ماذا وراء الإطاحة المفاجئة بأبرز القادة العسكريين السعوديين

بقلم بروس ريديل*

تدخل الحرب في اليمن عامها الرابع هذا الشهر من دون نهاية في الأفق، ولا يبدو أن لدى المقاتلين هناك إهتماماً في إجراء مفاوضات ذات مغزى. ولم تخفّ حدّة الكارثة الإنسانية إلّا قليلاً بسبب الضغوط الخارجية. وقد أصبح الصراع الإقليمي أكثر إستقطاباً حيث تقف واشنطن وموسكو الآن على جانبين مُتعاكسين، فالأولى تدعم الرياض والثانية طهران.
وكان ولي العهد السعودي ووزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان أقال قادة أركان الجيش السعودي في الأسبوع الفائت. وقد تمّ إستبدال رئيس الأركان المشتركة وقائد الجيش ومدير الدفاع الجوي وقائد سلاح الجو الملكي السعودي من دون توضيح. وقال بن سلمان أنه يريد “مؤمنين” في الوظائف العسكرية العليا في وزارته، ويبدو أنه يعني بذلك المؤمنين به.
ويأتي هذا التعديل بعد الإطاحة بوزير الحرس الوطني السعودي (الأمير متعب بن عبدالله) في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وبالتالي فإن القيادة العسكرية في المملكة بأكملها قد إنقلبت وتغيّرت في غضون أشهر قليلة. وهذا الأمر يبدو كإتهام مُسيء ومُشين للقيادة العليا العسكرية السعودية وسلوك الحرب في اليمن. فبدلاً من “عاصفة الحسم” التي وعد بها في آذار (مارس) 2015، فإن الحرب تقف أمام طريق مسدود وصارت مُستنقعاً.
وربما هذا التعديل يقترح أيضاً أن ولي العهد يستعد للبناء على المرحلة السابقة ويحاول مرة أخرى تحقيق النصر العسكري في الحرب مع الحوثيين الشيعة الزيديين وداعميهم الإيرانيين. في النهاية هذه هي حرب محمد بن سلمان ومبادرة سياسته الخاصة. إن الفشل في اليمن هو علامة سوداء أساسية على مصداقيته. لذلك يبدو أنه مصمم على مضاعفة الحصار، والقصف الجوي، ومحاولة حشد أعداء الحوثيين ضدهم. إن السعوديين حساسون بالنسبة إلى التهمة بأنهم يستخدمون المجاعة والمرض لهزيمة اليمنيين، بخاصة عندما كان البيت الأبيض ينتقد بشكل طفيف الحصار في كانون الأول (ديسمبر) وكانون الثاني (يناير) الفائتين. وقد إتخذوا بعض الخطوات لتخفيف الضغط وحاولوا تحسين وضع العلاقات العامة بينهما. ولكن الأمم المتحدة من جهتها تُشدّد على أن هذه الخطوات قليلة جداً. وقد وصفت المنظمة الدولية الأزمة في اليمن بانها اسوأ كارثة إنسانية فى العالم اليوم.
على الأرض، فإن الحرب هي الآن حروب متعددة حقاً. هناك حرب الحوثيين مع حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي وحلفائها السعوديين. ثم هناك الحرب ضد تنظيم “القاعدة في شبه الجزيرة العربية” وضد تنظيم “الدولة الإسلامية”. والآن هناك صراع بين هادي والإنفصاليين الجنوبيين في عدن الذين تدعمهم أبو ظبي.
والفائز الوحيد الواضح هو إيران. وكان الجنرال الأميركي الأعلى في المنطقة أعلن في الأسبوع الماضي أن ايران قد حققت إنجازات كبيرة في اليمن خلال السنوات الخمس الماضية اكثر مما حققته في بناء “حزب الله” في لبنان منذ 20 عاماً. وعندما بدأت الحرب في اليمن، كانت إيران محدودة الصلات مع الحوثيين، وحثت على توخّي الحذر تجاه المتمردين ولكن تمّ تجاهلها. الآن لديها علاقة قوية. إن طهران لديها كل الأسباب لإدامة الصراع الذي يُكلّف منافستها السعودية حوالي 5 مليارات دولار شهرياً ويكلّف إيران مبلغاً زهيداً.
كما حذّر القائد الأميركي من أن الجمهورية الإسلامية تساعد على توسيع وتعزيز قدرات الصواريخ لدى الحوثيين الذين أطلقوا حوالى 100 صاروخ على المدن والقواعد السعودية وبينها مطار الرياض. كما يدّعون أنهم إستهدفوا أبوظبي. وبفضل المساعدة الإيرانية، سيزداد الخطر.
من ناحية أخرى إستخدمت روسيا حق النقض (الفيتو) ضد قرار مجلس الامن الدولي في الاسبوع الفائت الذي كان سيُدين إيران لتقديم تكنولوجيا الصواريخ والخبرات للمتمردين اليمنيين. وهذه هي المرة الأولى التي تستخدم فيها موسكو حق الفيتو لحماية الحوثيين وتُعتَبَر إشارة مشؤومة إلى أن الحروب في اليمن أصبحت الآن ساحة معركة دولية إضافة إلى ساحة صراع محلية وإقليمية.

• بروس ريدل زميل أول في معهد بروكنز – قسم السياسة الخارجية، مركز الأمن والإستخبارات في القرن الحادي والعشرين، مدير مركز سياسة الشرق الأوسط – مشروع الإستخبارات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى