ما الذي تُفيدنا به البنوك البريطانية عن خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي؟

بقلم برايان كابلين*

زادت البنوك البريطانية أرباحها بمقدار 20 مليار دولار، أو 118٪، حسب “لائحة تصنيف أعلى 1000 بنك في العالم لسنة 2018” التي نشرتها مجلة “ذا بنكر” (The Banker) في عددها الأخير، وهي ثالث أعلى زيادة بعد الصين وإيطاليا. ولكن هذا الأمر يُعزى جزئياً إلى أداء أفضل للاعبين المحليين مثل “لويدز” (Lloyds) و”رويال بنك أوف سكوتلاند” (RBS) – والأخير عاد إلى الربح حديثاً بعد ما يقرب من عشر سنين من الخسائر – حيث لعبت الأرباح الخارجية دوراً أكثر أهمية.
إن الخدمات المصرفية البريطانية، مثل الخدمات المصرفية العالمية، هي غير متكافئة إلى حدٍّ كبير. إن بنك “إتش أس بي سي” (HSBC) يمثّل حوالي ثلث رأسمال البنوك في المملكة المتحدة في تصنيف “ذا بنكر” ل”أفضل 1000 بنك في العالم”. أضف إليه مصارف “باركليز”، “رويال بنك أوف سكوتلاند”، “لويدز” و”ستاندرد تشارترد” فيصبح لديك 90٪ من القطاع.
وهذا يعني أنه عندما تكون أرباح بنك “أتش أس بي سي” جيدة، فإن أداء الخدمات المصرفية في المملكة المتحدة يكون جيداً، على الرغم من أن معظم نمو البنك وأرباحه يأتي من خارج المملكة المتحدة. كان هذا هو الحال في العام 2017 عندما زاد “أتش أس بي سي” أرباحه بنسبة 141٪، واضعاً سنواتٍ من إعادة الهيكلة المؤلمة والغرامات وراءه. ويقول الرئيس التنفيذي الجديد جون فلينت إن الهدف الآن هو العودة إلى وضع النمو. لكن ما يقرب من 90٪ من أرباح “أتش أس بي سي” هذه جاءت من آسيا في حين أن العمليات الأوروبية لا تزال تخسر المال.
بنكٌ آخر تمتّع بسنة جيّدة هو “ستاندرد تشارترد”، حيث تضاعفت أرباحه خمسة أضعاف تقريباً. ولكن كما هو الحال مع “أتش أس بي سي”، لم تأتِ عائدات “ستاندرد تشارترد” من أوروبا. يأتي الجزء الأكبر من أرباح البنك من آسيا وإفريقيا والشرق الأوسط.
قبل الأزمة المالية، كانت المملكة المتحدة تضرب أعلى من وزنها في التمويل الدولي، ومن الواضح أن أكبر بنكين دوليين لها قد بقيا على هذا النحو. وعلى النقيض من ذلك، يُركّز كلٌّ من “رويال بنك أوف سكوتلاند” و”لويدز” فقط على المملكة المتحدة، كما إنسحب بنك باركليز من إفريقيا.
هذا بالكاد يحقق القضية ل”بريطانيا عالمية جديدة” التي ذكرها مؤيدو “بريكسيت” كسبب لترك الاتحاد الأوروبي. من الواضح أن كونها جزءاً من الاتحاد الأوروبي لم يمنع البنوك البريطانية من التحوّل إلى العالمية، حيث كانت تفعل ذلك أصلاً. لقد كانت العوامل الأكبر في تحديد حظوظ البنوك البريطانية الدولية هي الأزمة المالية والتنظيم الذي تبع ذلك.
وقد أجبر هذا الأمر البنوك على إعادة الهيكلة – كما كان الحال مع بنك دولي مثل أتش أس بي سي” – وتركيز أعمالها على مناطق مُعَيَّنة بدلاً من محاولة تغطية العالم بأسره. إنه من الصعب تخيّل أي نوع من الصفقات التجارية الجديدة، بعد خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي، الذي من شأنه دفع الأمور في إتجاهٍ أكثر عالمية.

• برَيان كابلين هو رئيس تحرير مجلة “ذا بنكر” (The Banker). تستطيع متابعته على تويتر: @BrianCaplen
• كُتِب هذا المقال بالإنكليزية وعرّبه قسم الدراسات والأبحاث في “أسواق العرب”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى