رواية فلسطينيّة على قائمة الأفضل عالميّاً لأدب اليافعين

إختار المجلس العالمي لأدب اليافعين (إيبي)، رواية “أنا وصديقي الحمار” للكاتب والأديب الفلسطيني محمود شقير، والصادرة عن مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي في مدينة رام الله، ضمن لائحة الشرف لأفضل 100 رواية في العالم لليافعين للعام 2018، وذلك في اختتام فعاليات دورته السادسة والثلاثين في العاصمة اليونانية أثينا.

غلاف كتاب “أنا وصديقي الحمار”

رام الله – أحمد ملحم

حقّقت الرواية الفلسطينيّة إنجازاً جديداً في أيلول (سبتمبر) الفائت تَمثّل باختيار المجلس العالميّ لأدب اليافعين “إيبي” في اختتام دورته الـ36، التي عُقِدَت في العاصمة اليونانيّة أثينا بين 30 آب (أغسطس) و1 أيلول (سبتمبر)، رواية “أنا وصديقي الحمار” للكاتب الفلسطينيّ محمود شقير، ضمن لائحة الشرف لأفضل 100 رواية في العالم لليافعين لعام 2018. وصدرت الرواية المنشورة في كتيّب خاص عبر موقع المجلس العالميّ لأدب اليافعين خلال العام 2016 عن “مؤسّسة تامر للتعليم المجتمعيّ”، وسيتمّ عرضها في أهمّ معارض الكتب العالميّة، وهي تقع في 85 صفحة من القطع المتوسّط.
وتُعدّ الرواية نموذجاً للأدب الواقعيّ كونها بُنيت على قصّة حقيقيّة حدثت مع صديق لشقير في مدينة القدس، وفيها الكثير من التفاصيل السرديّة الفنيّة، وتأتي بأسلوب من الفكاهة والسخرية والخيال لجذب القرّاء من اليافعين إلى النصّ الأدبيّ. كما أنّها تَدور حول صديق شقير، محمّد السلحوت، الذي كان يعمل وهو فتى في القدس على حماره في نقل أكياس القمح والشعير. وفي أحد الأيّام، تعرّض حماره للسرقة بالحيلة والغدر من قبل أحد اللصوص، لتُشكّل الحادثة مُنعطفاً مُهمّاً في حياة الفتى الذي قرّر الإجتهاد إلى أن أصبح من أهمّ رجال الأعمال الفلسطينيّين في الولايات المتّحدة الأميركيّة.
وانطلق شقير في روايته حين عاد صديقه رجل الأعمال إلى القدس قبل سنوات، آتياً من ولاية هيوستن الأميركيّة، وبدأ إسترجاع الأحداث وذكرياته في المدينة، ومنها فقدانه حماره، وقال شقير: “إنّ الرواية تدمج بين الواقع والخيال، وتدور أحداثها في القدس وحولها، كما حدثت في الواقع. ثمّ تنتقل إلى محطّات جديدة تعكس رحلة الفتى في العالم إلى أن أصبح رجل أعمال ناجحاً في الولايات المتّحدة”.
ولأنّ أحداث الرواية تقع في القدس، فإنّ شقير لم يغفل الحديث عن المدينة وجيل الفتيان والفتيات فيها، وتطلّعهم إلى المستقبل وحبّهم للمغامرات، وجملة من القضايا الإنسانيّة المُنبثقة من الحادث، حاملةً في طيّاتها رسالة إلى الفتيان تقول: “مهما كان الواقع والحياة بائسَين وصَعبَين، يُمكن التغلّب على ذلك، والسير قُدُماً لإنجاز النجاح”، حسب شقير.
ولأنّ الرواية تتحدّث عن الحمار، فإنّ شقير استغلّ ذلك لسرد قصص وحكايات عن الحمار على الصعيدين المحليّ والعالميّ، فتطرّق إلى يوم عطلة الحمير في المكسيك، وإلى الحمار كشعار للحزب الديموقراطيّ الأميركيّ، والحمار في أشعار محمود درويش.
وتُعتبَرُ الكتابة إلى جيل اليافعين من أصعب الكتابات، وهو ما أقرّ به شقير، قائلاً: “إنّ الكتابة لهذا الجيل ليست سهلة، لأنّ مَن يكتب عليه أن يعرف تطلّعات هذه الفئة ومشاعرها وحدود استيعابها وما يهمّها ويؤثّر فيها. ولذلك، لا بدّ من الإطّلاع على واقع الطفولة واليافعين واستخدام لغة تتناسب مع وعيهما الذهنيّ والتعليميّ والفكريّ”.
وعن الأسلوب الذي اتّبعه لكتابة الرواية واعتمادها على الكوميديا، قال شقير: “إنّ الكوميديا في الرواية تُساهم في زيادة الإقبال على العمل الأدبيّ، وتجعله مشوّقاً وغير مملّ، ويغري بمتابعة القراءة”.
وأشار شقير إلى أنّ الرواية حملت رسائل عدّة صيغت بأسلوب فنيّ مُقنَّع وغير مباشر، بعيداً من التلقين، وقال: “علينا أن نتعلّم ممّا يحدث لنا من أمور سلبيّة، والتمسّك بالأرض والوطن، وأن نجتهد ولا نتأثّر سلباً في حال تعرّضنا لخطر أو أذى أو اعتداء، واحترام الصداقة، والتفاعل مع أبناء جيلنا لإنتاج أفكار وتجارب جديدة، والإنتصار لعناصر وقيم الخير مقابل قيم الشرّ.
من جهتها، إعتبرت وزارة الثقافة الفلسطينيّة في بيان أصدرته في 11 أيلول (سبتمبر) “أنّ تواجد فلسطين عبر رواية شقير في قائمة تضمّ أهمّ الروايات الخاصّة باليافعين في مختلف أنحاء العالم إنجاز كبير يسجّل لشقير وفلسطين ومبدعيها، ومن شأنه أن يحدث تأثيراً مهمّاً، خصوصاً أنّ الرواية في حال ترجمتها للغات أخرى من شأنها أن تساهم في التأثير الإيجابيّ باتّجاه إنتصار هؤلاء اليافعين قادة الغد في بلدانهم، ومن يصنعون سياساتها في السنوات المقبلة لعدالة القضيّة الفلسطينيّة. كما من شأنها مدّ الجسور ما بين الثقافة الفلسطينيّة الراسخة وثقافات الشعوب في العالم”.
ويعدّ شقير من أبرز الكتّاب والأدباء الفلسطينيّين، الذين كتبوا إلى فئة اليافعين، إذ صدرت له نحو 7 روايات لهذه الفئة، إلى جانب سلسلة قصص للأطفال وروايات وأعمال مسرحيّة على مدار 56 عاماً من الكتابة، أبرزها: رواية “مديح لنساء العائلة”، التي وصلت إلى القائمة القصيرة لجائزة البوكر العربيّة خلال العام 2016.
وأبدت “مؤسسة تامر للتعليم الجامعي”، التي تأسّست في القدس خلال العام 1989 وتُعرّف نفسها كـ”مؤسّسة غير ربحيّة تهتمّ بالتعليم المجتمعيّ، ورسالتها تشجيع وتعميق ثقافة التعلّم لدى الأطفال واليافعين والعاملين معهم في فلسطين”، والتي صدرت عنها الرواية، اهتماماً في أدب الأطفال واليافعين، من خلال إنتاج روايات لعدد من الكتّاب كمحمود شقير، أحلام بشارات، سونيا النمر، أنس أبو رحمة، وهدى الشوا.
وقالت المديرة العامّة للمؤسّسة ريناد القبج لي: “إنّ المؤسّسة تحرص على تقديم روايات كتّاب مختلفين بأساليب الكتابة، لمنح اليافعين فرصة إختيار الأسلوب الذي يحبّون قراءته”.
ولفتت إلى وجود “لجنة قراءة داخل المؤسّسة وأخرى خارجيّة تقومان بقراءة الموادّ التي تصل إلى المؤسّسة، وهما بدورهما ترفعان توصياتهما بالنشر من عدمه”.
وعمّا يميّز روايات شقير لليافعين، قالت ريناد القبج: “إنّ الرواية تمتاز بسلاسة اللغة والتشويق والمغامرة والفكاهة، وهي عناصر مهمّة في الكتابة لهذه الفئة العمريّة”.
أضافت: “هدف أدب اليافعين هو تحقيق المتعة لهم. ومن خلال المتعة، نحقّق الكثير من الأهداف”، فإنّ الجانبين التربويّ والقيميّ يتمّ تمريرهما بالكتابة بشكل غير مباشر، من خلال تعريض الطفل لتجارب مختلفة عبر النصوص المقدّمة.
وتابعت: “من المهمّ التركيز في أدب اليافعين على أن يكون العمل إبداعيّاً، لأنّ اليافعين يُحبّذون أن يربطوا بينهم وبين شخصيّات النصّ، فإذا الكاتب نجح في خلق شخصيّة تستطيع التفاعل مع القارئ، فإنّ النجاح يكون قد تحقّق”.

• نُشر الموضوع أيضاً على موقع “المونيتور”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى