العالم العربي يحتاج إلى آليِّةٍ للتعامل مع اللاجئين

بقلم كابي طبراني

منذ بداية الإنتفاضات في بعض الدول العربية في العام 2011، بات أحد المشاهد الأساسية في الأخبار التلفزيونية – “أنهاراً” من اللاجئين الذين يعبرون الحدود أو يتدافعون في صفوف طويلة للحصول على مساعداتٍ في مخيّماتٍ مُزدحمة باللاجئين والتي تُدار بشكل سيئ.
وبحسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، فإن من بين 60 مليون نازح في العالم، هناك 40 في المئة منهم من الدول العربية، خصوصاً من سوريا وفلسطين.
لعقودٍ مُتعاقِبة، عرف العالم العربي حالة من التدفّق المستمر، حيث صار الصراع المُسلَّح من العناصر الثابتة في المنطقة، مما أجبر الملايين من الناس على ترك ديارهم.
منذ أيام تأسيس دولة إسرائيل الصهيونية، وما ترتّب على ذلك من حرمان الفلسطينيين من حقوقٍ وأراضٍ وممتلكات، إلى الحرب الأهلية في لبنان، والحروب في العراق، وما يُسمى “الربيع العربي”، تم تشريد الملايين من النساء والرجال والكهول وأجيال من الأطفال الذين نشأوا من دون تغذية مُناسِبة وسكنٍ وتعليم – ومع آفاق ضئيلة لمستقبلهم.
وقد أدّى ذلك إلى خلق مخزون كبير من الغضب والإستياء الذي غالباً ما تجلّى من خلال زيادة التطرّف والإرهاب.
وفي معظم الأحيان، لجأ النازحون من بعض البلدان العربية إلى بلدان عربية أخرى، الأمر الذي شكّل للدول المُضيفة عبئاً إقتصادياً واجتماعياً كبيراً.
ونظراً إلى مواردها المحدودة وخوفها من إرباك التوازن الطائفي أو الإقتصادي – الإجتماعي في بلدانها، فقد تبنّت الحكومات المُضيفة مُقارَبة عدم دمج هؤلاء اللاجئين بشكل كامل في مجتمعاتها على أمل، غالباً ما يكون في غير محله، أن يعودوا إلى ديارهم يوماً ما. والفلسطينيون في لبنان هم أفضل مثالٍ على ذلك.
والواقع أن الكثير من هذه المشكلة ينشأ بسبب الغياب شبه التام لإطار إقليمي لمعالجة هذه المشكلة.
الدول العربية، على ما يبدو، تعتمد كلياً على وكالاتٍ دولية مثل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أو تبرعاتٍ من الدول الغنية للتعامل مع هذه القضية.
في الآونة الأخيرة، وبسبب الوضع الأمني المُقلِق في المنطقة، أصبحت الحكومات أكثر حذراً بالنسبة إلى استقبال النازحين، وغالباً ما كانت تغلق الحدود بالكامل. لكن لا يزال اللاجئون يجدون طريقة للدخول، في بعض الأحيان بمساعدة مُهرِّبي البشر القساة الذين برزوا على أنهم أحدث صداعٍ للحكومات الذي ينبغي أن تتعايش معه.
إن ما يحتاجه العالم العربي هو آلية مُناسِبة تحظى بالدعم الكامل من الجامعة العربية والدعم المالي والسياسي من الحكومات العربية، للتعامل مع قضية اللاجئين.
إن إقامة مثل هذا النظام سيؤدي، في الحد الأدنى، إلى جلب بعض الكرامة إلى حياة أولئك الذين يفرّون من أهوال الحرب. وإذا تم تنفيذ هذا الأمر بشكل صحيح، فقد يؤدي ذلك أيضاً إلى تأهيل وتجهيز جيل من الأشخاص الذي يمكنه العمل لإيجاد الطريقة المُثلى للخروج من الورطة المعقدة الحالية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى