صفحة لبنانية جديدة للمجهول

بقلم كابي طبراني

أخيراً، صار للبنان حكومة يرأسها رئيس الوزراء المُكَلَّف سعد الحريري. إنه لا شك خبرٌ سار!. ولكن، مع ذلك، فقد إستغرق تشكيل هذه الحكومة الجديدة أكثر من تسعة أشهر عرفت خلالها البلاد عقبات وعثرات هددت وحدتها؛ وهذا شيء يوحي بأن وضعها قد يكون هشاً وسريع العطب، وفترة بقائها أقصر من المُتَوَقَّع.
إن مجلسَ وزراءٍ مؤلَّفٌ من 30 وزيراً بينهم أربع نساء فقط، لا يُشير إلى الكثير من التفاؤل، ولا يُبشِّر بكثير من الخير. ولكن من يَدري، ربما يكون شكل هذه الحكومة الجديدة هو ما تحتاجه البلاد في هذه المرحلة من الزمن. الواقع أن المشهد السياسي في البلاد بات مُمزّقاً ومُتناقضاً بحيث كان من الصعب تشكيل حكومة وحدة وطنية. هذا هي حال لبنان، على الأقل في الوقت الحالي.
لا يبدو أن أي شيء في البلد يعمل لمصلحته أو لتوحيد القضايا والأهداف السياسية للأحزاب الرئيسية فيه. لذلك، يبرز العديد من الأسئلة الآن حول الحكومة الجديدة التي تم تشكيلها بجهد كبير. بدايةً، لماذا هناك فقط أربع نساء من أصل 30 عضواً في الحكومة؟ إذا كان لبنان، من بين جميع الدول العربية، لا يستطيع أن يفعل أفضل من ذلك بالنسبة إلى المساواة بين الجنسين، فما الذي يُمكن توقّعه من الدول العربية الأخرى؟ ولماذا هذا العدد الكبير لأعضاء مجلس الوزراء؟ في العالم العربي، يبدو أنه كلما صغرت الدولة، كبرت الحكومة!
إن أسوأ سيناريو ينبثق من المشهد السياسي في بلد الأرز بعد تشكيل الحكومة الجديدة هو الإفتراض بأن لبنان لم يعد أمة واحدة كما في الأيام السعيدة القديمة، بل دويلات عدة صغيرة. كل واحدة منها مُصمِّمة على لعب دور أكبر من حجمها ومما يحق لها بموجب القواعد الديموقراطية العادية حيث تُوجِّه وتدفع البلاد نحو المجهول.
وكما في القول العربي القديم، هناك الكثير من “الأصابع” التي تلعب لتدمير المشهد السياسي في لبنان. هذه الأصابع المُسَبِّبة للتدخّل والتداخل لم تعد فقط ذات أصل عربي، ولكن من أصول إقليمية وغير إقليمية أخرى.
لذا، ليكن الله في عون لبنان لأن الإحتمالات ضد وحدته تتضاعف يوماً بعد يوم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى