سلطنة عُمان: جردة عام

على الرغم من التحديات التي واجهتها سلطنة عُمان طوال العام الفائت وتخفيض تصنيفها الإئتماني السيادي الطويل الأجل من بعض الوكالات الدولية، فقد إستطاعت الإبحار ببراعة وتجاوز العثرات الإقتصادية مُحققةً بعض الإنجازات الإقتصادية في العام 2017.

إنتاج النفط في عُمان: إنخفض لكنه أعطى واردات أعلى

مسقط – باسم رحّال

عوّضت أسعار النفط المرتفعة إلى حد ما عن إنخفاض إنتاج الطاقة في سلطنة عُمان، مع تحرك الحكومة لتسريع الإصلاحات المالية وتوسيع قاعدة إيراداتها.
فقد إنخفض الإنتاج النفطي في السلطنة بنسبة 3.7٪ على أساس سنوي في الأشهر العشرة الأولى من العام 2017، حيث بلغ متوسط الإنتاج 970,000 برميل يومياً، مقارنةً مع مليون برميل يومياً في الفترة عينها من العام 2016. ومع ذلك، فقد إرتفعت عائدات النفط بنسبة 32٪، وفقاً للمركز الوطني للإحصاء والمعلومات.
وبفضل زيادة إيرادات الغاز بنسبة 10.7٪ حتى تشرين الأول (أكتوبر) الفائت، فقد ساعدت الأرباح المرتفعة للهيدروكربونات عُمان على تضييق عجز موازنتها إلى 3.3 مليارات ريال عُماني (8.3 مليارات دولار) بنهاية تشرين الأول (أكتوبر)، مقارنةً مع 8.4 مليارات ريال عُماني (12.5 مليار دولار) في الفترة عينها من السنة الماضية.
ومن المتوقع أن يصل العجز في نهاية العام الفائت إلى 3 مليارات ريال عُماني (7.8 مليارات دولار)، وفقاً لتوقعات موازنة العام 2017، من 3.5 مليارات ريال (13.8 مليار دولار) في العام 2016 وعلى قدم المساواة مع توقعات العام 2018.

إنتاج النفط يُساهم في نمو مُسطّح

على الرغم من إرتفاع عائدات الدولة بنسبة 19.2٪ على أساس سنوي خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الفائت، من المتوقع أن ينخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي العُماني بنحو 2.7 نقطة مئوية ليصل إلى 0.1٪ خلال العام 2017، متأثراً بإنخفاض إنتاج النفط.
وفي توقعاته الإقتصادية لعام 2017، الصادرة في تشرين الأول (أكتوبر)، توقّع البنك الدولي أن يتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في عُمان من 2.8٪ في 2016 إلى 0.1٪. ومن المتوقع أيضاً أن ينخفض النمو غير الهيدروكربوني من 3.4٪ إلى 2.5٪ على خلفية إنخفاض الإنفاق العام، والتداعيات الناجمة عن هبوط الإستهلاك وإنخفاض الإستثمار.
في الوقت نفسه، توقّع صندوق النقد الدولي نمواً ثابتاً بنسبة صفر في المئة لعُمان في تقرير التوقعات الإقليمية، الذي صدر أيضاً في نهاية تشرين الأول (أكتوبر). ومع ذلك، فقد أضاف أن الاقتصاد من المقرر أن ينتعش في العام 2018 على النمو في كلٍّ من الإقتصادين النفطي وغير النفطي؛ ومن المتوقع أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.7٪، أي أعلى بكثير من متوسط دول مجلس التعاون الخليجي البالغ 2.9٪.
من ناحية أخرى بقيت الضغوط التضخمية ضعيفة خلال العام 2017، على الرغم من أن إرتفاع أسعار النفط أدى إلى إرتفاع تكاليف النقل، وأدت التخفيضات في الإعانات الحكومية إلى إرتفاع أسعار المياه والكهرباء. وبلغ متوسط التضخم السنوي 1.6٪ من كانون الثاني (يناير) حتى تشرين الأول (أكتوبر) 2017، وفقاً للبنك المركزي.

الإصلاحات الضريبية لتوسيع قاعدة الإيرادات

شهد العام الماضي إتخاذ الحكومة خطوات لتوليد سُبُلٍ جديدة للدخل من طريق إصلاح النظام الضريبي العُماني. وقد شملت التغييرات التي أُدخِلت في شباط (فبراير) الفائت زيادة في ضريبة الشركات من 12 في المئة إلى 15 في المئة، وإلغاء مبلغ ال30 ألف ريال عُماني (000, 78 دولار) المُعفى من الضرائب. كما تمّ تطبيق ضريبة دخل بنسبة 3٪ على بعض دافعي الضرائب على نطاق صغير، في حين تم تمديد ضريبة الإستقطاع بنسبة 10٪ لتشمل الأرباح والفوائد والمدفوعات مقابل الخدمات.
وتأمل الحكومة في أن تولّد الضرائب الجديدة مبلغاً إضافياً يتراوح بين 125 إلى 250 مليون دولار (325 مليون – 650 مليون دولار) سنوياً، على الرغم من أن بعض المُحَلّلين يشعرون بأن التدابير قد تُعوِّق وتنفّر المستثمرين.
“إن فرض التجميد سلبيٌّ على المصارف. إن هذا القطاع يدفع الآن ضرائب على مدفوعات الفائدة ورسوماً إلى البنوك الأجنبية، والتي تستفيد منها البنوك المحلية من أجل السيولة من وقت إلى آخر”. قال لويد مادوك، الرئيس التنفيذي للبنك الأهلي. ومع ذلك، يتابع، فإن “الزيادة في معدل الضريبة على الشركات من 12٪ إلى 15٪ لا تزال تنافسية على الصعيد الدولي، ويُمكن التحكم بها”.

التحديات التي تؤثر في التصنيفات الإئتمانية

كان للإنخفاض الإقتصادي أيضاً تأثير في التصنيفات الإئتمانية للبلد. في أوائل تشرين الثاني (نوفمبر) الفائت، خفّضت وكالة “ستاندرد آند بورز” تصنيف الإئتمان السيادي الطويل الأجل لعُمان بالعملة الأجنبية والمحلية من “BB+” إلى “BB” ، مُعَلِّلةً ذلك بسبب “إستمرار إعتماد السلطنة على الهيدروكربونات كعامل رئيسي”.
وجاء هذا التحرك بعد أربعة أشهر من خفض وكالة “موديز” تصنيف السندات الطويلة الأجل من “Baa1” إلى “Baa2” بسبب المخاوف بشأن نقاط الضعف الهيكلية.
“في الوقت الذي تعكس هذه التصنيفات بعض التحديات التي تواجهها البلاد، فإن خفض التصنيف الائتماني والاداري قد يُحفّز الحكومة على تحسين مناخ الإستثمار مع المزيد من الإصلاحات”، وفقاً للؤي بطاينة، الرئيس التنفيذي لشركة “أوبهار كابيتال”.
وقال متابعاً: “من شأن تخفيض التصنيف الإئتماني العُماني أن يؤدي إلى تسريع جهود الحكومة لتحسين سهولة ممارسة الأعمال. كما أن المستثمرين من جهتهم يُدركون التحديات التي تواجهها السلطنة، وقد قاموا فعلياً بتسعيرها في قراراتهم. لذا لا يؤدي تغيير تصنيف “ستاندرد أند بور” إلى تغيير ذلك”.

تدابير جديدة لتعزيز النشاط التجاري

وسط مخاوفها بالنسبة إلى إهتمام المستثمرين، فقد وضعت الحكومة سلسلة من التدابير طوال العام 2017 تهدف إلى تحسين بيئة الأعمال وتسهيل نمو القطاع الخاص.
وشملت المبادرات تعزيز نظام النافذة الواحدة على الإنترنت بالنسبة إلى الصادرات والواردات، مما يُقلّل الوقت اللازم للإمتثال الوثائقي وتحسين التجارة عبر الحدود؛ وتيسير العمليات المتعلقة بالحصول على تراخيص البناء؛ وتسريع دمج الأعمال وتسجيل الموظفين.
وقد ساعدت الإصلاحات سلطنة عُمان على إحتلال المرتبة 71 من بين 190 بلداً في مؤشر سهولة ممارسة أنشطة الأعمال للبنك الدولي لعام 2018. وعلى الرغم من تراجع البلد خمسة أماكن من مرتبته في العام 2017، إلّا أن المعدل العام للسلطنة البالغ 67.2 كان أعلى بكثير من المتوسط الإقليمي لمنطقة الشرق األوسط وشمال أفريقيا البالغ 56.7.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى