زيارة ولي العهد السعودي المُحتَمَلة إلى العراق تُثير قلق طهران وحلفائها

نشرت وسائل الإعلام العراقية أخيراً بأن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان سوف يزور العراق بعد عودته من زيارته الطويلة (3 أسابيع) إلى الولايات المتحدة، الأمر الذي أثار قلقاً وردود فعل سلبية في طهران ولدى حلفائها من الشيعة العراقيين.

وزير النفط السعودي خالد الفالح مع نظيره العراقي جبار علي حسن اللعيبي: زيارة أحدثت ضجة إعلامية

بقلم أحمد مجيديار*

أثارت التقارير الإعلامية الأخيرة التي أشارت إلى أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يعتزم القيام بزيارة تاريخية إلى العراق قلق إيران وحلفائها العراقيين. وعلى الرغم من أن بغداد والرياض لم تؤكد أو تنفي هذه التقارير، فإن سياسيين وقادة مليشيات مدعومين من إيران في العراق أطلقوا حملة ضد زيارة ولي العهد المُحتَمَلة، رافضين الخطوات الأخيرة التي إتّخذتها حكومة بغداد لتحسين العلاقات مع المملكة السعودية والتشكيك في توقيت زيارة بن سلمان قبل الإنتخابات البرلمانية في البلاد. وفي الوقت الذي تشعر طهران وحلفاؤها بالقلق من أن تؤدي إعادة الحرارة إلى العلاقات بين بغداد والرياض إلى تقويض نفوذهما ومصالحهما في العراق والمنطقة الأوسع، فإن العديد من قادة الشيعة العراقيين البارزين يعتقدون بأن توثيق العلاقات مع الرياض سيُفيد بشكل كبير التناغم الطائفي والإستقرار السياسي والإنتعاش الاقتصادي في البلد الذي دمّرته الحرب.

حملة ضد السعودية

ولم يمضِ وقت طويل على بث ونشر وسائل الإعلام بأن بن سلمان سيزور بغداد ومدينة النجف الشيعية المقدسة، حتى أعلن حلفاء إيران في العراق أنهم لن يُرَحّبوا بزيارة ولي العهد السعودي، مُتَّهمين المملكة العربية السعودية بتشجيع عدم الإستقرار في العراق. وقالت كتلة “الصادقون”، الجناح السياسي لجماعة ميليشيا “عصائب أهل الحق” التي ترعاها إيران في البرلمان العراقي، أن الكتلة تُعارض زيارة بن سلمان إلى العراق وإنتقدت القادة الشيعة العراقيين الذين زاروا المملكة أخيراً لتحسين العلاقات الثنائية بين البلدين العربيين. من جهة أخرى، حذّر “إئتلاف دولة القانون” بزعامة رئيس الحكومة السابق نور المالكي، المُقرَّب من إيران والذي إتُّهِم بتهميش السنّة العراقيين خلال فترة ولايته، رئيس الوزراء حيدر العبادي من إقامة علاقات وثيقة مع المملكة العربية السعودية. وفي النجف، حمل بعض الشيعة رايات مُعادية للسعودية في الأماكن العامة.
ردود الفعل في الإعلام الإيراني
وبالمثل، عبّرت وسائل الإعلام الإيرانية التابعة للحرس الثوري الإسلامي عن قلقها من أن زيارة بن سلمان قد تكون محاولة لمواجهة النفوذ الإيراني وتشكيل الإنتخابات البرلمانية العراقية المُقرَّرة في 12 أيار (مايو) المقبل. وكتبت وكالة تسنيم للأنباء الصادرة عن الحرس الثوري الإيراني هذا الأسبوع: “يحاول بن سلمان تنظيم القوى السياسية العراقية التي تتحالف مع الرياض، والتقارير الأخيرة عن إفتتاح قنصليات سعودية في العراق تشير إلى أن آل سعود لديهم خطط لمستقبل العراق السياسي”. وسأل مقالٌ آخر في تسنيم، بعنوان “ما الذي يسعى إليه بن سلمان في العراق؟”: “هل الهدف من هذه الرحلة هو تقوية العلاقات مع العراق، أو إبعاده عن إيران؟”.

مخاوف طهران

الواقع أن ما يُقلق طهران بشكل خاص هو حقيقة أن كبار رجال الدين والسياسيين الشيعة في العراق قد رحّبوا في الآونة الأخيرة بتوثيق العلاقات مع الرياض.
في العام الماضي، زار رئيس الوزراء حيدر العبادي الرياض مرتين. وفي وقت سابق من هذا الشهر، أشاد العبادي بتحسين العلاقات بين البلدين العربيين وأكّد على حرص بغداد على تعزيز علاقاتها مع الرياض في جميع المجالات، وبخاصة في قطاع التجارة والتبادل التجاري. وتأمل بغداد أن تلعب المملكة العربية السعودية دوراً مهماً في عملية إعادة إعمار العراق.
وعلى نحو مماثل، قام وزير النفط السعودي خالد الفالح بزيارة مهمة إلى العراق في تشرين الأول (أكتوبر) الفائت، حيث دعا خلالها إلى توثيق التعاون الإقتصادي بين البلدين. ومع إرتفاع حرارة العلاقات وإنتعاشها بين الدولتين، فقد أبدت الشركات السعودية أخيراً إهتمامها بالإستثمار في العراق أيضاً. وكانت المملكة العربية السعودية إستأنفت في العام الفائت رحلاتها الجوية إلى العراق بعد إنقطاع دام 27 سنة.
وقد زعم بعض وسائل الإعلام العراقية أن بن سلمان قد يفتح قنصليات سعودية في البصرة والنجف خلال رحلته. وكانت وسائل الإعلام الإيرانية مراراً أعربت عن قلقها من توسّع الوجود الديبلوماسي السعودي في العراق.
من وجهة نظر طهران، يهدف هجوم الرياض الديبلوماسي في العراق إلى مواجهة نفوذ إيران وحلفائها. وتعتقد طهران أيضاً أن هذه الجهود التي تبذلها الرياض تتم بالتنسيق الوثيق مع واشنطن كجزء من إستراتيجية أوسع نطاقاً لتخفيض الدور الإقليمي لإيران والحد منه.
وقد أثارت زيارة رجل الدين والسياسي العراقي البارز مُقتدى الصدر إلى المملكة العربية السعودية في تموز (يوليو) 2017 قلقاً كبيراً في طهران. وبعد زيارة الصدر، حذرت وسائل الإعلام الإيرانية من أن الحكومة السعودية تُحاول التودّد والتقرّب من الشيعة العراقيين للتأثير في السياسة العراقية ومواجهة المصالح الإيرانية.
ومن جهتهم يرى زعماء السنة العراقيون أيضاً أن ذوبان الجليد في العلاقات بين بغداد والرياض يُعَدُّ علامة مُشجّعة. وقال سعدون الدليمي، وهو نائب سني ووزير دفاع سابق، إن زيارة بن سلمان ستكون “رحلة تاريخية تبشّر بمرحلة جديدة من السلام والتعايش بين المسلمين في المنطقة، بعيداً من النزاعات التنافسية والطائفية”.

• أحمد مجيديار زميل ومدير مشروع مراقبة إيران في معهد الشرق الأوسط في واشنطن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى