي قائد السبسي، أكثر من ابنه، الذي طلب لعبة فأُعطيت له، ولو على حساب مصير شعب. فانتصار حركة “النهضة” ولو النسبي سيجعلها في وارد تحقيق ما تطمح إليه من نمط مجتمعي، غريب عن ذلك النمط الذي بدأ السعي نحوه منذ1837 مع الملك المصلح أحمد باي، ومر عبر قبادو وخيرالدين والجنرال حسين والطهطاوي وقاسم أمين إلى الثعالبي والحداد وبورقيبة وكل المصلحين الذين عرفتهم البلاد.
ولكن دون ذلك ما يذكر بصائفة 2013، ويوم 13 آب (أغسطس) منه، فالنور لن يقهره الظلام مهما كان حالكاً، وإن كان الصراع سيكون شديداً، من أجل الإشعاع الساطع.

• عبد اللطيف الفراتي كاتب وصحافي تونسي مخضرم، كان رئيساً لتحرير صحيفة “الصباح” التونسية، ومراسلاً لصحف ومجلات عربية عدة. يُمكن التواصل معه على البريد الإلكتروني التالي: fouratiab@gmail.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى