إنهاء عدم المساواة لمكافحة التطرف

بقلم كابي طبراني

قي تقريرها السنوي الذي نشرته أخيراً، وَجَدَت منظمة “أوكسفام” الدولية، الكونفيدرالية العالمية الشهيرة التي تضم 20 منظمة غير حكومية تعمل مع شركاء في أكثر من 90 بلداً لإنهاء الفقر، أن 1 في المئة من أغنى الناس في العالم يملكون أو يسيطرون على 82 في المئة من ثروات العالم!
لا شك أن هذا الأمر مُقلقٌ ومروّعٌ حقاً، وقد يُفسِّر، جزئياً على الأقل، لماذا ينتشر التطرف والتشدّد في أجزاء كثيرة من العالم. وقد ربطت الأمم المتحدة في دراساتها العديدة بين الفقر والإرهاب ودعت البلدان إلى إيلاء المزيد من الإهتمام بالفقر والظروف التي تؤدي إليه. وقد أعلنت “أوكسفام” عن قلقها إزاء هذه النتيجة، خصوصاً وأنها تأسست في المقام الأول لمكافحة الفقر في العالم من طريق وسائل مُتاحة عموماً لمعظم الدول.
إن تاريخَ وسِجِلّ منظمة “أوكسفام “، التي أُنشئت في أوكسفورد في بريطانيا في العام 1942 خلال الحرب العالمية الثانية، مثيران للإعجاب في مجال التخفيف من حدة الفقر العالمي. ويُعود لها الفضل في مجال محاربة الفقر والحدّ منه على نطاق واسع، وبخاصة في العالم الثالث، حيث لا تزال البطالة والفقر متفشيين بسبب عوامل خارجية وداخلية.
كما وجدت منظمة “أوكسفام” في تقريرها أن الفقر والبطالة والحرمان ليست حتمية بل هي ظروف يُمكِن عكسها. وحقيقة أن 1 في المئة من أغنى سكان العالم يمتلكون 82 في المئة من الثروة العالمية يُثير القلق حقاً وقد يُفسّر، جزئياً على الأقل، لماذا لا يزال كثير من الناس في البلدان التي هي في طور النمو يُحرَمون من مستوى معيشي لائق، بما في ذلك الحق في الغذاء والمياه والطاقة والإسكان والتعليم والصحة. وإذا كان الفقر والحرمان من مستوى معيشي لائق ليسا حتميين ويُمكن معالجتهما بالفعل، فإن جميع البلدان التي لا تزال تعاني من الفقر لأي سبب من الأسباب، يُمكنها أن تعالِج في الواقع هذه المصاعب والمشقات بطريقة عادلة ومتوازنة بالتعاون مع الدول المتقدمة النمو، حيث تتركز معظم الثروة العالمية.
الواقع أن القواعد الدولية تنصّ على أن الدول الغنية مُلزَمة بتقديم مساعدات إنمائية رسمية بنسبة 0,7 في المئة من دخلها القومي الإجمالي إلى البلدان الفقيرة. وبالطبع، فإن قلة من البلدان المُتقدّمة النمو تقترب من تلك النسبة المئوية من المعونة المُقَدَّمة إلى الدول الفقيرة، حيث تقود البلدان الإسكندنافية المجتمع الدولي في هذا الصدد.
وما لم تُقدِّم البلدان الغنية المزيد من الدعم للدول الفقيرة وتقوم البلدان، التي هي في طور النمو، بتحديد أولوياتها بصورة أكثر عقلانية وإنصافاً، فإن هذه الأخيرة ستواصل العمل والعيش في ظل ظروف إقتصادية ومالية ضعيفة وسيئة، الأمر الذي سيوفّر أرضية خصبة للتطرف والتشدد وبالتالي للإرهاب والجريمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى