حقوق أممية خاصة للمُسنّين

بقلم كابي طبراني

هناك جهودٌ متواصلة في الأمم المتحدة حالياً لصياغة إتفاقية حقوقِ إنسانٍ إضافية، هذه المرة تتعلّق بحقوق المًسنّين أو كبار السن، كما يُفضّل بعض خبراء حقوق الإنسان وصفها.
السؤال الأول الذي يتبادر إلى الذهن في هذا السياق هو ما إذا كانت هناك بالفعل حاجة إلى معاهدة دولية لحقوق الإنسان للمُسنّين. بعبارة أخرى، هل تحتاج هذه الفئة من الأشخاص مجموعة حقوق مختلفة أو إضافية تتطلّب أداة أممية من حقوق الإنسان الخاصة من أجل حمايتهم؟ ويمكن أن يكون هذا هو الجزء السهل من القضية الأوسع، لأنه، مثل الأطفال الذين يتمتعون بحماية خاصة بموجب إتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، يشكل كبار السن في الواقع تحديات خاصة بالنسبة إلى فئتهم العمرية.
وفقاً لفلسفة التشريع القانوني الحالي لحقوق الإنسان، فإن كبار السن هم أولئك الذين تزيد أعمارهم عن 60 أو 65 سنة. لا يوجد حتى الآن إتفاق بشأن هذه النقطة. في كل الأحوال، فإن هذه المجموعة من الأشخاص المتقدمين في العمر لديها مجموعات مختلفة من المطالب الصحية والإقتصادية والإجتماعية من المجتمع. هذه هي الفئة العمرية للأشخاص المُعرَّضين للأمراض والمخاطر الصحية بسبب تقدم أفرادها في العمر. وهم عموماً عاطلون من العمل ويحتاجون إلى تعويضات كافية في شكل بدلات تقاعد لكي يتمكنوا من التمتّع بمستوى معيشي لائق، وربما أكثر من أي شيء آخر، يحتاجون إلى دعمٍ عائلي واجتماعي عاطفياً ونفسياً.
يشهد كل بلد تقريباً في العالم نمواً في عدد ونسبة كبار السن في عدد سكانه. ومن المنتظر أن تصبح الشيخوخة واحدة من التحوّلات الإجتماعية الأكثر أهمية في القرن الحالي، حيث ستؤثر في جميع قطاعات المجتمع، بما في ذلك سوق العمل والأسواق المالية، والطلب على السلع والخدمات، مثل السكن والنقل والحماية الإجتماعية وكذلك الهياكل الأسرية والعلاقات بين الأجيال.
وتشير البيانات الصادرة عن تقرير التوقعات السكانية في العالم: تنقيح العام 2015، عن زيادة عدد كبار السن الذين تتراوح أعمارهم بين 60 عاماً أو أكثر بشكل كبير في السنوات الأخيرة في معظم البلدان والمناطق، ومن المتوقع أن يتسارع هذا النمو في العقود المقبلة.
في العام 2015، كان هناك 901 مليون شخص تتراوح أعمارهم بين 60 عاماً أو أكثر في جميع أنحاء العالم، أي بزيادة عالمية قدرها 48 في المئة لعدد كبار السن الذي كان 607 ملايين شخص في العام 2000. ومن المتوقع أن ينمو عدد الأشخاص في العالم الذين تتراوح أعمارهم بين 60 عاماً أو أكثر بنسبة 56 في المئة، من 901 مليون شخص إلى 1.4 مليار شخص بين عامي 2015 و2030. وبحلول العام 2050، من المتوقع أن يزداد عدد سكان العالم من كبار السن إلى أكثر من ضعف الحجم الذي كان في العام 2015 ليصل إلى ما يقرب من 2.1 ملياري شخص.
عند النظر عن كثب، لا يشكّل كبار السن مجرد مجموعة واحدة من الأشخاص، بل مجموعات عدة من الناس. الأفراد الذين ينتمون إلى الفئة العمرية بين 75 و85 لديهم مخاوف إضافية أكثر من الكبار الأصغر سناً. كلما تقدم كبار السن في العمر أكثر، تعقّدت مخاوفهم ومشاكلهم والرعاية المتنوعة التي يحتاجون إليها بشكل عاجل أو يحق لهم بها. وبعبارة أخرى، لا يمكن للمرء أن يحوّل جميع كبار السن إلى مجموعة واحدة من الناس عندما يكونون في الواقع مجموعات عديدة من كبار السن، لديهم مجموعات مختلفة ومتنوعة من الشواغل والإحتياجات.
ومع تقدم سكان العالم في العمر، من الواضح أن هناك حاجة إلى معاهدة خاصة لحقوق الإنسان للتعامل مع التحديات الفريدة التي يواجهونها. ولكن مع نظرة عن قرب، فإن حقوق كبار السن تصبح أكثر تعقيداً وإرهاقاً كلما تقدموا في العمر.
إن الخبراء الذين ينكبّون ويشاركون الآن في صياغة معاهدة جديدة لحقوق الإنسان لكبار السن يجب أن يكونوا من كبار السن أنفسهم، لأن المُسنّين وحدهم يعرفون بالتأكيد محنة كبار السن وما يحتاجون إليه على وجه السرعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى