تعيين ريّا الحسن رسالة لبنانية ناعمة إلى العالم العربي …”الخشن”!

بقلم كابي طبراني

بعدما كانت ريّا الحفار الحسن أول إمرأة تُعَيَّن وزيرة المالية في لبنان في 9 تشرين الثاني (نوفمبر) 2009، ها هي بعد حوالي عشر سنين (في 31 كانون الثاني (يناير) 2019)، يتم تعيينها وزيرة الداخلية – وهي أول امرأة تشغل هذا المنصب الأمني في لبنان والعالم العربي. فالنساء غير مُمَثلات تمثيلاً كافياً في السياسة اللبنانية، ونادراً ما يُصبحن وزراء رفيعي المستوى، مما يجعل هذا التعيين خطوة مهمة نحو تحقيق المساواة بين الجنسين في بلد الأرز والمنطقة ككل. إن تعيين الحسن يبعث رسالة قوية. وفي حين أنه من الأهمية بمكان أن يتم تمثيل مصالح المرأة على أعلى المستويات الحكومية، يجب أن تُمنح المرأة القديرة والجديرة ذات الخبرة إمكانية الوصول إلى وظائف كانت مُغلَقة في السابق أمامها. لا يُمكن أن يكون هناك أي توضيح أكثر إثارة لهذا من صورة الوزيرة الحسن وهي تستعرض وتُحيي حرس الشرف في أول يوم لها في العمل.
الواقع أن خطوات جريئة تمّ اتخاذها في لبنان. لقد ارتفع عدد المرشحات خلال الإنتخابات البرلمانية في العام الفائت، وبلغ العدد الإجمالي 86 في القوائم الإنتخابية، مُقارنةً بـ 12 فقط في العام 2009. ولسوء الحظ، لم تنعكس هذه الزيادة في النتائج النهائية، التي شهدت إنتخاب ست برلمانيات فقط. ومع أن هذا العدد يُعتبر ضئيلاً مقارنة بمجموع عدد النواب في البرلمان اللبناني المؤلَّف من 128 نائباً، إلا أنه العدد الأكبر من النساء الذي يصل إلى الندوة البرلمانية اللبنانية منذ تأسيسها في عشرينات القرن الفائت بينهن أول إمرأة شيعية تدخل المجلس النيابي (الوزيرة السابقة عناية عز الدين). وتجدر الإشارة أيضاً إلى أن غالبيتهن ترشحن كمستقلات، في حين أن جميع المرشحات الناجحات باستثناء واحدة (الزميلة بولا يعقوبيان) كنّ من أحزاب راسخة. ومع أن الأحزاب التقليدية لم تشجّع دائماً مشاركة المرأة في السياسة، فإن تعيين رئيس الوزراء سعد الحريري أربع وزيرات في حكومته، يُشكّل سابقة جديدة.
بعض الدول العربية أدخل فعلياً نظام الحصص (الكوتا) القائمة على أساس الجنس بالنسبة إلى الندوة النيابية. الأردن حجز 15 من أصل 130 مقعداً في مجلس النواب للنساء. الإمارات العربية المتحدة وتونس إتخذتا تدابير أكثر طموحاً. في تونس، يضمن القانون المساواة في التمثيل النيابي بين الجنسين، لكن المرأة لا تزال تكافح للوصول إلى المستويات العليا في أحزابها. في هذه الأثناء، من المتوقع أن تحتل المرأة الإماراتية نصف مقاعد المجلس الوطني الإتحادي – بمضاعفة الحصة الحالية البالغة 22.5 في المئة – بعد انتخابات هذا العام.
في مقابلة صحافية حديثة، قالت الوزيرة الحسن: “أحتاج أن أعمل بجدٍّ وأكون نموذجاً يُحتذى، وأُثبت أن النساء في المناصب التي يحتلها الرجال عادة يُمكنهن أن يقمن بالمهمة مثلهم، إن لم يكن أفضل”.
ينبغي أن يكون نجاح الوزيرة الحسن مصدر إلهام لنا جميعاً للعمل على إنشاء مجتمعات لا تكون فيها النساء المحترفات والجديرات اللواتي يشغلن مناصب في السلطة الإستثناء، ولكن القاعدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى