هل نسي العالم فلسطين؟

بقلم كابي طبراني

إنها أيامٌ قاتمة وأليمة لكل فلسطيني يعيش في قطاع غزة، ذلك الممر الأرضي الضيّق الذي لا تتجاوز مساحته ال363 كيلومتراً مربعاً، والذي بات سجناً مفتوحاً لأكثر من 1.8 مليون فلسطيني يعيشون هناك في حالة حصار واقعي، بسبب أفعال إسرائيل غير القانونية وجهودها العنيفة لعزله.
بالنسبة إلى الفلسطينيين الذين يحاولون التسلّل أو حتى التجمّع بالقرب من سياج الأسلاك الشائكة الذي يسجنهم، فإنهم يُقابَلون برصاص قوات الإحتلال الإسرائيلي التي تُطلِق النار وتقتل على سجيتها مَن تختار، ومتى تريد، مِن دون أي إلتزامٍ أو رادعٍ أخلاقي. وبالنسبة إلى أولئك الذين يُحاولون كسب العيش من طريق الصيد البحري، فتقوم الزوارق الحربية الإسرائيلية بإطلاق النار عليهم في المياه المفتوحة والدولية ومنعهم من الإرتزاق. وبالنسبة إلى أولئك الذين يحاولون تحسين حياتهم من خلال التعليم، فقد تم إغلاق المدارس في وجوههم بعدما قطعت واشنطن دعمها المالي ل”الأونروا”، وهي الوكالة التابعة للأمم المتحدة التي دعمت وساعدت الفلسطينيين على مدى العقود السبعة التي تلت النكبة.
الآن، يعيش قطاع غزة من دون إمدادات وقود ومواد غذائية كثيرة، وقد عزله نظام الإحتلال لأن الفلسطينيين تجرّأُوا على الإحتجاج بعنف ورفضوا شروط السجن في الهواء الطلق المفروضة على كل طفل وامرأة ورجل يعيش هناك. إن الأوضاع في غزة الآن باتت كابوساً مرعباً، والإحتجاجات الفلسطينية لا يُمكن أن تنتهي بشكل مُبَرَّر إلّا إذا أنهى نظام الإحتلال خنقه للقطاع.
لكن الترهيبَ والقتلَ اللذين يتعرَّض لهما الفلسطينيون ليسا وقفاً فقط على قطاع غزة. في الأسبوع الفائت، تُوفيت إمرأة عندما إستُهدِفَت سيارتها من قبل مستوطنين يهود، الذين ألقوا الحجارة عليها بسبب جرأتها على القيادة في أرضها التي سرقها هؤلاء الجبناء القاتلون والمُتطفلون، الذين لن يُواجهوا أي عواقب قضائية على قتلها، وهو عملٌ يُظهر بربريتهم الحقيقية وطبيعتهم العنيفة.
الآن، أكثر من أي وقت مضى، هناك حاجة ماسة ورغبة شديدة في تحقيق العدالة وحلّ دائم لمحنة الشعب الفلسطيني. لكن ذلك يحتاج إلى دعم وتضامن مجتمعٍ دولي لا يقبل الرؤى الضيّقة والنرجسية للقلة في تل أبيب وواشنطن. وبينما ينصب التركيز حالياً في كثير من الأحيان على مناطق أخرى من الشرق الأوسط، فإن القضية الفلسطينية تبقى هي الأكثر أهمية وأساسية.
إذا كان ينبغي أن يكون هناك سلام عادل، فيجب أن يقوم على أساس المبادئ المُتَّفق عليها لحل الدولتين – مبادىء تعترف بحق وكرامة وسلامة الشعب الفلسطيني وتاريخه وتراثه. لا يُمكن أن يقوم حل الدولتين حيث تُفرَض شروط السجن في الهواء الطلق على قطاع غزة، أو حيث يقوم المستوطنون بقتل الفلسطينيين متى شاؤوا من دون أي عقاب.
ولكن، نظراً إلى تصرفات واشنطن الأخيرة بوقف تمويل “الأونروا” ونقل سفارتها إلى القدس المحتلة، فإن حل الدولتين يبدو الآن أبعد ما يكون من أي وقت مضى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى