سياسة نقدية سليمة تدعم السيولة ونمو الإئتمان في البنوك العُمانية

تبدو آفاق الصناعة المصرفية في سلطنة عمان إيجابية، حيث تشير النتائج الأخيرة لصندوق النقد الدولي إلى إرتفاع رأس المال، وانخفاض القروض المُتعثّرة وإستمرار القوة في مخازن السيولة.

صناعة الهيدروكربونات: ما زالت عماد الإقتصاد العُماني

مسقط – باسم رحّال

“على الرغم من أن نمو الإئتمان في القطاع الخاص في سلطنة عُمان قد خفّت حدّته إلى حد ما، ومن المرجح أن ترتفع أسعار الفائدة مع إستمرار تطبيع السياسة النقدية الأميركية، فإنه من المتوقع أن يظل نمو الإئتمان في البنوك العُمانية سليماً”، وفقاً للفقرة الرابعة من البيان الختامي لمشاورات صندوق النقد الدولي لعام 2018 الذي صدر في 6 تموز (يوليو) الفائت.
في الواقع، سجّلت محفظة القروض لدى البنوك التقليدية والمتوافقة مع الشريعة الإسلامية توسّعاً قوياً، وفقاً لنشرة حزيران (يونيو) 2018 الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات، والتي أظهرت زيادة بنسبة 7.7٪ على أساس سنوي أو 24.1 مليار ريال عُماني (62.3 مليار دولار) في نيسان (إبريل) الفائت.
من جهته يتوقع صندوق النقد الدولي أن يظل نمو إئتمانات القطاع الخاص ثابتاً نسبياً خلال السنوات الخمس المقبلة، حيث سيرتفع من 6٪ في العام 2018 إلى 6.8٪ في العام 2020، قبل أن يتجه ببطء نحو الإنخفاض إلى 6.2٪ في العام 2023. وعلى الرغم من أن معدلات التوسع هذه تُعتبَر قوية، فإنها تُعادل نصف المعدلات التي نُشِرت في الفترة ما بين 2014 و2016، عندما بلغ متوسطها 12 في المئة.
البنك المركزي يُخفّف متطلبات الإقراض
كان الدافع الرئيسي لنمو السيولة والإئتمان هو تخفيف متطلبات نسبة الإقراض، والذي بدأه البنك المركزي العُماني في أوائل نيسان (إبريل) من هذا العام.
لقد تم تخفيض مقدار رأس المال المطلوب كنسبة في محافظ الإقراض من 12٪ إلى 11٪، وهي خطوة يمكن أن تضيف حوالي 7,8 مليارات ريال عُماني (20.3 مليار دولار) من السيولة الجديدة إلى السوق.
إن تخفيف نسبة الإقراض يجب أيضاً أن يسمح للبنوك تحديد المواقف بينها بالنسبة إلى أغراض نسبة الإقراض من طريق تضمين قروضٍ وإيداعاتٍ من بنوكٍ تجارية أخرى كجزء من قاعدة ودائعها.
وهذا الأمر من المتوقع أن يسمح بتوسع إئتماني أكبر، وفقاً لمسؤولين في الصناعة، حيث أنه سيشجع المصارف على الإقتراض بشكل متزايد من بعضها وإقراض بعضها البعض، وبالتالي تنشيط سوق ما بين البنوك.
في حين تسارع نمو الإقراض في نيسان (إبريل) الفائت، فمن المرجح أن ينعكس تأثير إجراءات البنك المركزي العُماني في المدى الطويل في النتائج في وقت لاحق من هذا العام. ويُمكن للتوسع الإئتماني أن يدعم أرباح البنوك في نهاية العام، وبالتالي إحتمال رفع أرباح المُقرضين بعد عام مسطح من حيث الأرباح في 2017.
لقد شهد العام الفائت إرتفاعاً في أرباح القطاع بنسبة 3٪ تقريباً، وهي أبطأ وتيرة منذ أكثر من عشر سنين، حيث سجل بعض البنوك نمواً مُسطّحاً في الأرباح فيما سجّل البعض الآخر إنخفاضاً متواضعاً.
تعزيز الصمود أمام الصدمات الخارجية
جاء هذا التباطؤ في الوقت الذي تقلّص الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تقدر بـ0.3٪ في العام الماضي، وفقاً لصندوق النقد الدولي، على خلفية إنخفاض أرباح الهيدروكربونات والتراجع في الناتج. في حين أنه من المتوقع أن يرتفع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 2.1٪ في 2018 و 4.2٪ في 2019، فإن الإقتصاد، مع ذلك، لا يزال يعتمد إلى حد كبير على عائدات النفط، ويُمكن أن تؤدي فترة نموٍ سلبي متكررة إلى الضغط على الصناعة المالية.
ولضمان إستمرار قدرة القطاع المالي على الصمود، أكد صندوق النقد الدولي على أهمية ضمان بقاء الإطار التحوّطي والمخازن المؤقتة للقطاع المالي قوياً، وأوصى بأن يقوم البنك المركزي العُماني بتعزيز سيولته وإدارته للأزمات.
شهد البنك المركزي بعض التراجع في وضع السيولة خلال العام الماضي، حيث تراجعت الأصول الأجنبية بنسبة 10.2٪ على أساس سنوي لتصل إلى 6،6 مليارات ريال عُماني (17.2 مليار دولار) في نهاية شهر نيسان (إبريل) ، وفقاً لتقرير المركز الوطني للإحصاء والمعلومات.
بالإضافة إلى ذلك، فإن التوقعات متوسطة الأجل لصناعة النفط والغاز المحلية تُسلط الضوء على الحاجة إلى بذل المزيد من الجهود لزيادة إنخراط القطاع الخاص في دعم النمو والتنوّع الإقتصادي.
وبينما توقع صندوق النقد الدولي زيادةً في إنتاج حقول النفط من 970 ألف برميل يومياً هذا العام إلى 1.06 مليون برميل يومياً في العام 2023، فإنه توقع أيضاً أن تتبع عائدات قطاع الطاقة مساراً هبوطياً. إن التوقعات المفيدة بأن أرباح العام 2019 ستكون 25.9 مليار دولار – إرتفاعاً من 25.3 مليار دولار المتوقعة هذا العام – من المرجح أن تتراجع إلى 23.1 مليار دولار بحلول العام 2023 على خلفية إنخفاض الأسعار الدولية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى