المغرب يُعزّز الإستثمار في الشركات الناشئة من خلال سنِّ قانونٍ جديد للتمويل التعاوني

على غرار عدد من دول أوروبا والشرق الأوسط، يتجه المغرب لإطلاق آلية جديدة “لتمويل المشاريع”، تعتمد على “جمع تمويلات، بمبالغ محدودة، مباشرة من جمهور واسع”، بهدف “تمويل المبادرات المبتكرة ودعم تنمية المشاريع الإجتماعية والثقافية والإبداعية”.

البنك المركزي المغربي: أحد المشرفين على “التمويل التعاوني”

الرباط – باسم رحال

في أواخر آذار (مارس) الفائت، نشرت وزارة الإقتصاد والمالية في المغرب مشروع قانون يُحدِّد تنظيم التمويل الجماعي (أو التعاوني) على حدٍّ سواء للشركات والمستثمرين المُحتَمَلين. سيسمح الإقتراح بثلاثة طرق لمثل هذا النشاط: كقرضٍ مع أو من دون فائدة؛ كهدية مباشرة؛ أو كاستثمار يكتسب فيه المُموّل حصة في الشركة.
إن مشروع القانون، الذي من المُتوقّع أن يتم إقراره في النصف الثاني من العام، سيُوفِّر أيضاً الشفافية المطلوبة والإشراف على الأنشطة ذات الصلة بالتمويل التعاوني. وفيما ستسهر “الهيئة المغربية لسوق الرساميل” على مراقبة شركة التمويل التعاوني المُسَيِّرة لمنصات التمويل، فإن بنك المغرب، البنك المركزي، سيحصل على سلطة تنظيمية على التمويل من الأقران والتبرعات، في حين ستكون الوزارة مسؤولة عن الاستثمار أو أنشطة التمويل الجماعي للأسهم.
ويهدف الإطار القانوني المتعلق ب”التمويل التعاوني” بصفة خاصة إلى “تعبئة مصادر تمويل جديدة لفائدة الشركات الصغيرة جداً والصغيرة والمتوسطة. وكذلك للشباب حاملي الأفكار المُبتكرة”. كما يسعى إلى “المشاركة الفعّالة لمغاربة العالم في تمويل التنمية في البلاد، من خلال آلية تمويل بسيطة، آمنة وشفافة”. إضافة إلى “دعم المجتمع المدني في تمويل المشاريع ذات الأثر الإجتماعي العالي والمساهمة في التنمية البشرية”. وكذلك تحرير الإمكانات الإبداعية والثقافية لدى الشباب.
وبالنسبة إلى حجم التمويل فإنه “لا يمكن أن يتجاوز المبلغ الذي تم تحصيله لفائدة المشروع نفسه في إطار عمليات تمويل تعاوني 5 ملايين درهم (449,000 يورو)”. كما لا يُمكن أن “تتجاوز المساهمات التراكمية لشخص ذاتي لكل مشروع 250 ألف درهم (22,450 يورو)، ولا تتجاوز خلال السنة مبلغ 500 ألف درهم (44,900 يورو)”.

مفتاح إئتمان إضافي لريادة الأعمال والتنويع

من المتوقع أن يوفر هذا القانون مصدراً جديداً لتمويل أصحاب المشاريع، والشركات الناشئة، وغيرها من الشركات الصغيرة، الذين يكافحون من أجل التأهل للحصول على رأس المال من خلال الأساليب التقليدية، وينبغي أن يساعد هذا القانون على تحسين روح المبادرة بين الشركات المحلية.
لقد إحتل المغرب المركز 65 بين 137 دولة في مؤشر المعهد العالمي لريادة الأعمال والتنمية لعام 2018 بارتفاع خمسة مراكز عن العام الماضي والثاني خلف تونس في شمال إفريقيا.
على الرغم من أن البلاد كان تصنيفها قوياً في مجالات الإنتاج وعمليات الإبتكار، وسجلت علامات 0.79 و0.64 على التوالي، فقد جاءت في المرتبة الأضعف من حيث رأس المال المُخاطر (0.29)، والنمو المرتفع (0.28) والمنافسة (0.11) – وهي مقاييس ينبغي أن تستفيد من تحسّن تدفق التمويل إلى الشركات الناشئة.
وينبغي لهذه الزيادة في رأس المال أن تدعم أيضاً الخطط الحكومية الأوسع نطاقاً لتنويع الإقتصاد، لا سيما في الصناعات الرقمية.
وتهدف خطة المغرب الرقمية 2020، التي أُطلقت في العام 2016، إلى تحويل البلد إلى مركزٍ إقليمي لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات من خلال تطوير وترقية وتركيب بنية تحتية رقمية مُحَسَّنة.
وفي حين يتوقع المتابعون أن تساهم الخطة في تسريع النمو في هذا القطاع، فقد يكون لها تأثير في تسريع التنمية في المناطق الإقليمية التي ناضلت تقليدياً لجذب الإستثمارات.
إحدى هذه المدن التي يمكن أن تستفيد منها هي مدينة فاس في الشمال الشرقي، التي بالإضافة إلى إستضافتها لمؤسسة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الراسخة فعلياً، تُمثّل مركزاً رئيسياً للتعليم العالي والهندسة. وهذا يمكن أن يجذب المستثمرين المُحتملين، وفقا لأمين الزروق، المدير المحلي للمجموعة الهندسية الفرنسية في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والخدمات وتصميم الشبكة “ألتان” (ALTEN).
“لزيادة جاذبية فاس والحفاظ على النهج اللامركزي في المغرب، والذي يساهم بشكل كبير في ديناميكية البلاد، يجب على الحكومة تحفيز الشركات لتوظيف المزيد وضمان إستدامة النظام الإيكولوجي لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات”، على حد قوله.

الشركات تستعد لطرح المال المحمول

بالإضافة إلى زيادة سبل التمويل، هناك تطور إيجابي آخر للشركات الصغيرة وهو طرح نظام الدفع عبر الهاتف المحمول المُتوقَّع في الربع الثالث من العام.
وسيقوم النظام، الذي طوّرته الوكالة الوطنية لتنظيم الإتصالات (بام) مع أصحاب مصلحة آخرين، بالسماح للأشخاص بإجراء عمليات دفع وشراء من خلال هواتفهم المحمولة.
من جهته حدّد البنك المركزي ستة مجالات دفعٍ رئيسية يستهدفها التحوّل إلى الأموال المتنقلة أو المحمولة: التحويلات بين الأفراد؛ مشتريات التجزئة؛ مدفوعات الفواتير والخدمات في كل من القطاعين العام والخاص؛ مدفوعات الاستحقاقات الاجتماعية؛ شراء الإضافات الهاتفية؛ والمدفوعات لتجار الجملة من قبل تجار التجزئة.
ومن المتوقع أن يُعزّز هذا التطوير الشمول المالي ويؤدي إلى زيادة في المشتريات والمعاملات المالية بين الأفراد والشركات. بالإضافة إلى ذلك، تشير الدلائل إلى أن إنخفاض تكاليف المعاملات وزيادة السيولة وزيادة إمكانية الوصول إلى الإئتمان المرتبط بالأموال المحمولة يُمكن أن يُحسّن من فرص الشركات في القيام باستثمارات مرتبطة بالأعمال، مما يحفز النمو.
لقد وجدت دراسة أجراها البنك الدولي في العام 2016 في كينيا وتنزانيا وأوغندا أن نسبة الشركات التي تستخدم النقود المتنقلة أو المحمولة كانت 16% أكثر بالنسبة إلى إجراء عمليات شراء أو إستثمارات كبيرة مقارنة بمن لا يستخدمون هذه المنصات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى