قطاع التعدين في السعودية يتوسّع وسط دفعة لتشجيع الإستثمار الخاص

شهد قطاع المعادن والتعدين في المملكة العربية السعودية نمواً كبيراً خلال السنوات القليلة الماضية، ومن المتوقع أن يحظى هذا القطاع مستقبلًا بفرص نمو هائلة تماشياً مع “رؤية 2030” التي تهدف إلى تنويع الإقتصاد بعيداً من الهيدروكربونات، والتي يجسدها توجه “مساهمة قطاع التعدين في الإقتصاد الوطني السعودي بكامل طاقاته”.

“معادن”: زادت إستثماراتها في السعودية وارتفعت أرباحها

الرياض – راغب الشيباني

تزامنت الجهود لتشجيع القطاع الخاص في المملكة العربية السعودية على مزيد من المشاركة مع النمو القوي في قطاع التعدين في المملكة، وهو جزء أساسي من إستراتيجية تنويع إقتصاد البلاد ومحرك بارز للنمو الإقتصادي الأوسع.
لقد نما التعدين في المملكة بنسبة 6.3٪ على أساس سنوي في الربع الأول من العام 2018، وفقاً للبيانات الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء في 2 تموز (يوليو) الفائت.
إلى جانب التوسع في التصنيع غير النفطي (4.6٪) والخدمات الحكومية (3.4٪)، فقد ساعد الأداء القوي لقطاع التعدين على زيادة إجمالي الناتج المحلي إلى 1.2٪ خلال هذه الفترة، مُحطّماً بذلك أربعة أرباع متتالية من النمو السلبي.
كما ساعدت الصناعة على تعويض النمو البطيء في صناعة النفط (0.6٪)، جنباً إلى جنب مع الإنكماشات في قطاعي التجزئة والضيافة (-0.5٪) والبناء (-2.4٪).

الإستثمار الخاص لتعزيز مساهمة التعدين

ويأتي التوسع في أنشطة التعدين وسط دفعة لجذب الإستثمارات الخاصة إلى القطاع لتطويره كواحد من الدعائم الرئيسية في الإقتصاد.
في 9 تموز (يوليو) الفائت، أعلن خالد الفالح، وزير الطاقة والصناعة والموارد المعدنية في المملكة، عن استكمال نظام إستثمار للتعدين معدّل يهدف إلى تحفيز الإستثمار في المشاريع.
وفي إطار الآلية المُعدّلة، تهدف المملكة إلى بناء قاعدة بيانات شاملة لمواردها المعدنية، وتكثيف الإستكشاف وتطوير طرق تمويل جديدة للمشاريع.
ويتطابق هذا التطور مع الإستراتيجية الإقتصادية ل”رؤية 2030″ للمملكة، والتي تتطلع إلى زيادة مشاركة القطاع الخاص في تنويع الإقتصاد بعيداً من إعتماده على الهيدروكربونات.
أما بالنسبة إلى مساهمة التعدين، فقال الفالح إن الحكومة تخطط لجعل هذا القطاع الركن الثالث للإقتصاد، جنباً إلى جنب مع إنتاج النفط والبتروكيماويات.
من جهتها تسعى وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية إلى زيادة مساهمة التعدين في الناتج المحلي الإجمالي من 17 مليار دولار حالياً إلى 64 مليار دولار بحلول العام 2030 ، فضلاً عن توليد أكثر من 25,000 فرصة عمل جديدة في الصناعة.

إحتياطات معدنية قوية تعزز آفاق الصناعة

من المرجح أن يكون السعي وراء هذه الأهداف مدعوماً بمستويات عالية من الرواسب المعدنية: تقدر وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودية الثروة المعدنية في المملكة بنحو 1.3 تريليون دولار، مع إحتياطات من الذهب تبلغ حوالي 240 مليار دولار إلى جانب ودائع كبيرة من البوكسيت والنحاس والفوسفات.
ويمكن أن يرتفع هذا الرقم أكثر مع الاضطلاع بمزيد من أعمال المسح. في شباط (فبراير)، قال المسؤولون إن هيئة المساحة الجيولوجية السعودية أجرت خمس تجارب أخرى على الأقل لتحديد التعرف على ودائع جديدة وتحديدها كمياً.
ويُمكن أن يؤدي إرتفاع الطلب وأسعار السلع إلى جعل قطاع التعدين في البلاد شراءً جذاباً، حيث تشهد شركة التعدين العربية السعودية (معادن) الرائدة محلياً في هذا المجال عوائد أعلى هذا العام. وقد أظهرت النتائج نصف السنوية إرتفاعاً بنسبة 82.9٪ في الأرباح الصافية إلى 1.2 مليار ريال سعودي (320 مليون دولار)، واعتبرت الشركة الزيادة في حجم المبيعات وأسعار المعادن كعوامل تدعم النمو.
إحدى السلع التي تتطلع شركة “معادن” لتطويرها هي النحاس، وفقاً لما ذكره دارين ديفيس، الرئيس التنفيذي بالوكالة للشركة.
وقال لوسائل الإعلام الدولية في السادس من آب (أغسطس) الفائت: “نود أن نكون أكبر بكثير في النحاس. إننا نعتقد أنه معدن عظيم للمستقبل”.
وبينما كانت الشركة تتطلع إلى شراء أصول في الخارج، قال ديفيس أن “معادن” أرادت البناء على عمليات النحاس المحلية الحالية، التي تتكون حالياً من منجم واحد يقع على بعد 350 كلم جنوب شرق جدة والذي بدأ الإنتاج في العام 2016.

نمو التعدين لتحفيز التنمية في الصناعات ذات الصلة

من المتوقع أن يؤدي التوسع المستمر في صناعة التعدين إلى إتاحة فرص نموٍ للشركات العاملة في القطاعات ذات الصلة، حيث تُفيد التوقعات أن إرتفاع الناتج الإقتصادي للتعدين إلى أربعة أضعاف سيتطلب استثمارات كبيرة في البنية التحتية والمعدات والتكنولوجيا المخصصة.
وفي الوقت الذي تستثمر فيه المملكة العربية السعودية على نطاق واسع في شبكة السكك الحديدية الخاصة بها مما يوفر قدرة فائقة على نقل الأشياء الثقيلة وربط إحتياطاتها المعدنية بالموانئ والمراكز اللوجستية، فإن الطلب على معدات نقل وحفر ونقل الأتربة والمحركات ومخفضات السكك الحديدية لنقل المستخرجات من المناجم الجديدة سيرتفع بشكل حاد في السنوات المقبلة.
في منتصف أيار (مايو) الفائت، قامت الشركة الأميركية – السعودية “سافيدج السعودية” المتخصصة في خدمات السكك الحديدية في الولايات المتحدة بتسليم خمس قاطرات جديدة ووحدتي تقوية محرّكات إلى شركة “وعد الشمال للفوسفات” التابعة ل”معادن”، لاستخدامها في نقل التعدين إلى المدن الصناعية في وعد الشمال ورأس الخير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى