نتائج قمة ليبيا تُعطي بعض التفاؤل الحذر

بقلم كابي طبراني

بعد الإجتماع الذي عُقد في باريس في 29 أيار (مايو)، برعاية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بين الفصائل الليبية المتنافسة بحضور دولي لافت، هناك سبب للتفاؤل الحذر بشأن الإحتمالات السياسية والأمنية للدولة المُضطربة في شمال أفريقيا.
لقد كانت ليبيا في حالة من التدهور العنيف منذ الإطاحة بمعمر القذافي منذ العام 2011. ولم يُمنَح الشعب الليبي الفرصة للإستمتاع بثمار ثورته. إن حالة عدم الإستقرار العنيفة التي نشبت فيها قد شهدت إنشاء موطىء قدم لتنظيمات إرهابية، بما فيها “داعش”، في الجماهيرية السابقة للمرة الأولى. إن توفّر الأسلحة بسهولة وتوليد العديد من الميليشيات التي تدعمها قوى خارجية متنافسة يعني أن حكم الدولة كان ضعيفاً في أحسن الأحوال. في الواقع، إن البلد منقسمٌ بين حكومتين – ومختلف الجماعات المسلحة التي تكفل سلطتهما – تتنافسان لتمثيل الشعب الليبي.
الآن، بدعمٍ من المجتمع الدولي، وافق أربعة لاعبين أقوياء في ليبيا، رئيس الوزراء المدعوم من الأمم المتحدة فايز السراج والزعيم العسكري المشير خليفة حفتر وعقيلة صالح رئيس مجلس النواب وخالد المشري رئيس مجلس الدولة الليبي، على العمل معاً من أجل إجراء إنتخابات برلمانية ورئاسية بحلول العاشر من كانون الأول (ديسمبر) المقبل. وسوف ينتهي العمل من وضع قواعد الإنتخاب في 16 أيلول (سبتمبر)، حيث يقوم القادة من جهتهم في هذا الوقت بتنظيم هياكلهم الحكومية الموازية وتوحيدها بما فيها البنك المركزي، ودمج الميليشيات المختلفة التي هي تحت قيادتهم لتشكيل ما سيكون بمثابة جيش وطني ليبي.
مع وجود موارد هيدروكربونية ضخمة تحت تصرفهم، وعدد قليل نسبياً من السكان المُتجانسين، كان ينبغي على الليبيين أن يتمتعوا بمستوى معيشي مرتفع وإستقرار دائم. بدلاً من ذلك، كان عليهم أن يتعاملوا مع الفوضى والموت والدمار نتيجة للجماعات المتطرفة، وشبكات الإتجار الإجرامية، التي إستفادت من الحكومة الضعيفة وفرضت حكم السلاح.
وبينما يجب أن نرحب بنتائج إجتماع باريس، يجب علينا أيضاً أن نكون على يقين بأن حجم المهمة كبير ومعقّد. لن تكون عملية كبح جماح الجماعات المسلحة وإستقرار البلاد أمراً سهلاً.
هناك الكثير من عدم الثقة بين مختلف الجهات الفاعلة – وفي مقدمتها الإدارات المتنافسة في طرابلس وطبرق – حتى تسير الأمور بسلاسة. على المستوى العملي، هناك قضايا لم يتم حلّها بعد – على سبيل المثال، حقيقة أن الدستور الليبي لا يشمل أو يتضمن منصب الرئيس، وأن دستوراً جديداً لم يُطرح بعد على الإستفتاء.
إضافة إلى كل ذلك، يبقى هذا الاتفاق بين الفاعلين الليبيين بخصوص تنظيم الانتخابات البرلمانية والرئاسية، رهيناً بموافقة الأطراف الليبية الأخرى، ومن بينها جماعات مسلحة عديدة، والتي لم تقتنع بهذا اللقاء، ولم تُكلّف نفسها عناء الإنتقال إلى باريس، وهي الطرف الرئيس الذي يستطيع التأثير على الأرض.
لذا، يقع العبء الآن على السياسيين وأمراء الحرب للإدراك بأن الليبيين عانوا بما يكفي – أولاً تحت حكم القذافي، ثم في ظل حكم المليشيات – وعليهم العمل معاً نحو إنتقال يوفّر لهم إغلاق صفحة الماضي ونسيانه، ويَعِدُ بمستقبل أفضل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى