تغيّر المناخ يعني تقديم تنازلات

بقلم كابي طبراني

إختتمت قمة “كوب 24” (COP24) حول تغيّر المناخ أعمالها في نهاية الأسبوع الفائت في كاتوفيتشي، ببولندا، باتفاق حلّ وسط يُبقي المجتمع العالمي على المسار الصحيح لتحقيق الأهداف المنصوص عليها في “إتفاق باريس” بشأن ظاهرة الإحتباس الحراري. ومن المؤكد أن أيّ تقدم يتحقق الآن في خفض إنبعاثات الكربون والحدّ من الإحترار العالمي هو أمرٌ مُرَحَّبٌ به، على الرغم من أن التقارير الأخيرة الصادرة من المجتمع العلمي والأمم المتحدة تدفعنا إلى السؤال عمّا إذا كانت حدود “إتفاق باريس” منخفضة بما فيه الكفاية. ومع ذلك، فإن أي جهد أو إلتزام من جانب المجتمع الدولي لتخفيض إنبعاثات الكربون وتقديم تعويضات للدول النامية أمرٌ يستحق العناء والثناء بالتأكيد.
وكما هو الحال في أي إتفاق دولي، فإن الحل الوسط يعني تقديم بعض التنازلات، ولكن حقيقة أن جميع الدول مستعدة للإلتزام بالأهداف مع الدول المتقدمة التي تُساهم في صندوق دولي للبلدان النامية، فإن مؤتمر كاتوفيتشي كان عملاً جيداً. وفي حين أن العملية مُعيبة بلا شك ولها شوائبها، فإنها عملت إلى حد كبير بطريقة إيجابية منذ أول تصوّر لها في مؤتمر ريو دي جانيرو في العام 1992.
نحن الآن أمام منعطف حرج في تنميتنا البشرية من الناحيتين التكنولوجية ومن ناحية العالم الطبيعي الذي نتشارك فيه جميعاً في رحلاتنا حول الشمس. نحن حرّاس هذا الكوكب، الذي مُرِّر إلينا من الأجيال السابقة، ونلتزم بضمان ديمومته، وبإبقائه قابلاً للعيش، وربما في يوم من الأيام، سوف يستمتع أطفالنا في الواقع برؤية دبّ قطبي في بيئته الطبيعية، أو يكونوا قادرين على اللعب تحت أشعة الشمس بشكل طبيعي، وشرب ما يكفي من الماء. ومن المؤكد أن الدليل القاطع هو أن أحداث الطقس لدينا تزداد حدة مع كل عام، ومناخنا يتغيّر، وعالمنا يتبدّل بسبب صناعاتنا واعتمادنا على الوقود الأحفوري وأسلوب حياتنا المريح.
من ناحية أخرى، إن أرصدة الكربون بطبيعتها تمثّل فرض ضرائب على أساليب حياتنا وراحتنا، والتي تم تحقيقها من خلال التسبب في ضرر طويل المدى لعالمنا الطبيعي والبيئة. لكنها ثمن يستحق الدفع لضمان بقاء هذا الكوكب وازدهاره.
من المؤكد أن الحركة الشعوبية أو الشعبوية المتنامية على مستوى العالم شكّلت إنتكاسة لأهداف المجتمع البيئي. في كثير من الأحيان، يميل الناخبون إلى المرشحين ذوي الأصوات العالية الملتزمين بأجندات ضيّقة ولا يعبأون بالوعود الكاذبة والمواقف الشخصية أو القومية.
في الواقع: ألزم مؤتمر “كوب 24” (COP24) المجتمع الدولي الواسع بالوصول إلى أهدافه القديمة والإلتزام بحلول العام 2020 بأهداف جديدة. وهذا يُعتَبَر تقدّماً، ونأمل أن يكون المشكّكون والمُنكرون والمُنتقصون شاهدوا الوقائع الحقيقية – لقد رفعنا درجات حرارة كوكبنا إلى مستويات خطيرة. وهذا يجب أن يتغيّر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى