جائزة نوبل لكل النساء

بقلم كابي طبراني

في الأسبوع الفائت، منح أعضاء اللجنة الدولية لجائزة نوبل للسلام شرف العام 2018 لشخصيتين جذبتا الإهتمام ولفتتا الإنتباه إلى قضية إنهاء العنف الجنسي في الصراع المسلح، مُسَلِّطتين الضوء على استخدام الإغتصاب كسلاح للحرب. واحدة من هاتين الشخصيتين كانت الناشطة الإيزيدية العراقية نادية مراد، التي تحدّثت بكل شجاعة عن معاناتها على يد جماعة “داعش” الإرهابية كاشفة مدى وحشية أفرادها وعملت على حشد الدعم الدولي لمحاسبة التنظيم الإرهابي. والفائز الثاني كان دينيس موكويجي، طبيب أمراض النساء الذي عالج الآلاف من ضحايا الإغتصاب اللواتي واجهن الموت في جمهورية الكونغو الديموقراطية وكرّس حياته للدفاع عن ضحايا العنف الجنسي في زمن الحرب.
وعن سبب منحها جائزة نوبل للسلام إلى هذين الشخصين، قالت اللجنة أنها أرادت أن تضمن و تؤكّد على أن النساء محميات، وأن المُتحرّشين جنسياً يجب أن يُحاسَبوا على أفعالهم كشرط مُسبق لأي سلام دائم في أي نزاع.
الواقع أن القرار بإلقاء الضوء على العنف الجنسي ضد النساء يأتي في وقت وصل مستوى الإحباط إلى حد الإنفجار في هذا المجال بسبب إعتداءات جنسية تاريخية، وهو أمرٌ أبرزته حملة “#أنا أيضاً” (#MeToo) الأميركية التي إكتسبت زخماً خلال العام الماضي في الولايات المتحدة. وفي حين أن لجنة نوبل إختارت الإعتراف بأشكال العنف الجنسي الأكثر عدوانية وتدميراً في العالم بمنحها جائزة السلام لموكويجي ومراد معاً، فهي تمنح أيضاً تصويتاً على دعم أولئك الذين يقومون بحملات ضد الإعتداء الجنسي على النساء في أي شكل قد يكون. وبالفعل، بالنظر إلى الإتجاهات الخفية السياسية التي جرت في مجلس الشيوخ الأميركي حول ترشيح القاضي بريت كافانو إلى المحكمة العليا، فإن الرسالة من لجنة نوبل لم تخلُ من الجدل.
كان هناك إقتراحٌ قبل إعلان الأسبوع الفائت أن تُمنَح الجائزة للرئيس دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي “كيم جونغ أون” بسبب التقارب بينهما في سنغافورة بالنسبة إلى برنامج بيونغ يانغ النووي، لكن يبدو أن الوقت ما زال مُبكراً جداً حيث أن الطريق في هذه القضية ما زال هشاً لمثل هذا الإعتراف الدولي. غير أن اللجنة لاحظت أن عقداً من الزمن قد مضى منذ أن إعتمد مجلس الأمن الدولي القرار 1820 الذي قرّر وحدّد أن استخدام العنف الجنسي كسلاح للحرب وفي نزاع مُسلح يشكّل معاً جريمة حرب وتهديداً للسلام والأمن الدوليين. ومن خلال تكريم موكويجي ومراد، فقد إعترفت اللجنة بعملها المستمر في تسليط الضوء على الوحشية ضد النساء نتيجة للصراع المسلح.
عندما سيطر “داعش” على أجزاء من العراق وسوريا قبل أربع سنوات، فقد عامل المرأة باعتبارها خاضعة و”سلعة جنسية”، وخصوصاً مع الأقلية الإيزيديية، حيث شرع في حملة محمومة من الإغتصاب والتدهور الجنسي. وبالمثل، شرعت مختلف الجماعات المتمردة والمتمردين في الكونغو، على مدى عقود، في حملة مهووسة من الإشباع الجنسي تركت آلاف النساء هناك يتعرضن للإنتهاك والصدمة الشديدة.
نرجو أن تكون جائزة نوبل للعام 2018 فاتحة أمل لمُحاسبة المُتحرِّشين جنسياً على أفعالهم في أي شكل كانت وأينما كان فاعلوها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى