عملية الخصخصة في السعودية تبدأ في قطاع طحن الدقيق

تستعد المملكة العربية السعودية لبدء عملية الخصخصة في صناعة طحن الدقيق، مُحاولةً ربطها بخطة أوسع “رؤية 2030” لتعزيز دور القطاع الخاص.

إحدى المطاحن المتوقع تخصيصها: نموها جيد ومربح

الرياض – راغب الشيباني

في أواخر حزيران (يونيو) الفائت، نشرت المؤسسة العامة للحبوب في المملكة العربية السعودية، التي تديرها الدولة، معايير التأهيل للمستثمرين المُحتَمَلين قبل الخصخصة والبيع المحتمل لمطاحن الدقيق الأربع التي تملكها والشركات المُرتبطة بها.
وفي هذا الخصوص، أكدت المؤسسة العامة للحبوب، و”إتش إس بي سي العربية السعودية” المستشار المالي لعملية التخصيص، عن آخر مستجدات الإعداد لعملية بيع شركات مطاحن الدقيق المحتملة لمستثمري القطاع الخاص، مؤكدة أنه تم إعداد ثلاثة جوانب رئيسية قبل إطلاق مرحلة البيع المحتمل، ويتركز ذلك في صدور نظام مطاحن إنتاج الدقيق، وإعداد مسودّة اللائحة التنفيذية لنظام مطاحن إنتاج الدقيق، وإعداد القوائم المالية المدقّقة لكلٍ من شركات المطاحن الأربع للسنة المالية المنتهية في 2017.
وتُحدّد وثيقة طلب التأهيل أن الشركات التي تُقدّم العطاءات – أو على الأقل شركة واحدة في كونسورتيوم من مقدمي العطاءات – يجب أن تكون لديها خبرة في العمل في طحن الدقيق أو تجهيز الأغذية، في حين أنه على الشركات الفردية والأخرى المنخرطة في كونسورتيوم أن تكون قيمتها الصافية لا تقل عن 750 مليون ريال سعودي (200 مليون دولار) بحلول نهاية السنة المالية 2017.
علاوة على ذلك، لم تنص المبادئ التوجيهية والشروط على أن تظل الغالبية التي تملك المطاحن سعودية الجنسية – عكس المتطلبات المنصوص عليها في المستندات الأولية السابقة – والتي من المتوقع أن تزيد من الجاذبية للمستثمرين الأجانب.
في حين أنه لا يُمكن تقديم أي عروض رسمية قبل أن تبدأ عملية وضع مواصفات وشروط تقديم الطلبات في 26 آب (أغسطس)، والتي ستتبعها بعد ذلك مرحلة تقديم العطاءات الفعلية، فقد ذكرت وسائل الإعلام الدولية أن شركتي التجارة الزراعية الأميركيتين “آرتشر دانييلز ميدلاند” و”بونغي” يمكن أن تكونا من بين مُقدّمي العروض لشراء أصول المؤسسة العامة للحبوب السعودية.
على الرغم من إصدار الوثيقة، فقد ذكرت وسائل الإعلام الدولية أيضاً أنه من المرجح أن تطلب الشركات المزيد من المعلومات حول شروط الخصخصة، وتحديداً في ما يتعلق بما إذا كانت المملكة تعتزم الاستمرار في توفير أرضية سعرٍ للواردات من القمح، وما إذا كان هناك أي تحديد لسقوف التسعير على الدقيق المصنوع، وهما من العوامل التي من شأنها أن تؤثر في تدفقات الإيرادات والقدرة على البقاء في المدى الطويل للمشاريع.

الخصخصة تشكل جزءاً من خطط “رؤية 2030”

في حين تمّ إقتراح خصخصة قطاع الطحن في أوائل العام 2010 ، فإن الدافع المُتجدّد لاتخاذ مثل هذه التدابير يرجع إلى إطلاق “رؤية 2030″، وهي خطة التنمية الاقتصادية التي تهدف إلى زيادة مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد وفتح المملكة العربية السعودية إلى مستويات أعلى أمام الإستثمار الأجنبي.
في إطار “رؤية 2030″، تسعى المملكة إلى توليد ما يصل إلى 200 مليار دولار من خلال خصخصة مجموعة من الشركات والخدمات، مثل المرافق والنقل والاتصالات والبتروكيماويات.
في إبريل (نيسان)، أصدرت الحكومة السعودية الإطار الرسمي للجولة الأولى من عمليات خصخصة أصول الدولة.
تهدف الجولة الأولى – التي تشمل بيع أصول طحن الدقيق التي تملكها المؤسسة العامة للحبوب، إلى جانب البيع الجزئي للمؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة السعودية، وخصخصة دوري كرة القدم الوطني، وشركات الموانئ في البلاد – إلى توليد ما بين تسعة مليارات دولار و11 مليار دولار من العائدات بحلول العام 2020.
ومن المتوقع أن يؤدي البرنامج إلى زيادة كبيرة في كل من الاستثمار الأجنبي والنشاط التجاري عبر الإقتصاد الأوسع.

البيع في ظلّ توقعات نمو قوي لقطاع الطحن

ستتيح خصخصة المطاحن الفرصة للمستثمرين لدخول واحدة من أكبر أسواق الدقيق في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي من المتوقع أن يرتفع فيها الطلب في السنوات المقبلة.
تستورد المؤسسة العامة للحبوب كامل إمدادات القمح في البلاد، حوالي 3.5 ملايين طن في السنة، ومن المتوقع أن ينمو القطاع بمعدل سنوي يبلغ 3.2٪ ليصل إلى 4.5 ملايين طن بحلول العام 2025، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى النمو السكاني والزيادة الحادة المتوقعة في أعداد الزوار الأجانب.
في نيسان (إبريل) الفائت، وضعت الحكومة القوانين النهائية لإصدار التأشيرات السياحية، ومن المتوقع أن يوافق المسؤولون على الخطط في الأشهر القليلة المقبلة. ويشكل هذا التطوير جزءاً من حملة تهدف إلى زيادة عدد الزوار الأجانب سنوياً إلى 30 مليوناً بحلول العام 2030، صعوداً من المستويات الحالية البالغة 18 مليوناً، مع خطط لتكملة السياحة الدينية بتطوير قطاع البحر الأحمر الساحلي كوجهة ترفيهية وتجارية.
وستساهم الزيادة المتوقعة للزائرين من الخارج في إرتفاع الطلب الإجمالي على السلع الاستهلاكية، بما في ذلك منتجات الخبز، كما يمكن أن تفتح الباب لمصدري الحبوب لدخول السوق.
وبينما تُهيمن منتجات الطحين الأبيض على الإستهلاك حالياً، فقد حدثت زيادة في إنتاج وبيع دقيق القمح الكامل (الأسمر) وسط الطلب على منتجات الخبز الصحية.
بالنظر إلى حملة الحكومة الرامية إلى تحسين المعايير الصحية، وخصوصاً معدلات البدانة ومرض السكري، فإن قطاع القمح بالكامل أي الأسمر قد يوفر فرصة للمطاحن لتوسيع نطاق منتجاتها وقاعدة إيراداتها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى