معاقبة اللاجئين السوريين على الطريقة الإسرائيلية

بقلم كابي طبراني

أضاف النظام السوري سلاحاً صارماً آخر إلى قائمة ترسانته الطويلة الموجودة أصلاً ضد المعارضة، حيث أصدر أخيراً مرسوماً يهدف إلى مصادرة الممتلكات المنقولة وغير المنقولة التي يملكها أشخاص يُعتَبَرون أعضاءً فيها.
من المعروف أن دمشق تُصَنِّف جميع جماعات المعارضة بأنها إرهابية وبالتالي “أعداء” للدولة. ويغتصب القانون الجديد بشكل لطيف ممتلكات جميع الأشخاص السوريين الذين هُجّروا أو تخلّوا أو غابوا عنها لأي سبب من الأسباب من طريق مطالبتهم بإعادة إثبات ملكيتهم لها في غضون فترة زمنية مُحَددة مُعَيَّنة أو المخاطرة بفقدان حقهم فيها. علماً أن معظم السوريين النازحين داخلياً، إن لم يكن جميعهم، والذين هربوا من مسارح الحرب في بلادهم إلى البلدان المجاورة، تعتبرهم دمشق الآن أعضاءً مُحتَمَلين في المعارضة وبالتالي “أعداء” للدولة.
لا تجرؤ غالبية الشعب السوري، التي يُعتَبَر أفرادها “أعداء” للدولة على المثول أمام السلطات الرسمية السورية للمطالبة بممتلكاتهم خوفاً من إلقاء القبض عليهم ومعاقبتهم، علماً أن كثيرين هربوا من منازلهم بثيابهم فقط طلباً للنجاة من قصف المدافع والطائرات وإطلاق الرصاص من دون أخذ أوراقهم الثبوتية للملكية وحتى تذاكر هويتهم. إن ما تزعم دمشق االقيام به الآن يهدف إلى إسكات المعارضة وإثارة المخاوف لديها من جهة من خلال إجبار أفرادها على “الإستسلام” لوكالات الدولة لإثبات ملكية ممتلكاتهم وإلا فإن الدولة ستصادر هذه الممتلكات، والعمل من جهة أخرى على تغيير ديموغرافي يحمي النظام وديمومته.
وهذا في الواقع يشبه ما قامت به إسرائيل تجاه الشعب الفلسطيني الذي فرّ أيضاً من بلده في مواجهة الجيش الصهيوني المُتقدّم مع عصاباته في أواخر أربعينات القرن الفائت، ونتيجة لذلك، وضعت السلطات الإسرائيلية يدها على ممتلكاته تحت ذريعة “غياب المالكين”، والذي عنى مصادرتها من قبل الدولة العبرية.
لم يستطع أي شخص فلسطيني واحد فَقَدَ حيازته على ممتلكاته أو أراضيه في إسرائيل حتى الآن إستعادتها. ولم يتمكّن حتى المواطنون الأردنيون من أصل فلسطيني، الذين كانوا يُعَامَلون في الماضي ك”مالكين غائبين” قبل معاهدة “وادي عربة” للسلام بين إسرائيل والأردن في العام 1994، إستعادة ملكية منازلهم وأراضيهم وأرزاقهم التي هُجّروا منها وأُرغِموا على تركها في إسرائيل على الرغم من حقيقة أن الأردنيين والإسرائيليين لم يعد يتعاملون كأعداء بموجب معاهدة السلام.
لذلك يستعير نظام الأسد صفحة من كتاب إسرائيل الأسود والسير على خطاها من خلال مراكمة الثروة على حساب ملايين اللاجئين والمُشرَّدين السوريين الذين يعانون الأمرّين من أزمة ولّدها هو في المقام الأول.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى