أبوظبي تستثمر في الزراعة المُستدامة والتكنولوجيا الجديدة لتعزيز الإنتاج الزراعي المحلي

تسعى أبو ظبي إلى أن تكون مساهماً رئيسياً في حملة الأمن الغذائي في دولة الإمارات العربية المتحدة، مع إعلان الحكومة المحلية عن خطط لزيادة الإنتاج الزراعي بنسبة 60٪ بحلول العام 2051.

بيت دفيئات زراعي (greenhouse) في الإمارات: تجاوز عدد بيوت الدفيئات الزراعية في الإمارات الألف في 2016

أبو ظبي – عمار الحلاق

في المُنتدى العالمي السنوي للإبتكارات الزراعية، الذي عُقد في أبو ظبي في شباط (فبراير) الفائت، قال الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، وزير التغير المناخي والبيئة في دولة الإمارات العربية المتحدة، إنه على الرغم من كون أبو ظبي والإمارات العربية المتحدة تقعان في وسط أكثر مناطق العالم جفافاً، فإن الإبتكار والإستثمار يمكنهما أن يساعداهما على مواجهة تحديات الأمن الغذائي.
وقال: “هناك إمكانات تكنولوجية مُبتَكرة لتوفير المياه، والزراعة المائية وعالية التقنية، من بين العديد من التقنيات، التي سيتم نشرها هنا لتحقيق نجاح كبير”.
ويأتي هذا الدفع وسط تزايد الضغوط على الطلب على الغذاء في المنطقة. إن عدد سكان أبو ظبي البالغ نحو 2.9 مليوني نسمة قد تضاعف منذ العام 2006، في حين قدّر تقرير صدر في العام الفائت من قبل شركة الإستشارات “ألبن كابيتال” (Alpen Capital) أن إستهلاك الغذاء في جميع أنحاء دولة الإمارات ككل سيزداد بمعدل سنوي متوسط يبلغ 4.4٪ بين عامي 2016 و2021.

إتفاق تعاون لتعزيز الممارسات والتكنولوجيا الزراعية

تعززت الجهود الرامية إلى تحسين الإنتاج الزراعي بعد أن توصل مركز خدمات المزارعين في أبوظبي و”مؤسسة سوميتومو ميتسوي” المصرفية اليابانية إلى إتفاق خلال المُنتدى العالمي السنوي للإبتكارات الزراعية يهدف إلى دعم نقل المعرفة والتكنولوجيا إلى القطاع الزراعي، في حين فتح الفرص أيضاً للإستثمار الأجنبي.
وبموجب هذه الإتفاقية، سيتعاون كلٌّ من مركز خدمات المزارعين في أبوظبي والمؤسسة اليابانية في تعزيز الزراعة المحمية وتقنيات ما بعد الحصاد، والإنتقال إلى ممارسات الزراعة الحديثة، وضمان إستدامة المياه وموارد التربة.
وقال ناصر محمد الجنيبي، الرئيس التنفيذي بالوكالة لمركز خدمات المزارعين في أبوظبي: إن الاتفاقية ستساعد على تسهيل خطط الحكومة لتعزيز الإنتاج الزراعي ودعم تنويع الإقتصاد.

التقنيات الزراعية المُبتكرة مفتاح لتوسيع الإنتاج

تتمثل أهمية نجاح خطة أبو ظبي لزيادة الإنتاج الزراعي في إعتماد تقنيات مُستدامة في مجالي الزراعة وتخزين المياه، وذلك بسبب المناخ الجاف في الإمارة وندرة الموارد المتاحة.
وقد ﻗﺎدت اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺠﻬﻮداً ﺮاﻣﻴﺔ إﻟﻰ اﻟﺤﺪّ ﻣﻦ إﺳﺘﻬﻼك اﻟﻤﻴﺎﻩ، حيث أدخلت ﺗﻌﺮﻳﻔﺎت ﻓﻲ العام 2016 لتشجيع إستخدام المياه المُحلّاة بكفاءة أكبر، وتعزيز القوانين المتعلقة بالإستخدام غير القانوني للمياه الجوفية، وهو تطور يتطلب من المزارعين تركيب عدادات مياه.
ومن المجالات التي يُنظر إليها كمفتاح لتحسين الإستدامة في هذا الصدد تكنولوجيا الزراعة المائية، وهي تقنية تَستخدم محلولاً غنياً بالمُغذّيات، بدلاً من التربة، لزراعة المحاصيل.
وقد إكتُشِف أن هذا النهج يزيد من كفاءة إستخدام المياه بنسبة 70٪ عن أساليب الزراعة التقليدية، وكثيراً ما يسمح بمواسم حصاد أطول، مع زيادة عدد بيوت الدفيئات الزراعية (greenhouses) المائية في الإمارات العربية المتحدة من 50 في العام 2009 إلى 1000 بحلول نهاية العام 2016.
سعت كلٌّ من الإدارة الوطنية والحكومة الإتحادية إلى تشجيع التوسع في الزراعة المائية. في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، قامت شركة “بيور هارفست سمارت فارمز” (Pure Harvest Smart Farms)، وهي شركة ناشئة في قطاع الأعمال الزراعية، بتأمين إستثمار أولي بقيمة 4.5 مليارات دولار للمساعدة في تمويل بناء مزرعة مساحتها 3.3 هكتارات مع مرفق لبيت دفيئات زراعي (greenhouse) يتم التحكّم به بشكل كامل في ناهيل، أبوظبي.
ويشمل مُمَوِّلو “بيور هارفيست” الصندوق المدعوم من الحكومة الإتحادية وشركائها في مجال التكنولوجيا ومجموعة من المستثمرين الأجانب، بالإضافة إلى شركة الأسهم الخاصة ورأس المال الإستثماري في أبو ظبي “شروق للإستثمار”، التي إستثمرت 1.1 مليون دولار في الشركة في العام 2016.
وستتضمن المحاصيل التي يتم زراعتها في المنشأة الجديدة، والتي من المتوقع أن تكتمل بحلول منتصف العام 2018، الطماطم والفلفل الحلو والكوسة والباذنجان والفراولة، وقالت الشركة إنها تعتزم تزويد تجار التجزئة المحليين وشركات الخطوط الجوية وموزعي الضيافة، وفقاً لتقارير وسائل الاعلام المحلية.
ومع ذلك، في حين تُبذَل جهود كبيرة لزيادة الناتج المحلي، فإن تكلفة هذه الممارسات يُمكن أن تُعرقل التقدم. من المرجح أن تكون أسعار المنتجات المزروعة محلياً أعلى من الواردات المماثلة بسبب تكاليف المدخلات الكبيرة المرتبطة بالإنتاج، والتي يُمكن أن تؤثر بدورها في إستهلاك المنتجات المحلية وطول عمرها في السوق.

إستثمارات سلسلة التوريد العالمية تدعم الإنتاج الحيواني

هناك طريقة أخرى تعمل بها السلطات، بالشراكة مع القطاع الخاص، لدعم الزراعة المحلية من طريق القيام بإستثمارات دولية إستراتيجية في سلسلة الإمداد العالمية.
علاوة على دعم الإنتاج المحلي، توفّر مثل هذه التحركات للشركات المحلية الفرصة للإستثمار في سلسلة التوريد الزراعية، مما يُعزّز جهود التجارة والأمن الغذائي.
مع سياسة الحكومة الهادفة إلى توسيع تربية الحيوانات في أبو ظبي التي تؤدي إلى إرتفاع مستمر في أعداد الثروة الحيوانية – هناك الآن حوالي 3.5 ملايين حيوان في الإمارة و 1.5 مليون في باقي الإمارات – أصبح توفير العلف قطاعاً نشيطاً بشكل متزايد. ومع ذلك، ونظراً إلى مستوى التصحّر المرتفع في أبوظبي والإحتياجات المائية المهمة لإنتاج الأعلاف، فإن العديد من الشركات المحلية تتطلع إلى الخارج.
إحدى الشركات الرائدة في هذا المجال هي شركة “جنان للإستثمار” (Jenaan Investment) في أبوظبي، والتي تزود المزارعين في الإمارة بالتبن والأعلاف للماشية. وتمتلك الشركة ممتلكات خارجية واسعة في دول عبر أفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط والولايات المتحدة، وفي أواخر العام الفائت، أنشأت مشروعاً مشتركاً مع حكومة السودان لزراعة 10,000 هكتار من الأراضي في البلاد، لإنتاج 230 ألف طن من الأعلاف لتوريدها إلى دولة الإمارات العربية المتحدة لأغراض الزراعة المحلية وإعادة التصدير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى