ألَم يحن الأوان لتغيير تركيبة مجلس الأمن الدولي؟

بقلم كابي طبراني

إن الفشل المُتكَرِّر للأمم المتحدة في التعامل بفعالية مع أعدادٍ لا حصر لها من الصراعات في جميع أنحاء العالم، وآخرها القصف الجوي والمدفعي الروسي والسوري المنهجي والعشوائي للغوطة الشرقية، يُبرِز سؤالاً أساسياً حول ما إذا كانت المنظمة الدولية، في صيغتها الحالية، تفي حقاً وبأمانة بمُثُلِها وأهدافها ومقاصدها.
مما لا شك فيه أن الأمم المتحدة قد فشلت وخذلت الإنسانية في عدد من الصراعات الأخرى، وأهمها القضية الفلسطينية التي لا تزال من دون حلّ على الرغم من جميع الجهود والقرارات الدولية الصادرة عنها.
وخذلت الأمم المتحدة المجتمع الدولي أيضاً في العراق وليبيا واليمن على سبيل المثال لا الحصر في الحالات الإقليمية، علاوة على حالات فشل رئيسية أخرى في أفريقيا وآسيا وحتى في أوروبا.
لكي لا تنسى القوى الكبرى، فقد أُنشئت الأمم المتحدة في المقام الأول لإنقاذ “الأجيال المُقبلة من ويلات الحرب التي في خلال جيل واحد جلبت على الإنسانية مرتين أحزاناً يعجز عنها الوصف”، حسب ديباجة ميثاقها.
وتنص المادة 1 من الفصل الأول لميثاقها، الذي إعتُمد في العام 1945 في أعقاب الحرب العالمية الثانية، على أن مقاصـد المنظمة الدولية هي أولاً “حفظ السلم والأمن الدولي، وتحقيقاً لهذه الغاية تتخذ الهيئة التدابير المشتركة الفعّالة لمنع الأسباب التي تُهدّد السلم ولإزالتها، وتقمع أعمال العدوان وغيرها من وجوه الإخلال بالسلم…”.
كما تنص المادة 24 في الفصل الخامس لميثاق الامم المتحدة بعبارات واضحة لا لبس فيها على ان أعضاء مجلس الأمن التابع للمنظمة الدولية يتحمّلون “التبعات الرئيسية في أمر حفظ السلم والأمن الدولي…”. وتؤكد الفقرة 2 من المادة عينها على أن “يعمل مجلس الأمن، في أداء هذه الواجبات وفقاً لمقاصد “الأمم المتحدة” ومبادئها…”.
كيف يُمكن لمجلس الأمن الدولي، في صيغته الحالية، أن يَدّعي أنه يلتزم بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة ويفي بإلتزاماتها؟ من الواضح أنه لم ولا يفعل أي شيء من هذا القبيل، لا الآن، ولا في أي وقت مضى.
إن نظرة سريعة على المناقشات الأخيرة للمجلس حول سوريا تكفي لإثارة الإشمئزاز والقرف بين البشرية جمعاء. وهذا يعني أن هناك خطأ خطيراً يكمن في تركيبة مجلس الأمن الدولي، وأنه قد حان الأوان لتجديدها من رأسها إلى أخمصها.
الواقع أن الأزمة الرئيسية المُهينة والمُعيبة داخل المجلس تكمن في سوء إستخدام حق النقض (الفيتو) وإستعماله التعسّفي من جانب الدول الخمس الدائمة العضوية.
لقد تأسست الأمم المتحدة في العام 1945، قبل نحو 73 عاماً. ألم يحن الوقت لإعادة النظر في هذا “الفيتو” الإستفزازي؟ أليس من الطبيعي والنزاهة والعدل والضروري أن يُنظَر مرة أخرى في حق النقض هذا، الذي لا يزال يتمتع به عدد مختار من الدول من دون مبرر؟ وهل من العدل أن تظل الدول الخمس الدائمة العضوية الحالية هي الدول الوحيدة التي تتمتع بهذا الإمتياز؟
ما هي معايير هذه العضوية المحدودة؟ لماذا لا تُضاف اليابان أو ألمانيا أو مصر أو البرازيل أو الهند، على سبيل المثال، إلى القائمة المُختَصرة الحالية؟ وإلى متى سيبقى المجتمع الدولي متسامحاً مع إستبداد االدول الخمس الدائمة العضوية ومظالمها؟
ويبقى أنه طالما إستمر هذا الإنحراف والظلم الخطيران، فإن المشهد في سوريا سيُكرّر نفسه ويتكرّر في أمكنة أخرى، وبالتالي ستفشل الأمم المتحدة وتخذل العالم مراراً وتكراراً في تحقيق أهدافها ومقاصدها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى