خريطة طريق جديدة تُضاعف أصول صندوق الإستثمار السيادي السعودي إلى تريليوني دولار

تعكف المملكة العربية السعودية على وضع خطط لإنشاء أكبر صندوق ثروة سيادي في العالم وإستخدامه كوسيلة لدفع عجلة النمو الاقتصادي، وهي خطوة سيكون لها تأثير بعيد المدى في الأسواق المالية الإقليمية والعالمية، فضلاً عن فتح فرص جديدة للإستثمار.

أصول صندوق الإستثمارات العامة السعودي محلياً

الرياض – راغب الشيباني

كُشِف النقاب في 25 تشرين الأول (أكتوبر) الفائت عن برنامج صندوق الإستثمارات العامة السعودي لفترة 2018-2020 الذي سيكون خريطة طريق للتنمية تهدف إلى جعل هذا الصندوق أحد أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم.
وتتمثل الأهداف الرئيسية للخطة في زيادة الأصول، التي هي تحت الإدارة، من 230 مليار دولار اليوم إلى 400 مليار دولار بحلول العام 2020 و2 تريليوني دولار بحلول العام 2030، وتحقيق عائد إستثمار متوسط يتراوح بين 4 و5 في المئة بحلول العام 2020، مقارنة ب 3 في المئة حالياً.
وكان ياسر الرميان، المدير العام لصندوق الإستثمارات العامة السعودي، أكثر تفاؤلاً بالنسبة إلى المدى الطويل، حيث قال ل”بلومبرغ” في تشرين الأول (أكتوبر) الفائت أن الصندوق يتطلع إلى تحقيق عائدات تبلغ 8- 9٪ سنوياً بحلول العام 2025.
وبالمقارنة، فإن صندوق الثروة السيادي في النروج – وهو أكبر صندوق في العالم حيث تبلغ أصوله 1 تريليون دولار – يوفر حالياً عائداً متوسطاً قدره 4٪.
ويشكل برنامج صندوق الإستثمارات العامة السعودي لفترة 2018-2020 جزءاً من حزمة الإصلاح الأوسع التي تنفذها الحكومة، بما في ذلك برنامج التحول الوطني 2020 ورؤية 2030 الأطول أجلاً، والتي تهدف جميعها إلى تنويع الإقتصاد بعيداً من إعتماده على الهيدروكربونات ودعم التنمية الإجتماعية .

تعزيز الشراكات الخارجية يشكل عنصراً رئيسياً

من العناصر المهمة الأخرى في الخطة تكمن في زيادة قاعدة أصول الصندوق في الخارج. من المتوقع أن تُمثّل الشراكات الخارجية 25٪ من الأصول بحلول العام 2020، بعدما بلغت 5٪ حالياً. ويمثل ذلك تنوعاً كبيراً في الحيازات – وهو أحد مؤشرات الأداء الرئيسية للبرنامج – وسيكون المصدر الرئيسي بالنسبة إلى مضاعفة أصول الصندوق خلال السنوات الثلاث المقبلة.
وهذه العملية بدأت فعلياً، مع إستثمار الصندوق مبلغ 3.5 مليارات دولار في تطبيق “أوبر” (Uber) المخصص للركاب، وتخصيصه 20 مليار دولار لصندوق البنية التحتية الذي أنشأته شركة “بلاكستون” في الولايات المتحدة، وإعلانه عن أنه سيضطلع بإستثمارات تصل إلى 10 مليارات دولار في شراكة مع صندوق الإستثمار المباشر الروسي.
وكان أحد أكبر إلتزامات الصندوق في أيار (مايو) الفائت عندما أعلنت الحكومة السعودية أنها ستستثمر ما يصل إلى 45 مليار دولار في صندوق تكنولوجي جديد يتم تطويره من قبل سوفتبانك” (SoftBank) في اليابان. ويسعى هذا الإستثمار إلى وضع المملكة في مقدمة ثورة المعلومات، حيث يستهدف “صندوق رؤية سوفتبنك” (SoftBank Vision Fund) بنشاط الإستثمارات عبر قطاع التكنولوجيا، بما في ذلك الروبوتات والذكاء الإصطناعي.
في 26 تشرين الأول (أكتوبر) الفائت، ذهب صندوق الإستثمارات العامة أبعد من ذلك. فقد أعلن المسؤولون فيه أنه سيستثمر 1 مليار دولار في برنامج السياحة الفضائية لشركة “غلاكتيك” التابعة لمجموعة “فيرجن”.
وفي جهوده الرامية إلى زيادة حيازات الأصول في الخارج يتطلع الصندوق أيضاً إلى إرتباطات مع شركاء في الخارج كقوة دافعة لجذب الإستثمار الأجنبي المباشر إلى المساعي المحلية، لا سيما عندما يكون نقل المعرفة مطلوباً لتوطين تطوير التكنولوجيات الجديدة. ومن المتوقع أن يبلغ الإستثمار الأجنبي المباشر التراكمي بين عامي 2018 و2020 مبلغ 20 مليار ريال سعودي (5.3 مليارات دولار)، مدفوعاً جزئياً بشراكات أجنبية.

مساهمة الخصخصة في الموارد

سيأتي بعض الأموال المطلوبة لخطة الإستثمار للصندوق من برنامج الخصخصة في المملكة العربية السعودية. وهناك عدد من الصناعات وأنشطة الدولة من المقرر بيعها جزئياً أو كلياً، مما يتيح فرصاً للمستثمرين المحليين والأجانب. ومفتاح هذا البرنامج هو العرض المخطط لبيع نسبة 5٪ من شركة النفط العملاقة الحكومية أرامكو السعودية، المتوقع في العام 2018.
بصفة عامة، يهدف برنامج الخصخصة إلى توليد 300 مليار دولار، وفقاُ لما صرح به مسؤولون لوسائل الإعلام المحلية. وسيتم إقتراض موارد إضافية من خلال أسواق رأس المال وجمعها من إيرادات الأصول الموجودة التي يُعاد إيداعها في الصندوق.

منطقة “نيوم” الصناعية مشروع رئيسي

أحد المشاريع الطموحة الرئيسية الذي يدعمه الصندوق هو مشروع “نيوم”، وهو منطقة صناعية تبلغ مساحتها 26,500 كيلومتر مربع على طول ساحل البحر الأحمر وخليج العقبة في المملكة العربية السعودية. وستشمل المنطقة، التي يموّلها صندوق الإستثمارات العامة السعودي والقطاع الخاص المحلي والدولي بحوالي 500 مليار دولار، أراض في الأردن ومصر.
ومن المتوقع أن يستخدم المشروع بشكل واسع الأتمتة وتبادل البيانات – بما في ذلك الحوسبة المعرفية وإنترنت الأشياء – لتحسين كفاءة المدينة في مجالات تشمل المياه والمرافق والطاقة المتجددة والتكنولوجيا الحيوية والغذاء والتجهيز الزراعي وتصنيع التكنولوجيا المتقدمة، فضلاً عن المرافق السكنية والإجتماعية والترفيهية. الأهم من ذلك، تهدف “نيوم” إلى أن تصبح مركزاً للعلوم الرقمية والروبوتات.
وستحتاج المدينة إلى إستثمارات واسعة النطاق في البنية التحتية في منطقة متدنية النمو، مع الحاجة إلى أعمال النقل واللوجستيات الجديدة قبل البدء في تنفيذ المشروع.
ويُمكن أن يكون لنطاق نيوم وغيره من المشاريع تأثير كبير في صناعة البناء المحلية، حيث سييتم خلق 256,000 وظيفة في قطاع البناء في الفترة حتى العام 2020، وفقاً لتقديرات برنامج صندوق الإستثمارات العامة السعودية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى