هنري زغيب يُعرّب “جواهر عُمر” لِـمؤَلِّفٍ بلَغَ الـمئةَ وما زال يَـكْـتُـب

في 22 تشرين الأول (أكتوبر) بلغ الكاتب الفرنسي الكبير رنيه دو أوبالديا المئة من العمر، وفي هذه المناسبة عرّب له الشاعر والأديب اللبناني هنري زغيب كتابه الأخير “جواهر عمر” (2017)، الذي وقّعه منذ أيام في معرض “بيروت للكتاب الفرنكفوني”.

المؤَلِّف رنيه دو أُوبالديا يوم دخوله الأَكاديميا الفرنسية (1999).

بيروت – مكتب “أسواق العرب”

في سياق الإحتفالات التي شهدها “معرض بيروت للكتاب الفرنكوفوني” في دورته الخامسة والعشرين، أطلق الشاعر اللبناني هنري زغيب كتابه الجديد “جواهر عُـمـر” الذي صاغَه بالعربية وقدَّم له في نبذةٍ مفصَّلةٍ عن المؤَلف الفرنسي الكاتب الكبير رنيه دو أُوبالديا، الذي بلغ في 22/10/2018 مئة عام (هو من مواليد 22/10/1918) وما زال يكتُب ويُنتج جديدًا، ولا يزال كل خميس يحضر جلسات الأَكاديـميا الفرنسية وهو عضو فيها منذ 1999 وعميدها الأكبر سنًّا منذ 2012.
وأُوبالديا صاحب مؤَلَّفات كثيرة نال عليها أَوسمةً فرنسية ودولية، وجوائِزَ عدة منها: “جائزة السخرية السوداء” (1956)، “جائزة النقد المسرحي”(1960)، “جائزة الأَكاديميا الفرنسية للمسرح” (1985)، “جائزة الشعر” من جمعية المؤَلفين والملحنين في فرنسا (1988)، الجائزة الكبرى لجمعية الكُتّاب المسرحيين (1989)، جائِزة الأَدب الكبرى من مدينة ﭘـاريس (1991)، جائزة “نادي القلم” في فرنسا (1992)، جائزة اللغة الفرنسية (1996)، و”جائزة ﭘــياريت ميشلُو للشِعر” (2008) عن مجموع مؤَلّفاته.
وتتنوّع مؤَلَّفاته بين شعرٍ ونصوصٍ نثريةٍ وروايةٍ ومسرح، تتميَّز في معظمِها بالخيال والفانتازيا اللغوية ونكهة السخرية والدعابة. له في الشِعر خمس مجموعات، في المسرح 22 مسرحية، كتابُ أَشعار للصغار، ستة أَعمال إِذاعية، تسعة كتب نثرية بين قصة قصيرة ورواية وسيرة ذاتية وكتابات أُخرى، أَقدمُها سنة 1952 وأَحدثُها “جواهرُ عمر” (2017).
الكتاب، الصادر حديثًا باللغتين الفرنسية والعربية معًا لدى منشورات درغام في بيروت، مجموعةُ حِكَمٍ وأَمثالٍ وأَقوالٍ وعِبَرٍ وعباراتٍ مأْثورةٍ جمعها أوبالديا طيلة سنوات من كتّاب ومؤلّفين وفلاسفة قدامى ومحدثين من مختلف اللغات والبلدان.
عن هذا الكتاب يشرح هنري زغيب لــ”أَسواق العرب” أَنَّ “ما يجمعنا به، إِلى غنى مضمونه، جَـوُّ الحِكَم الذي هو أَساسٌ في جوّنا الأَدبي الإجتماعي. فنحنُ ميّالون، بطبيعتنا الشرقية، إِلى الأَخْذ بالحِكَم والأَمثال، خصوصًا تلك التي فيها سَجَعٌ يَسهُلُ حفْظُه وإِيصالُه فَرَواجُه. فالحِكَم والأَمثال في بيئتنا جزءٌ من تراثنا الشعبي، وكم بيتٍ في قصيدةٍ ذي مضمونٍ حِكَميٍّ غادَرَ القصيدةَ وراح يتنقّل بين الناس حتى بات مَثَلاً رائجًا أَو حِكمةً سائرة. إِنها روحانية الشرق: التعلُّق بالجذور والتقاليد والعادات والأَمثال والأَقوال والحِكَم، حتى لَـهْيَ نهجُ حياةٍ في يومياتنا الاجتماعية والثقافية والأَدبية”…”بـهذا التَواصُل شعرتُ حين قرأْتُ كتاب أُوبالديا وشدَّني إلى تعريبه. أَحببتُ فيه الِإيجازَ الـمُضيء، والإِيجازُ في الأَدب بَـرقٌ وميضٌ تَليه تردُّداتُ رعدٍ يتفجَّر. هكذا في سياق الترجمة، كان يُغريني في تلك الأقوال الموجزة أَن أَنقلَها إِلى العربية بالإِيجاز ذاته والشكْل ذاته والجِرْس ذاته، كي تُعانقَ عربيَّتي فرنسِـيَّـتَها” … “هي هذه رحلتي الممتعةُ في هذا الكتا الذي وضَعَه صاحبُه في لُغَتِهِ وهو على عتبة المئة، وها نحنُ، في لُغَتنا، نعبرُ معه هذه العتبةَ إِلى متعةِ نصوصٍ لم يـبلُغْ أَصحابُها المئةَ لكنهم تَــرَكوها “جواهرَ” خالدةً لكُل عُمر. ننحني أَمام أُوبالديا بسنواتِـه المئة، وندعو له أَيضًا وأَيضًا بِطُول العمر”.
ومن الأمثلة والأقوال التي وردت في الكتاب:
يا من يشتري لي الذُهول! (شوانغ تسو)
إن شئتَ أَن تُصبح ملك إِنكلترا، تخَلَّ عن مهمّتكِ شمّاسًا في برومـﭙـتون. (تشسترتون)
الروائيُّ يَكتب. الشاعرُ يُعاني. (ماكس جاكوب)
أُخطِّط معاركي وَفْق أَحلام جنودي النيام. (بونابارت)
لا يسلم اتكاءٌ إِلَّا على صلابة. (فرنسوا أندريُو)
لولا الشيطانُ لَـما بلغَ اللهُ هذه الشعبية. (جان كوكتو)
المسرح: تفكيرُ الإِنسان الدائمُ في ذاته وفي جنونه. (نوفاليس)
المرأَة التي تختصر الطبيعة كلَّها في قمقمٍ صغيرٍ، دأْبُها أَن تذيبَ العناصرَ الذكَرية غيرَ التامة. (بيلادان)
الحياةُ مأْساةٌ لِـمَن يُـحسُّونها، ومَلهاةٌ لِـمَن يفَتكِرونها. (والْبُول)
ما غير السخافة البشرية تعطيني فكرة عن المطلق. (جان لورين)
قليلةٌ هي الأُمور المشتَرَكة بيني وبيني. (كافكا)
الإِنسانُ على صورة خالقه، وغالبًا أَسوأُ. (سرفانتس)
الموتُ فداءَ المرأَة التي نُـحِبّ، أَسهلُ من الحياة معها. (أندريه مالرو)
السعادةُ الحقيقية: تَذَكُّرُ الحاضر. (جول رُنار)
لا تَطير الملائكة لـخفَّتها بل لاستخفافها بذاتها. (تشسترتون)
التجربة: مشطٌ يُسَرِّح شَعر الأَصلع. (تشوانغ تسو)
حزينةٌ هي الحياة، والفنُّ فَرَح. (فردريك دورنمات)
الله يعرف جحيمه أَيضًا: حُــبُّــه البشَرَ. (هانس بالتازار)
الحبُّ الحقيقيّ: أَن تحضن الروحُ الجسد. (نيتشه)
لا الضحِك، ولا اليأْس، ولا اللعنة، بل التفهُّم. (سبينوزا)
اللهُ خلقَني بدون موافقتي. (ماري أنطوانيت)
يصعب إِطلاقُ التنبُّؤَات، خصوصًا عن الآتي. (مثل صيني)
لا نَقْمعُ الطبيعة إِلّا بِطاعَتِها. (فرنسيس باكون)
الـمُتشائِمُ متفائِلٌ مُطَّلِع. (مثل روسي)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى