الكويت تستعين بالقطاع الخاص للإستثمار في مشاريع الطاقة

في إستراتيجية جديدة هدفها إدخال الإصلاح الإقتصادي إلى الإمارة الخليجية، بدأت حكومة الكويت تشجبع القطاع الخاص في البلاد وخارجها والسماح له بمشاركة القطاع العام في مشاريع الطاقة التي كانت ممنوعة على الأول ومقتصرة فقط على الثاني.

مشروع “أم الهيمان”: ينفذه كونسورتيوم بقيادة ألمانية

الكويت – علي الشعلان

بدأت حكومة الكويت أخيراً تحركاً يهدف إلى زيادة مشاركة القطاع الخاص في الإقتصاد كجزء من خطط التنويع الأوسع نطاقاً، داعيةً إلى عروض من الشركات لبناء وتشغيل مشروعي مرافق عامة في إطار نموذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
في تموز (يوليو) الفائت، أعلنت “هيئة مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص” في الكويت أنها تقبل طلبات وعروض إهتمام من شركات خاصة لبناء محطتين لتوليد الطاقة وتحلية المياه. والمشروعان هما المرحلة الأولى من مشروع الخيران ومشروع شمال الزور 2 و3.
وسيشمل مشروع الخيران، الذي يقع على بعد 100 كيلومتر جنوب مدينة الكويت، التصميم والبناء والتمويل والتشغيل والنقل لمحطة توليد طاقة وتحلية مياه. وستكون قدرة الطاقة المُجمّعة الصافية في الدورة المركبة 1800 ميغاواط والقدرة الصافية لضخ المياه 125 مليون غالون إمبراطوري يومياً.
إن عرض الحكومة القائم على الشراكة بين القطاعين الخاص والعام هو لمرحلة أولى من ثلاث مراحل. وبمجرد إكتمال المشروع، من المتوقع أن يوفر قدرة إجمالية تبلغ 4500 ميغاواط وحوالي 125 مليون غالون يومياً لشبكة الكهرباء وشبكة نقل الطاقة في الكويت.
إن مشروع الزور، المُتاخِم لمشروع الخيران، هو محطة لتوليد الطاقة تعمل بالغاز، والتي تمّ الإنتهاء من المرحلة الأولى فيها في العام 2016، وتوفّر حالياً 10٪ من طاقة توليد الطاقة المركبة في البلاد.
وقد تم تطوير المرحلة الأولى من خلال شراكة بين حكومة الكويت (60٪) وكونسورتيوم تقوده شركة إنجي الفرنسية متعددة الجنسيات (17.5٪) والشركة اليابانية سوميتومو (17.5٪) وشركة عبد الله الحمد الصقر وأخوانه الكويتية (5٪).
أما المرحلتان الثانية والثالثة، اللتان تُقدَّمان حالياً للمناقصة، فتشملان التصميم والتوريد والبناء والإختبار والتركيب لمحطة كهرباء ومياه مستقلة بقدرة تبلغ 2700 ميغاواط وقادرة على على إنتاج 165 مليون غالون يومياً من المياه المحلاة. وبمجرد إكتمال جميع المراحل الخمس، من المتوقع أن تولّد ما مجموعه 4800 ميغاواط من الكهرباء وحوالي 280 مليون غالون يومياً من المياه المُحلّاة.
والمهلة التي أعطتها “هيئة مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص” لتقبّل طلبات التعبير عن الإهتمام بالمشاريع، التي هي مفتوحة أمام الشركات الدولية والإقليمية والمحلية، تنتهي في 18 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.

مشاريع لتعزيز قدرة الطاقة وسط تزايد الطلب

يشكّل مشروعا الخيران والزور جزءاً من جهود الحكومة لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة في البلاد، والذي من المتوقع أن يصل إلى 25 جيغاواط بحلول العام 2025.
واعتباراً من حزيران (يونيو) الفائت، أظهرت بيانات وزارة الكهرباء والماء بأن قدرة الإنتاج المركبة بلغت 18.7 جيغاواط من الكهرباء و623.8 مليون غالون يومياً من المياه، مع نسبة كبيرة من إستهلاك الطاقة المحلي إستُخدمت لتحلية المياه.
من ناحية أخرى، مع معدل هطول الأمطار الذي يبلغ 110 ملم سنوياً وعدم وجود مياه سطحية، تُصنَّف الكويت بين أكثر دول العالم فقراً بالمياه، إلى جانب المملكة العربية السعودية والبحرين وعُمان والإمارات وسنغافورة وغيرها، وفقاً ل”معهد الموارد العالمية”.
ونتيجة لذلك، يعتمد البلد على تحلية المياه لكثير من مياهه العذبة، ويستخدم المياه الجوفية المالحة للري في بعض المناطق. يوجد حاليا 10 محطات لتحلية المياه في الكويت، بما في ذلك محطات التناضح العكسي، التي تُكمّل إنتاج بعض المرافق الأكبر.
من المتوقع أن يؤدي النمو السكاني السريع، الذي زاد بأكثر من 160٪ منذ منتصف تسعينات القرن الفائت ووصل إلى 4.5 ملايين نسمة، إلى زيادة الطلب على كل من موارد الطاقة والمياه.
للمساعدة على معالجة هذه الضغوط، تهدف الحكومة إلى إنتاج 15٪ من الطلب على الطاقة في البلاد من مصادر متجددة – مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح – بحلول العام 2030، مع توقيع معهد الكويت للأبحاث العلمية في آذار (مارس) إتفاقية مع شركتين كوريتين جنوبيتين، “كيبكو إي و سي” و”سام أون”، لتبادل البحوث العلمية حول مصادر الطاقة المستدامة.

الحكومة تتطلع إلى الشراكة مع القطاع الخاص

فيما يقوم البلد بإطلاق مشاريع جديدة للطاقة، تتطلع الحكومة بشكل متزايد إلى إستخدام نموذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص كطريقة لتشجيع مشاركة أكبر للقطاع الخاص مع الإبقاء على تكاليف الدولة متدنية.
وفي حين كانت قطاعات المياه والطاقة تخضع لسيطرة الشركات العامة تقليدياً، فإن الإنخفاض في أسعار النفط في السنوات الأخيرة شهد تمرير الحكومة لقوانين وقواعد الشراكة بين القطاعين العام والخاص في عامي 2014 و2015، مما أدى لاحقاً إلى زيادة إستثمارات القطاع الخاص في هذا القطاع.
أحد الأمثلة على ذلك كانت المرحلة الأولى من مشروع شمال الزور التي إختُتمت في العام 2016، والذي شمل إستثمارات من شركات فرنسية ويابانية ومحلية، بينما في كانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي منحت “هيئة مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص” “كونسورتيوماً” تقوده مجموعة “وسيرتكنيك” (Wassertechnik Group) الألمانية حقوق تنفيذ مشروع “أم الهيمان” لمياه الصرف الصحي، ويتوقع أن تبلغ طاقته 500 متر مكعب في اليوم.
وبشكل عام، لدى الهيئة 12 مشروعاً مُحتملاً للشراكة بين القطاعين العام والخاص سواء في مرحلة المناقصة أو مرحلة ما قبل المناقصة، خمسة منها في قطاع المرافق العامة، وخمسة في العقارات، وواحد في كل من النقل والتعليم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى