متى يستفيد لبنان من طاقة الرياح؟

بقلم صلاح طباره*

في العام 2010، نشر لبنان الأطلس الوطني للرياح في تقرير أعده برنامج الأمم المتحدة للتنمية الذي صنّف موارد رياح بلد الأرز الكبيرة. وقد ألهم هذا التقرير صنّاع السياسة المحليين في لبنان لمتابعة مشاريع توليد الطاقة بواسطة الرياح. وقُدّر في حينه متوسط قدرة الرياح بنحو 6.1 جيغاواط، وهي كمية كبيرة بالنظر إلى حجم لبنان. بعد أكثر من سبع سنوات، وقّعت وزارة الطاقة والمياه وثلاث شركات من القطاع الخاص – بما في ذلك شركتي – إتفاقية لتوفير الكهرباء للمستهلكين اللبنانيين.
كانت الرحلة إلى تحقيق الصفقة صعبة للغاية. لقد أُصيب المستثمرون المُحتمَلون بالإحباط بسبب عدم وجود إطارٍ تنظيمي قوي لترخيص طاقة الرياح، وقرب مزارع الرياح من الحدود السورية، وعدم قدرة الشبكة الوطنية على تلبية إحتياجات هذا المصدر الجديد المُتغيّر للطاقة. علاوة على ذلك، إدّعى كثيرون أن المخاطر السياسية كانت مرتفعة للغاية.
ومع ذلك، فإن عدم الإستثمار في الطاقة المتجددة يُمكن أن يكون كارثياً. اليوم يقف إقتصاد لبنان على حافة الهاوية. ويستورد البلد في المتوسط ما يقرب من 2.5 إلى 3 مليارات دولار من الوقود لتشغيل محطات الطاقة التقليدية التابعة لشركة كهرباء لبنان ومولّدات الديزل المُستَأجَرة أو المملوكة في الأحياء. وتُشكّل هذه النفقات المالية حوالي 3-8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الوطني. علاوة على ذلك، يُعزى ما بين 8 و 23 في المئة من العجز التجاري في لبنان إلى فاتورة إستيراد النفط هذه، ونحو 40 في المئة من الدين الوطني اللبناني البالغ 80 مليار دولار يُعزى إلى شراء النفط لمحطات الطاقة الكهربائية في البلد. لا يُمكن الإستمرار في الإعتماد على النفط الثقيل الباهظ الثمن والديزل الملوّثَين. يجب أن يكون التحوّل إلى الغاز الطبيعي والطاقة المتجددة أولوية قصوى، وقد تمت الإشارة إلي هذا الموضوع في “سيدر”، أحدث مؤتمر للمانحين في باريس في حزيران (يونيو) الفائت.
سعت وزارة الطاقة والمياه، من خلال المركز اللبناني لحفظ الطاقة، إلى المضي قُدُماً في مشروع طاقة الرياح منذ العام 2011 وعملت بلا كلل من أجل تطوير مشاريع هذا القطاع. ومع ذلك، تحتاج الحكومة إلى لعب دور أكبر. على وجه الخصوص، يحتاج لبنان إلى تحديث شبكته الوطنية وشركة كهرباء لبنان بشكل عاجل من أجل إدخال قطاع الطاقة إلى القرن الواحد والعشرين.
وقّع لبنان إتفاقية باريس لتغير المناخ في العام 2016 والتزم آنذاك بالعمل للوصول إلى إمتلاك 15-20٪ من طاقته من مصادر متجددة بحلول العام 2030. وقد أشار الخبراء إلى أنه حتى إذا نفّذت جميع الدول المُوقِّعة إلتزاماتها بحرفيتها بموجب إتفاقية باريس، فلا يزال هناك إحتمال منخفض وضئيل للحدّ من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى درجتين مئويتين. من الواضح أنه يجب القيام بالمزيد والكثير.
لقد تباطأ الإستثمار العالمي في مصادر الطاقة المُتجدّدة مقارنةً بالإستثمار في الطاقة التقليدية في وقت يحتاج نمو الطاقة المتجددة إلى مواصلة النمو بشكل ملح ومتزايد. إن تطوير طاقة الرياح هو أحد الحلول الذي يمكن أن يساعد على تحقيق هدف لبنان بموجب إتفاقية باريس ومساعدته على لعب دوره في الحرب العالمية ضد التغيّر المناخي. أملنا هو أن تصبح جميع أهداف الحكومة الطموحة للطاقة المتجددة حقيقة واقعة. يحتاج لبنان إلى هذا على وجه الإستعجال من أجل إقتصاده، ومن أجل كل خريج يبحث عن وظيفة، وكذلك من أجل رفاهه البيئي والإجتماعي الحالي والمستقبلي.

• شريك مؤسس لمشروع “عكار المستدامة” للرياح في لبنان. يمكنك متابعته على تويتر: @salahtabbara

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى